المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

أثار العولمة على المرأة فى شعب ماساى

0

مقدمة:

كان للعولمة كنظام سياسي، واقتصادي, نصيب كبير من الّاّثار الإيجابية والسلبية على الحياة وسبل العيش في مجتمعات الرعاة فى شرق أفريقيا, وخاصة قبائل الماساى, باعتبارهم أهم الرعاة فى شرق أفريقيا. وقد كان دخول المستعمرين لهذه المناطق فى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, تمهيدًا وبدايًة لانفتاح هذه المناطق وغيرها على الحضارة الحديثة, وبداية تناقص مساحات كبيرة من الأراضي المخصصة للمراعي لصالح الأطماع الاستعمارية, وعدم توفير البدائل المناسبة لهم, مما أدى أيضًا إلى الهجرات المتكررة لقبائل الماساى في كل من كينيا وتنزانيا.

وتتواجد المراعي الطبيعية غالبًا, فى المناطق الجافة والغير صالحة للزراعة, وهى تعتمد على الأمطار التى توفر البيئة المناسبة للمراعى. ولا تزال المراعى تنتشر إلى حد كبير فى الاراضى المنخفضة من الوادى المتصدع فى شرق أفريقيا, وهى الأراضي التى يعيش فيها غالبية قبائل الماساى. ويعتبر شعب الماساى أن الماشية هي المصدر الرئيسي لرزقهم الذى يعيشون عليه, وكذلك لأهميتها فى الأغراض الثقافية والدينية. ويعيش مجتمع الماساى فى قرى, وتضم كل قرية عدة أسر بهدف الأمان, وتحقيق التكامل فيما بينهم, حيث يمتلك شعب ماساى الموارد من الأرض والمياه والمراعى, ويتشاركون فيها بشكل جماعي، لإيمانهم أن الله خلق كل شىء لصالح الجميع, على أساس التكافل المتبادل, وتكافوء الفرص لكل فرد من أفراد المجتمع.

ويحتفظ مجتمع الماساى بتنظيم عسكرى فى تسلسل هرمى, وهو مسئول عن ضمان أمن البشر والماشية, ويشتهر المحاربون فى الماساى بشجاعتهم, خاصة مع الحيوانات البرية المتوحشة كالأسود والنمور, والضباع, ويمارس الماساى نوع من الرعي, الذي يتميز بتنقلات موسمية منتظمة إستجابة لتقلبات المناخ, يتجمعون في مستوطنات شبه دائمة خلال موسم الجفاف وتشتت إلى معسكرات مؤقتة أثناء موسم الأمطار  حيث نجدهم أثناء موسم الأمطار, ينقلون قطعانهم إلى الأراضي المنخفضة والسهول حيث يرعون حيواناتهم على العشب الطازج, وخلال فترات الجفاف ينتقلون إلى المرتفعات حيث تتوافر الموارد اللازمة للرعى, مثل المياه, والأعشاب, وتضمن هذه التنقلات المنتظمة والمدروسة, حصول النظام البيئي اللازم للمرعى على فرصة للتعافي بعد الرعى فى المكان لعدة شهور. ويحتفظ الماساي بأعداد كبيرة من الماشية بهدف الحماية ضد صدمات البيئة الغير متوقعة, مثل الجفاف الغير متوقع, والأمراض الوبائية, والمجاعات. ومن الأقوال المأثورة عند المرأة فى شعب الماساى والتى تؤكد إرتباطها بالأرض والأسرة: “هناك شيئان لا يمكن التخلى عنهما, الإبن والأرض”. وقد شعر الماساى بأثر العولمة لأول مرة بعد مؤتمر برلين في الفترة من 1884-1885, حيث تم تقسيم القارة الأفريقية من قِبل القوى الاستعمارية الأوروبية فى ذلك الوقت, والتى فرضت حمايتها على القارة الأفريقية من خلال رسم حدود جديدة بهدف تقسيم المجتمعات الأفريقية إلى عدة بلدان تحت سيادتها. وكان هذا هو الحال بالنسبة للماساي فى شرق إفريقيا, الذين وُضعوا تحت حماية البريطانيين في كينيا والألمان في تنزانيا (1).

منهج البحث:

تم الإعتماد على المنهج الوصفى “المسحى الإجتماعى”, أو “دراسة إثنوجرافية” “Ethnography”, حيث تم دراسة ظروف مجتمع الماساى عموماً, ومجتمع المرأة بوجه خاص, مع بحث ودراسة نتائج الدراسات الميدانية التى تمت مع أفراد الماساى فى أماكن حياتهم الأصلية, والإطلاع على الكثير من البحوث والتقارير المنشورة فى هذا الشأن, وقد تم تحديد المنطقة الجغرافية للدراسة والتى تنحصر حول الوادى المتصدع, بشرق أفريقيا, “جنوب كينيا وشمال تنزانيا”, ومعظمها مناطق تخضع لنظام المحميات الطبيعية.

الهدف من الدراسة:

* دراسة, وعرض, أثار العولمة, والانفتاح الحضارى بين كل شعوب العالم, وأثره على الحياة الإجتماعية للمرأة فى شعب الماساى.

* دراسة دور المرأة الافريقية فى نموذج من أهم القبائل البدائية فى قارة أفريقيا, بهدف تغيير النظرة الدونية تجاه المرأة فى القبائل الأفريقية, خاصة فى قبيلة الماساى, للتأكيد على انها تستحق وبجدارة المزيد من الإعجاب والإحترام.

* توضيح أهمية دور المرأة بشعب ماساى فى المشاركة مع الرجل لنجاح وسعادة الأسرة, والمجتمع فى الماساى.

* توثيق التراث الثقافى لشعب الماساى, وهو من الكنوز الثقافية لحضارة الإنسان, والذى قد يندثر مع العولمة.

أهمية الدراسة: نوجز أهمية الدراسة, من خلال المحافظة على الثقافات الإنسانية التى تندثر بسرعة من حولنا, ولن نجدها قريباً, من خلال تسلل العولمة خلال هذه الحضارات الغنية بالقيم والتقاليد, ومحاولة تطوير هذه الشعوب لمواكبة العولمة, مع إحتفاظهم بتراثهم الإنسانى بقدر الإمكان.

من هم الماساى:

شكل رقم (1): منطقة الوادي المتصدع, أرض الماساى بشرق أفريقيا

الماساي هم رعاة, عُرفوا بأنهم من البدو الرحل, يعيشون حول منطقة الوادي المتصدع شرق أفريقيا, ويمكن تصنيفها حاليًا على أنها قبائل شبه بدوية, حيث بدأت تجمع بين الترحال والاستقرار. ويحتفظ شعب الماساى بجميع أنواع الحيوانات الأليفة مثل الأبقار والماعز والأغنام والحمير وما إلى ذلك, ويعتمدون كثيرًا على منتجاتهم لتلبية احتياجاتهم اليومية, وطعامهم

(اللحم, واللبن ومنتجاته, ومخلوط اللبن مع دم البقر), باستثناء الحمير التي يتم الاحتفاظ بها عن قصد لاستخدامها كوسيلة لنقل المياه, والطعام, ونقل المرضى إلى مكان يمكنهم فيه الحصول على المساعدة الطبية.      شكل رقم (2): رجال ماساى يشربون الدم باللبن

 يعيش الماساي في السهول الداخلية حيث يمكنهم الحصول على المراعي, والمياه المناسبة لقطعانهم, ويعيشون فى معسكرات دائرية الشكل, تسمى “بوما”, يحتوى كل معسكر على عدد من الأسر فى منازل مستطيلة الشكل, ويحيط بكل معسكر سياج شوكية يتم جمعها من النباتات الشوكية بالبيئة, وهى للحماية, خاصة من الحيوانات المفترسة. ويمكن أن يكون المعسكر كبيرًا, أو صغيراً, إعتمادًا على عدد الأسر التي تعيش فيه, ولكل منزل فتحة واحدة فقط هى بوابة المنزل, والمنازل ذات سقف محكم من الروث والطين, للحماية من الظروف البيئية, تبني النساء المنازل عادة،‏ وتصنعها من اغصان تُحبك مع الاعشاب ثم تُطلى وتُسد فراغاتها بإحكام بروث البقر. وفي الوقت الحاضر, يتم بناء العديد من المنازل الحديثة المصنوعة من الطوب, والسقف من الصفائح المعدنية.

مجتمع الماساى مجتمع أبوى، بمعنى أن الأب هو محور الأسرة من حيث المسئولية واتخاذ القرارات, وله احترام كبير من كل أفراد الأسرة. وقد تم الحفاظ على تقاليد وثقافة الماساى, من خلال النقل الشفهي من جيل الى جيل  وللرجال من الماساى الحق في الزواج أكثر من زوجة, وفقاً لرغبته وقدرته, حيث يجب أن يكون له العديد من الأبقار لدفع المهر من الماشية لوالد العروسة, ويكون فى حدود أربعة إلى عشرة أبقار. وليس للمرأة الرفض أو القبول, لأن الأب, أو الأخ الأكبر فى حالة وفاة الأب هو صاحب القرار الوحيد. وتنتشر فى الماساى “ختان الإناث”, وهو شرط أساسى لزواج الفتاة، لأن “عميلة الختان”, تنقل الفتاة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة إستعدادها للزواج, وتنحصر وظيفة الفتاة قبل الزواج فى مساعدة أمها فى أعمال المنزل, والمساعدة فى عمل الحلى والهدايا لعائلاتهم والأصدقاء, والبيع للأجانب, وتشارك أحيانا فى رعى الأغنام والماعز فى حدود المنزل (2).

الحياة الدينية للماساى:

يؤمن الماساى بوجود إاله واحد, ويسمى “إنكاى”, وذلك مثل كل الجماعات العرقية فى أفريقيا, ويعتقد الماساى أن “إنكاى” هو “شخصية أنثوية”, وله جانبان, “الإله الأسود” وهو رمز الكرم والطيبة, والمحبة, ويجلب الأمطار لينمو العشب فى المراعى, و”الإله الأحمر”, وهو رمز الشر, الذى يعاقب وينتقم, ويجلب الرعد والصواعق. وهم لا يعتقدون فى عبادة الأسلاف كما تعتقد كل القبائل الأفريقية الاخرى, ولا يعتقدون فى الحياة بعد الموت, وأن الروح تنتهى بعد موت الجسم, ولذلك لا تُدفن موتاهم, ولكن تترك لتتحلل فى الطبيعة. وليس لديهم أى نوع من الكهنوت أو المباني المقدسة، كالمساجد أو الكنائس (3). ومثلهم مثل كل المجتمعات الرعوية مجتمعات أبوية, وهم أناس متدينون تمامًا مثل الجماعات العرقية الأفريقية الأخرى, وتتميز حياتهم في معظمها بالعبادة. ويعتبر الماساي أن “إنكاى” مقدسًا، ومعصومًا من الخطأ، وبيده الأمطار, والماشية, والمرض, والفقر, وأنه يوفر الحماية لكل البشر, وأنه هو “الأول والأخير و الخالق, والمميت, وبيده كل شىء”. ويعتبر الماساى أن الكوارث مثل الجفاف, والأمطار الغزيرة التي تدمر المحاصيل والحيوانات, والعواصف الرعدية, والأمراض التي تصيب البشر والماشية على حد سواء, والهزيمة في الحروب, والفقر, ونقص الأطفال, وكل مايضر البشر, تعبر عن غضب الله, وأن كل النعم, والازدهار, وكل أسباب السعادة,  تدل على رضا الله تجاه شعبه. ويختلف شعب ماساى عن الجماعات العرقية الأخرى فى أفريقيا, أنهم يتجهون بالصلاة والدعاء الى الاله “إنكاى” مباشرة, وليس عن طريق وسيط يقربهم اليه, كأرواح الأجداد مثلاً, كما هو موجود فى كل الجماعات العرقية الاخرى فى أفريقيا. ويمكن إجراء عبادتهم في أي وقت, ولكن يتم إجراء معظمها مرتين في اليوم, الأولى في الصباح الباكر والثانية في المساء. ويتم ذلك في الغالب عن طريق رش الحليب على الهواء من خلال مواجهة الجانب الشرقي في عبادة الصباح الباكر, و رش الحليب على الهواء من خلال مواجهة الجانب الغربي في المساء قبل النوم, والسبب هو شكر الله على توفير الماشية, والخير للعائلة, طوال اليوم. ويتم إجراء صلوات الماساي يوميًا بغرض طلب النعم والرفاهية والسلام والازدهار والمصالحة والغفران, والحماية, والإرشاد من الله ويمكن للجميع أن يصلوا في أي مكان, مع العلم أن المرأة فى الماساى أكثر تمسكاً بالصلاة والدعاء من الرجل, وربما يرجع ذلك لارتباطها الشديد بأسرتها وخوفها أن يصيبهم أى سوء (4).

صلاة ماساى للمؤنث: ” إنكاى أومون إنتومونو ” بمعنى “يارب, أصلى من أجل أولادى ” صلاة ماساى للذكر: ” إنكاى ناى نشوكى إنكيما ” بمعنى ” يارب, أصلى من أجل الطعام للاسرة ” (5).

العولمة والماساى:

 العولمة هو مصطلح واسع من ناحية المفهوم، ويختلف من كاتب إلى اخر, حيث يطلق عليه أحياناً ” التزاوج بين الثقافات ” وقد تجعل الناس من الشعوب البدائية, يتطلعون إلى أن يكونوا أعضاء في ثقافات أخرى تبدو أكثر جاذبية لمشاعرهم, وبالتالي, يمزجون الثقافات, أو يتخلون عن ثقافاتهم ويتحولون إلى ثقافات أخرى, حيث تتسرب بعض المفاهيم أو الثقافات الغير مناسبة لثقافة وتقاليد المجتمع. وهذا ما يتضح بشدة فى الرعاة بشعب الماساي, والذى يعيش حالياً في مرحلة إنتقالية, من خلال محاولة تمسكه بقوة “بالتقاليد والثقافات الموروثة”, مع تبني “طريقة الحياة الحديثة” والتى هى أكثر رفاهية وجاذبية كما ذكرنا سابقاً, خاصة للأجيال الأصغر سناً. ويعيش الماساى خلال السنوات الأخيرة فى معادلة صعبة “لتحقيق التوازن” بين هذين النقيضين. ومع ذلك, فإن الماساي وغيره من الشعوب الأصلية الأخرى, لا يمكن أن يعيشوا في عزلة, ويجب عليهم تأمين مكانهم في عصر الانفتاح الاضطراري بدون خيارات, ولكن بالأسلوب الذى يناسبهم, لأنه على الرغم من أنه غالبًا ما يُنظر إليه كمجتمع تقليدي, غير متحرك, إلا أن ثقافة الماساي, مثلها مثل كل الثقافات, ديناميكية ومتغيرة, حيث أن تأثيرات العولمة, والتكنولوجيا الحديثة, بدأت تتضح في مجتمع الماساي كما هي في أي مكان آخر من العالم, وقد بدأت منظمة “سيمبا ماساى للتوعية” فى كينيا, وهى منظمة غير حكومية, تضم حوالى 500 عضو, بجمع وتخزين وتوثيق, المواد الثقافية ذات القيمة فى مجتمع الماساى, ومعظم هذه العناصر معرضة للاندثار, وهو أمر بالغ الأهمية, وتم جمع وعرض كافة العناصر التى تم جمعها فى متحف محلى باسم ” بيت المعرفة البصرية “, ويعتبر من المقاصد السياحية التى تخصص إيراداته لصالح شعب الماساى (6).

وهناك اعتقاد خاطئ يروجه الإعلام وكافة الأدبيات الغربية, بأن شعب الماساي لا يزال من الشعوب البدائية, وأنه لا يزال يمارس الحياة البربرية التي عفا عليها الزمن, ويُظهر صورهم دائماً شبه عارية على أغلفة كتب السفاري المصورة, والتي تهدف إلى جذب السائح طمعاً فى  الثروة التي تجنيها هذه الجهات, والتى تعود عليهم بأرباح طائلة, لقد تم إساءة استخدام سماتهم الساذجة والطيبة, وإساءة تفسيرها على أنها تعني البدائية والتخلف. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعرفونهم, فإن الماساي هم في الواقع شعوب ذكية, ومسالمة, ينتشر بينهم الحب والمودة, خاصة مع الضيوف (7). ويحضرنى هنا مقولة الزعيم الأفريقى “جوليوس نيريرى”, وهو أول رئيس لجمهورية تنزانيا المتحدة, حيث قال: ” كل من يتخلى عن ثقافته هو عبد “, وكان الرئيس نيريري يهدف إلى إظهار أن هوية الشخص متأصلة في ثقافته, وأنه إذا تركت تراثك الثقافي وراءك ، فأنت تتخلى عن هويتك, وبمجرد أن تفقد هويتك تصبح عبداً بالفعل (8).

أثر العولمة على العائلة التقليدية فى شعب الماساى:

العائلة فى الماساى هى وحدة متماسكة بإحكام, حيث يكون لجميع الأعضاء أدوار محددة, ولا تشكل الفتيات, والفتيان, والنساء, والرجال, هيكلاً إجتماعيا فحسب, بل يشكلون معاً وحدة اقتصادية مترابطة, يصب كل أفرادها لصالح الأسرة, “الأب والأم, والأبناء”, ولصالح الأسرة الممتدة وهى “كل فروع الأسرة”, مما يشكل دعماً نفسياً وأجتماعياً قوياً, بالأضافة للشعور بالأمان لجميع الأفراد, والذى يصب فى النهاية لصالح الجميع فى العائلة الكبيرة. وبالنسبة للزواج, ليس للفتاة رأى فى اختيار الزوج, أما بالنسبة لحقوق الملكية, نجد أنه ليس للفتاة أى حق للوراثة فى ممتلكات منزل والديها, ويعتبر هذا إجراءً إحترازياً لأنها سوف تتزوج وفقًا لإختيار الأسرة, وستنتقل إلى منزل زوجها, وينطبق الشيء نفسه مع الثروة الحيوانية.

قد تتمكن البنت من الوصول إلى المخزون في منزل والديها للمحافظة على مصدر رزقهما, لكن دون إمتلاكه. معظم الأسر متعددة الزوجات, وكلما زاد عدد الزوجات والأطفال, كان وضع الزوج ومكانته في المجتمع أعلى. وترتبط العائلات بعلاقات الدم, وتشمل الزوج والزوجة, وأطفالهم, والزوجات, وأطفالهن, وكذلك عشائر الأزواج التي قد تضم مئات من أفراد المجتمع الآخرين. ويتم إنشاء روابط قوية بين مختلف أفراد الأسرة الكبيرة من خلال تبادل الموارد المتاحة لدى كل منهم كدليل على حب المصلحة المتبادل بين الجميع, كما نجد أن كل فرد من أفراد الأسرة مسؤول عن رفاهية بعضهم البعض, وأولئك الذين يعيشون على مسافة قريبة أيضاً, وهذه المسئولية تشمل الأطفال, حيث يتم معاملة كل طفل على أنه “طفلنا” جميعاً, وكذلك إستكمال عملية التنشئة الاجتماعية للطفل هى مسؤولية جماعية لجميع أفراد مجتمع الأسرة الكبير, وكذلك بالنسبة للموارد, ُتعتبر موارد للأسرة الكبيرة, وأن الِحفاظ عليها وتنميتها مسئولية الجميع. على الرغم من كفاح وتمسك الماساي للحفاظ على طريقة حياتهم التقليدية لفترة طويلة, إلا أنه من الواضح الآن أنه لم يعد بإمكانهم مقاومة ضغوط العالم الحديث, وبدأت ثقافة الماساى تندثر بسرعة. ويكافح الماساي حاليًا للحفاظ على تقاليدهم ويبحثون بدلاً من ذلك عن وسائل بديلة للبقاء من خلال الإنخراط في أشكال معيشية أخرى وممارسات غير مألوفة لهم (9).

المسئوليات اليومية للمرأة فى “المجتمع التقليدى” للماساى:

لاتزال المسئوليات التى تتحملها المرأة فى شعب ماساى كبيرة ومهمة للغاية, وهى تؤديها بقبول وحب. وأهم هذه المسئوليات المحافظه على الأسرة, من خلال تنظيف المنزل, وتجهيز الطعام للأسرة على مدار اليوم, بالأضافة الى الرعاية الخاصة للأطفال, وحلب الماشية, وصيانة الكوخ بأستمرار, بالإضافة إلى جمع الحطب والمياه بالسير لمسافات بعيدة عن الكوخ يومياً. وتستغرق واجبات المرأة وقتاً طويلاً خلال اليوم, حتى أن المرأة “خاصة المتزوجة” لا تجد وقتاً للراحة, أوالإسترخاء خلال اليوم إلا عند النوم, بعكس الرجال لديهم وقت طويل للإسترخاء, والتواصل الاجتماعى,وبالنسبة للفتاة, فقد تجد قسطاً من الحرية, والراحة, حيث أنها لا تزال غير مسئولة عن حياة الأسرة. ونجد حالياً أن بعض نساء الماساى تحملن بمسئوليات إضافية جديدة كالتعليم, أو العمل فى المؤسسات الحكومية, بهدف تحقيق إيرادات إضافية للأسرة.

حلب الأبقار وتنظيف المنزل:

شكل رقم (3): المرأة فى الماساى تحلب البقرة مع شروق الشمس, كما تحرص على رضاعة العجول الصغيرة

تبدأ المرأة فى الماساى يومها قبل شروق الشمس, وتبدأ النساء بتنظيف المنزل, وتنظيف الاوانى, والمقالى بالرماد لإستعمالها نظيفة خلال اليوم, ثم تذهب لحلب الابقار وإذا كان هناك عجول صغيرة, فعادة ما يتم الاحتفاظ بها فى الليل بغرفة مبنية لهذا الغرض فى وسط المعسكر, لحمايتها من الحيوانات المفترسة, والطقس البارد, وتجلب النساء العجول الصغيرة إلى الحظيرة للرضاعة, أثناء قيامها بعملية الحليب, ثم يعدن النار للطهي, وعادة يكون الفطور من العصيدة والشاي لأطفالها, وأيضاً لأي صبية قبل ذهابهم إلى الرعي. وبعد الفطور يجب على النساء مرة أخرى التأكد من الحفاظ على المنزل مرتباً, وتنظيف جميع الأوانى والمقالى المستخدمة فى إعداد الفطور بدعكها بالرماد, ثم تتأكد بعد ذلك من خروج الأبقار للرعى مع الصبية, وتعود بعد ذلك لمتابعة مهامها الأخرى.

 

 

 

إعداد الطعام: مع اقتراب المساء, يعود الرجال بالماشية من الرعي, وتقوم الزوجة بإشعال النار, و تحضير بعض الشاي لهم. يأكل الماساي في وقت متأخر من المساء, حوالى  التاسعة مساءً. يعتقد الكثيرمن الناس أن شعب الماساي اليوم لا يتناولون سوى اللحوم ومخلوط الدم مع الحليب ولكن في الواقع, يأكل معظم الماساي “الأوغالي”, وهي عصيدة سميكة, مصنوعة من دقيق الدخن, أو الأرز مع الفاصوليا والملفوف والخضروات الأخرى كعنصر أساسي, ويتم شراؤها من البلدة, حيث لا يُسمح بالزراعة داخل المحميات الطبيعية, بل إن الإسراف فى أكل اللحوم يعتبر من المحرمات, كما أنه يهدد مستوى المخزون من اللحوم, حيث يعتبر شعب الماساى أن الماشية ورصيد اللحوم كالحساب المصرفى فى الثقافات الحالية, ولذلك يتم تناول اللحوم بحكمه, ويتم خلط الفائض منها بنوع من الدهون يسمى ” البوردا “, وتخزن فى حاويات من الصفيح, وتؤكل وقت الحاجه , كما يتم أيضا تخزين اللبن, ولكن لمدة ثلاثة أيام فقط, حيث تقوم الأم بعد تنظيفه بخلطه مع عشبة تسمى ” أولويرين “, وهى عشبة حافظة للحليب. وغالبًا ما يتم تفويض مهام مثل تقطيع اللحوم إلى الفتيات صغيرة السن بهدف تدريبهن على أعمال المنزل, ومساعدة الأم, وبعد العشاء, تضع النساء أطفالهن في الفراش وتبقى معهم حتى يناموا (10).

شكل (4): نساء الماساى تجهز العصيدة للأسرة

 

 

 

 

 

 

جمع المياه:

شكل (5), (6): المرأة فى الماساى تملأ المياة, وتنقلها لمسافات طويلة حتى المنزل

يعد جمع المياه مهمة سهلة نسبياً خلال موسم الأمطار, حيث تتدفق الجداول في معظم الأنحاء, ونادراً ما يكون العثور على مصدر المياه مشكلة فى هذا الوقت. ولكن خلال موسم الجفاف, وهو الموسم الأطول, تجف الجداول وتُجبَر النساء على السير لمسافات أطول. وعلى الرغم من ذلك, فإن جمع المياه مهمة اجتماعية, وغالباً ما تذهب النساء في مجموعات لجمع الماء, وغسل الملابس, والاستمتاع بالدردشة وصحبة بعضهن البعض. وإذا كانت المرأة المتزوجة مشغولة للغاية, فإنها ترسل بعض أفراد الأسرة من الفتيات لهذه المهمة. وبما أن هؤلاء النساء الأصغر سناً يتحملن مسؤوليات أقل, فقد يقضين بعض الوقت في التواصل الاجتماعي والمزاح مع أقرانهن من الفتيات في حفرة المياه, قبل حمل الماء إلى المنزل, مما يجعل المهمة محببة فى هذه الحالة. وفى حالة قلة المياه تستخدم النساء قدحاً صغيراً من الصفيح لتجميع المياه وملئها فى حاويات بلاستيكية كبيرة, وبعد التجميع يتم ربط الحاويات البلاستيكية, والى تصل حتى 25 لتر بقطعة قماش ملونة, وتربط على ظهر المرأة, لتسير بها حتى المنزل, وهى مهمة يومية. مع الأخذ فى الإعتبار أن المياه قد تكون ملوثة ومتسخة بالنفايات, مما يجعل المرأة بعد ترسيب المياه لفصل النفايات, يتم غليها وتركها فترة لتبرد قبل الاستعمال.

جمع الحطب:

شكل رقم (7): نساء الماساى يحملن الحطب من الغابة إلى المنزل

 يتم إشعال النار عادة في الصباح والمساء في كل منزل, لإعداد وجبات الطعام خلال اليوم, وبالتالي فإنه من المهم الحفاظ على تعبئة مخازن الحطب باستمرار. ويتم أخذ الحطب من الأشجار والشجيرات المحيطة, ولا تقطع النساء الأشجار بأكملها, ولكنهن يستخدمن المناجل لإزالة الفروع التي يمكن حملها بسهولة إلى المنزل, وللحفاظ على استمرار نمو الأشجار. إذا كانت هناك غابات قريبة, فقد تقوم النساء ببساطة بجمع فروع صغيرة عند الحاجة إليها. ومع ذلك, بالنسبة لتلك المنازل البعيدة عن الغابة, ستجمع النساء حِزَماً كبيرة, ويستخدمن أحزمة من الجلد لربطها معًا حول كتفيها لحملها إلى المنزل. مرة أخرى, وقد يتطلب هذا حمل حمولة ثقيلة لمسافة طويلة (11).

بناء وصيانة الكوخ:

يتم تصنيع أكواخ الماساي من هيكل أساسي يتم إنشاؤه بواسطة أعمدة خشبية (من أغصان الشجر) مثبتة في الأرض, وتمتلئ هذه الأغصان بفروع أصغر ومغلفة بروث الأبقار, وغالبًا ما يتم خلطها بالماء أو الطين أو البول أو الرماد, وهي أيضا المغلفة للأسطح وفوقها القش أوالعشب المجفف المضغوط.

شكل رقم (8): المرأة فى الماساى تقوم بإصلاح سقف الكوخ

فى السنوات السابقة, عندما كانت قبائل الماساي دائمة الترحال, كان لا يتم بناء المنازل إلا لبضعة أشهر حتى تنتقل القرية لإيجاد مناطق رعي أفضل للماشية. وحالياً, بعدما أصبح الماساي متمركزين إلى حد كبير, لا سيما بمناطق المحميات الطبيعية, فإن المنزل المستقر يسمح للأطفال بالالتحاق بالمدرسة, والبقاء بالقرب من مرافق الرعاية الصحية, لذلك يجب إصلاح المنازل بشكل روتيني من أجل البقاء على قيد الحياة, خاصة قبل موسم الأمطار للمحافظة على المنزل وإستقرار الأسرة, وهذا يعني إعادة تسقيف السطح بروث البقر الجديد, والعشب المجفف, وتقوية الجدران, ودك الأرضيات بالتراب والرمل. ونظراً لأن منازل الماساى لم يتم بناؤها لتدوم طويلاً فأنه يجب أن يتم بناء أكواخ جديدة بإستمرار وخاصة لحالات الزواج الحديث.

تصنيع المشغولات اليدوية وتسويقها:

شكل رقم (9): نساء الماساى, تقوم بتصنيع المشغولات اليدوية وتسويقها

تستغل المرأة فى الماساى أى وقت فراغ خلال اليوم فى أعمال الخرز والاكسسوارات, والأساور, والقلادات, وتصنيع المجوهرات كهدايا قيمة فى المناسبات والإحتفالات, كما يقمن بعمل نماذج صغيرة من الحيوانات الموجودة بالبيئة, وتعتبر هذه الأعمال من الإيرادات المهمة للأسرة, والتى يمكن تسويقها بين بعضهن البعض كما يقبل عليها زوار المحميات من السائحين. ورغم أن ثقافة الماساى لا تزال لا تسمح بتملك المرأة للأموال, حيث لا يزال الرجال يحتفظون برأس المال بالكامل ويتحكمون في قرارات الإنفاق في منزل العائلة. بيع الخرز هو وسيلة للنساء للوصول إلى رأس المال الخاص بهن تماما. ويكون هذا الوقت غالباً فى فترة بعد الظهيرة, عندما تكتمل الأعمال ولم يرجع الرجال والشباب من الرعى. وتكون هذه الأعمال مقترنة بمتابعتها لأطفالها الصغار بالمنزل, وتأخذهم معها فى حالة وجودها بمركز بيع المشغولات اليدوية.

 

 

العناية بالأطفال:

 طوال اليوم, تكون المرأة فى الماساى مسؤولة عن رعاية أطفالها, وأطفال أفراد الأُسر الآخرين داخل المعسكر. ومن الشائع في ثقافة الماساي, أن تعيش طفلة صغيرة بعيدًا عن والديها مع عائلة أخرى, ويكون هذا لأسباب عملية, مثل سهولة الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية أو مراكز التعليم, أو لمجرد أن أحد الأقارب يشعر بإتصال قوي ومودة لطفل الأخت أو الأخ. قد تأخذ المسنات بشكل خاص, اللاتي كبر أطفالهن. طفلاً أصغر سناً للرفقة, ولمساعدة النساء الأصغر سناً. وبعد الانتهاء من جميع الأعمال اليومية, يجب أن تتأكد الأم من نوم أطفالها بأمان وراحة.

شكل (9): الأم فى الماساى تأخذ أطفالها معها فى كل تنقلاتها الخارجية

القيام بمهام القابلة أو الداية:

 بالإضافة إلى الأعمال اليومية التى تضطلع بها المرأة فى الماساى, إلا أن هناك دوراً أخر لا يقل أهمية يمكن أن تضطلع به المرأة المتزوجة في مجتمعها, وهو دور الداية أو القابلة, وقد وُجد هذا الدور الهام للمرأة المتزوجة مع صعوبة الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية المتخصصة, بالإضافة إلى خبراتهن العملية فعلاً فى هذا المجال, حيث تقدم هؤلاء النساوة خدمة حيوية لمساعدة النساء الحوامل طوال فترة الحمل والولادة, وقد تقوم أيضاً بختان الإناث.

ويتم إكتساب هذه المهارات شفهياً, كخبرة عملية  يجب ممارستها لسنوات طويلة من المراقبة والتدريب مع القابلات الأكبر سناً قبل السماح لأي امرأة بالمساعدة في الولادة فعلياً. وعلى الرغم من أن المهارات غالباً ما تنتقل عبر الأسر, فإن أي امرأة مهتمة يمكنها أن تتعلم مهارات القابلات إذا وجدت مدربًا راغبًا. وتقدم القابلات التدريب الكامل لضمان الخبرة الكافية والثقة بالنفس, وكيفية تهدئة المرأة الحامل خاصة فى الفترات الحرجة, قبيل وأثناء وبعد الولادة. وتقوم القابلة بزيارة ومتابعة المرأة الحامل في وقت مبكر من الحمل, نظرًا لأن بعض أمهات الماساي صغيرات السن, ويجب التأكد من أنها تدرك جميع التغييرات التي تحدث وستحدث في جسدها خلال فترة الحمل والولادة, كما ينصحون النساء الحوامل بالتغذية المناسبة لها والراحة من أعمالهن اليومية خاصة الأعمال الشاقة,  والأهم أن تقدم لها الطمأنينة والهدوء النفسى وحب  الأمومة, بعد الولادة,  كما تساعد في الأيام الأولى للأمهات بعد الولادة بتوضيح الأسلوب الأمثل للرضاعة الطبيعية, وطريقة التعامل مع المولود, ويجب أن تقضي الأم فى الماساي عدة أشهر في المنزل مع طفلها الجديد, و تمتنع عن أعمالها اليومية, وهى إستراحة مُرحب بها لنساء الماساي. وعلى الرغم من نقص التدريب الطبي للقابلات, فقد ساعدت القابلات التقليديات العديد من الأمهات والأطفال في المناطق التي لا توجد فيها خدمات صحية. ويتم تقدير القابلات كعضو هام جدًا في المجتمع, ويحظين باحترام كبير, على الرغم من عدم حصولهن على مقابل نقدى, ولكن قد يتلقين هدايا, مثل اللحوم أو الحيوانات إذا قُدمت لها, تعبيرًا عن العرفان بالجميل لهن (12).

أثر العولمة على حياة المرأة فى شعب الماساى:

لقد ساهمت العولمة في قدرة المرأة على إيجادها للعمل بالأجر الذي يوفر لها الأمن والكرامة, على الرغم من تغير أدوار المرأة في القوى العاملة, من الأدوار الزراعية, والمحلية التقليدية, والرعى, إلى التصنيع, والتجميع, الإنتاج فى مجالات متعددة. كما غيرت العولمة من المسئوليات داخل الأسرة, حيث زادت مسئوليات المرأة, وأصبحت ايضًا المعيل في معظم الأسر بسبب عدم وجود الذكور فى غالبية الأسر, فى محاولة لزيادة الدخل لتغطية زيادة المتطلبات الأجتماعية للأسرة, بالأضافة إلى سعى الفتيات أيضاً للحصول على فرصة عمل بهدف زيادة دخل الأسرة. وبالنسبة للشعوب النامية عموماً, لاتزال المرأة تجاهد عن طريق المنظمات النسائية, والإعلام لتحقيق المساواة مع الذكور, ولكن لا تزال المرأة عاجزة عن المساواه مع الرجل خاصًة فى المواقع القيادية (13).

إلا إن إنشغال الأم عن الأسرة, كان له تأثير سلبى على مجتمع الماساى, حيث بدأ المجتمع يتخلى تدريجياً عن عاداته وقيمه الثقافية المتوارثه من أجل “التقدم”. في حين أن هناك جوانب إيجابية للتحديث والتطوير في حد ذاتها, وتواجه “وحدة عائلة الماساي” حاليًا تحديات أكثر من أي وقت مضى. حيث نجد مثلاً أن “الأمومة والأبوة” التي كانت مسؤولية جماعية على كل الاسر داخل المعسكر يقوم بها كل أب وكل أم تجاه كل الأطفال, ولكن الان تم ترك تنشئة الأقران لأقرانهم في المدارس, والمؤسسات, والجمعيات الحكومية والأهلية المهتمة بالاسرة, وأصبح الأب والأم مسؤلاً بالكاد عن أسرته فقط, وقد أدى كل ذلك ايضاً إلى قلة إحترام الأبوين, من جانب الأبناء, وإنحراف الأبناء فى بعض الحالات (14).

وبالنسبة للنساء العاملة فى نشاط الرعى, بشرق أفريقيا بوجه عام ” وأغلبهم من الماساى “, ورغم أن الرعى يعتبر من ُسبل العيش السائدة فى شرق افريقيا والقرن الإفريقى, وُيساهم بشكل كبير فى الاقتصاد لدول هذه المناطق, ولكن لا يزال النساء فى مجتمع الرعاة مهمشين اجتماعيًا واقتصاديًا, ولهن تمثيل ضئيل للغاية, إن لم يكن معدوم فى الحكومة المحلية الوطنية, وينظر له أحياناً بأنه قد يكون معوقاً للتنمية, للحاجة المستمرة للأراضى. وعلى الرغم من الدور الكبير الذى تؤديه المرأة فى هذا النشاط, إلا أن العولمة, والتحرر الثقافى والإجتماعى الذى بدأ فى هذه المناطق, لا يزال ينظر إلى المرأة الرعوية نظرة دونية أقل من الرجل, وأنها لا تتساوى مع الرجل أبدًا, فى هذا النشاط, خاصة فى رعى قطعان الماعز, كما ينظر إليهن بأنهن أقل قدرة من الرعاة الرجال على المشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم وسبل عيشهم. ولو نظرنا على مستوى الدول فى هذه المناطق من أفريقيا, نجد أن قلة قليلة فقط اللاتى نجحن فى برلمانات كينيا وتنزانيا وأوغندا من النساء الرعاة, و من جهة أخرى, وعلى مستويات الحكومة غالبًا ما تطغى المخاوف على مشاركة المرأة خاصة الرعوية, على التمثيل السياسي بشكل عام. ولا تزال الثقافة الرعوية تستبعد النساء من قدرتها على صنع القرار, ومن الأدوار القيادية, على كافة المستويات ” الأسرة, والمجتمع, والدولة “, ولا تزال ُتربَى المرأة على الخضوع لقيادة الرجل, بالإضافة إلى أن تغيرات الظروف المناخية, خاصة حالات الجفاف, والنزاعات التى قد تنشأ على المراعى أحياناً لا تناسب طبيعة المرأة, حيث انها قد تتعرض أحيانًا للإختطاف, والإغتصاب, وأحياناً القتل, وإذا كانت فتاة فهى معرضة دائماً للزواج المبكر, ودون أخذ رأيها, وهى فى هذه الحالة مضطرة للعمل لفترة أطول وأصعب من الرجال, للوفاء بأعمال الرعى, والأعمال التقليدية التى تعتبر من المهام المرتبطة بالمرأة المتزوجة, كأم وزوجة, بالإضافة أحياناً إلى مهام التسويق للأعمال اليدوية, وخلافه, مما قد يعيق المرأة أيضاً فى هذه المناطق من شرق أفريقيا عن التواصل الإجتماعى, الا اللهم فى الاوقات التى يقمن فيها بجمع الحطب و ملء المياه, فى “المجتمعات التقليدية للماساى” على وجه الخصوص, أو المراة الرعوية فى شرق أفريقيا بوجه عام.

وحتى الان لا تزال غالبية النساء فى الماساى, غير قادرة على السيطرة على الأصول الإنتاجية كالأرض, والماشية, وذلك لإستبعادها ضمنيًا, أو علنيًا, من وراثة الممتلكات, سواء من الوالد أو الزوج, او الأخ. ورغم ما تقدم, فإن المرأة فى الماساى خاصًة, وشرق أفريقيا بوجه عام, رغم أنها مثقلة بالأحمال المنزلية, وتربية الاطفال, إلا أنها لاتزال أحد التروس الهامة فى نشاط الإنتاج الحيوانى فى هذه المناطق من قارة أفريقيا (15).

الزواج عند الماساى:

عندما يريد الرجل أن يتزوج “من نفس قبيلته”,  فإنه يبدأ بأخذ زمام المبادرة من خلال الثناء علي الفتاة التى اختارها فى أسرته, ثم يمنحها هدية, قلادة صغيرة أو جوهرة, ثم يحضر كمية من العسل للنساء من عشيرة زوجته المستقبلية, والذين يعطون العسل بدورهم لأم الفتاة المختارة, فإذا قبلته, يكون ذلك أول درجات الموافقة, ثم تعطى الأم لأبنتها طبق من الزبد لتأكله وإعلامها بأن كل الأسرة تبارك هذا الزواج, وبعد فترة من الوقت يبدأ الشاب فى إحضار المزيد من العسل لأسرة الفتاة المختارة, وعشيرتها, بهدف إعلام الجميع برغبته فى الزواج من فتاتهم, وبعدها يبدأ رجال عشيرة البنت فى تجهيز كمية من البيرة وتخميرها لدرجة معينة, ويتم التحضير للأجتماع الكبير للأب, والأخوة, وكبار السن من العشيرة, وشباب من فئته العمرية, للمناقشة وأخذ رأى الجميع, وتناول البيرة خلال هذا المجلس. ويترك الأب والشيوخ المناقشة للجميع ويكون رأيهم, ورأى الأب هو النهائى ولكن بعد سماع الجميع بإهتمام.

الأثر المباشر للتعليم “كنتيجة للعولمة”, على فتيات الماساى:

شكل (10): بنات الماساى فى المرحلة الابتدائية

على الرغم من التأثير الواضح للتقاليد على أدوار كل من الرجال والنساء في مجتمع الماساي, إلا أن هناك العديد من التغييرات المهمة التي حدثت بعد إنتشار التعليم فى مجتمع الماساي, وقد وجد طبقاً لاخر المؤشرات أن      معدلات التعليم للفتيات بوجه عام أقل من المتوسط بالنسبة للأعداد المطلوبة فعلاً للتعليم, ​​وأن معدلات التسرب مرتفعة, ومعدلات النجاح منخفضة, وعدد الأشخاص الذين ينتقلون إلى التعليم العالي والتدريب منخفض جداً. وتواجه الفتيات عوائق كثيرة أمام التعليم, مثل إحجام الأسرعن إرسال فتياتهن للمدارس بسبب المشى لمسافات طويلة من المنزل للمدرسة, وما قد يواجهونه من خطر الحيوانات البرية الموجودة فى بيئة الماساى, كما  تحرم الفتيات من التعليم أيضاً بسبب الختان والزواج المبكر, وبسبب الحمل المبكر, نتيجة لإرتفاع مستويات النشاط الجنسي عند الماساى في سن مبكرة, وقلة المعرفة بالجنس الآمن (موانع الحمل وخلافه). وبالإضافة إلى ذلك, فأن الأسر تشعر بالقلق من تعليم الفتيات, حيث يُعتقد أن النساء المتعلمات يرفضن الزيجات المدبرة, حيث تطلب المرأة المتعلمة أن تختار زوجها بغض النظر عن ثروته ومكانته, ويحرمن الأسرة بالتالى من الحصول على سعر مهرهن. ومع ذلك ، فإن المواقف تجاه التعليم تتحسن ببطء, حيث وجد أن المواقف تجاه التعليم قد تغيرت من الاعتقاد بأن التعليم هو نظامًا يدمر تقاليد الماساي, إلى الاعتقاد بأنه فرصة لمستقبل أكثر ازدهارًا. وقد امتد هذا الأمر ليشمل النساء, حيث نجد عدد متزايد من الأدوار المطلوبة لتشغيل الإناث, مثل التعليم فى رياض الأطفال, والمرحلة الابتدائية والتمريض,  ومن فوائد تعليم النساء أن تختار المراة زوجها, كما تتمتع المرأة المتعلمة بمزيد من الحرية فى أخذ رأيها, حتى لو اختارت أن تبقى ربة منزل. ولكن لا يزال الكثيرمن الأباء قلقين بشأن تعليم بناتهم ، كان البعض أكثر حذراً من إجبارهم على سداد الماشية إذا رفضت ابنتهم الزواج المدبر وانتظروا حتى أصبحت البنت كبيرة بما يكفي لاتخاذ قراراتها الخاصة. علاوة على ذلك ، إذا حصلت المرأة المتعلمة على دخلها الخاص, من خلال العمل, فسيكون لها رأي أكبر في قرارات الأسرة. وعلى الرغم من أن وظائف النساء القريبة من مناطق الماساى محدودة, فقد عملت بعض النساء كمدرسات في المرحلة الابتدائية أو في رياض الأطفال. وأخيرًا ، شعر الكثير من الماساى من المشاركين فى حركة التغيير, والإستجابة للعولمة, أنها كان لها تأثير بسيط, ولكنه مهم, فى الكثير من العلاقات الأسرية خاصة العلاقات الزوجية, حيث تتم استشارة الزوجات بشكل متزايد فيما يتعلق بقرارات الأسرة, وذلك على الرغم من أن الرجال لا يزالون يحتفظون عادة بالكلمة الأخيرة, إلا أنه يتم سؤال الزوجات عن آرائهن مثلاً بشأن بيع وشراء الماشية, وعلى زيجات أولادهن, ولا سيما البنات. وقد لوحظ إن “هيمنة” الرجال على النساء, رغم أنها لا تزال موجودة, قد تحولت إلى شكل من أشكال المشاركة الفكرية والمشاركة فى إتخاذ القرار الذى يحقق صالح الأسرة, ويمكن ملاحظة ذلك أيضاً فى قدرة الأرامل حالياً على الاحتفاظ بممتلكات زوجهن بعد وفاته, بدلاً من انتقالها على الفور إلى الاولاد الذكور كما كان يحدث حتى وقت قريب. كما لوحظ أيضاً أن المرأة المتعلمة فى مجتمع الماساى بدأت تضطلع بأدوار فى المنظمات النسائية المجتمعية, مما جعل للمرأة بعض المساهمات الفكرية فى أحوال مجتمعها.

ونعرض فى التالى بعض الأمثلة للعلاقة المباشرة والغير مباشرة, بين العولمة, ومحتمع المرأة فى شعب الماساى:

  • رغبة فتيات الماساى فى التعليم, ورفضهن للزواج المبكر:

“إستير”, إحدى فتيات الماساى ذات السبعة عشر عاماً, وهى أصغر فتاة فى الاخوات الخمسة فى أسرتها, وكانت تدرس فى إحدى المدارس القليلة للماساى فى جنوب كينيا, هى فتاة طويلة ونحيلة, وتتمتع بثقة كبيرة فى النفس, ربما لأنها من الفتيات المعدودة التى التحقن بالتعليم من بنات الماساى. وقد أراد والدها أن تخرج من المدرسة لتتزوج, وتستفيد الأسرة من قيمة المهر من”الابقار والماعز” وهى من العادات الموروثة فى ثقافة الماساى, ولكن “إستير” كانت مرتبطة بشدة بمدرستها وصديقاتها وحبها للتعليم, فهربت فى “يوم عرسها” إلى منزل أختها المتزوجة, وكانت وقتها بعمر أربعة عشر عامًا,وأستمرت فى الذهاب للمدرسة, ولكن والدها أبلغ الشرطة, حيث قام الضابط بإحضارها من المدرسة لمنزل والدها, وكانت “إستير” قد أبلغت أحد المراكز الحكومية العاملة فى مجال حماية الفتيات من الزواج المبكر, طبقًا لقانون منع الزواج المبكر الذى صدر فى كينيا عام 2002,  الذى وفر لها السكن والحماية, ومصروفات المدرسة لإستكمال تعليمها, فى أحد المراكز العاملة فى هذا المجال, وقد حاول والدها إستردادها من المركز, ولكنها رفضت بشدة, مما جعل الأب يتبرأ منها, ومنعها من دخول البيت مرة أخرى, ولم يرضى عنها والدها إلا بعد  ثلاث سنوات, وبعد أن أثبتت تفوقها فى المدرسة, كما أقنعته مديرة المركز, أن تفوق أبنته  “أستير”, سيضمن لها مستوى معيشة جيد من خلال إمكانية حصولها على عمل مناسب فى المستقبل, وهو ما يؤكد تمسك بنات الماساى بالتعليم مهما كانت العقبات (16).

ومن الأمثلة المؤلمة فى الماساى: زواج الأطفال, ونعرض بعض الحالات, من داخل “مركز إنقاذ الفتيات من الزواج المبكر” بمقر “محكمة كاجيادو” بمقاطعة “كاجيادو” بالقرب من سفح جبل كليمنجارو بكينيا, حيث هربت إحدى فتيات الماساى “12 عام”, ووصلت وهى تجرى من منزلها بقرية ” توروسى” على بعد 30 كم من مركز الإنقاذ, واستقبلها القس “تشارلز ماينا” وهو أحد المسئولين بالمركز, وهى تستغيث به لينقذها, من أمها التى أمرتها بالخروج من المدرسة حتى تستعد للزواج, وبالتالى يجب أن تمر أيضًا بعملية الختان, حتى تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج والقدرة على الزواج. وقالت الفتاة أن والدها متوفى, وهى ترغب فى الإستمرار فى التعليم ولا تريد الزواج, وطلبت من القس أن يساعدها لدى القاضى, ليصدر حكمه بضمها تحت رعاية المركز حتى تستطيع إستكمال دراستها, ولا تصبح مثل إخواتها الثلاثة اللاتى تزوجن فى مثل عمرها. وقالت الفتاة أن وفاة والدها, وظروف الجفاف التى أدت إلى نفوق ماشيتهم, أجبرت الأم على إتخاذ قرار تزويجها كما فعلت مع أخواتها الثلاثة أيضًا. وقد طلب القس “تشارلز” من المحكمة, أن يضم الفتاة تحت وصايته لرعايتها وإستكمال تعليمها بالمركز, ووافقت المحكمة على طلبه (17).

الأثر السلبى للعولمة على أستقرار الأسرة فى الماساى:

وهو ماورد برسالة الماجستر للطالب: “إلياس موليل”, أنه ألتقى بأحد شباب الماساى بجامعة “ماكوميرا”, بتنزانيا, الذى كان يدرس معه بالجامعة, خلال العام 2005, وكانا معًا في السنه الخامسه بالدراسة قبل الماجستير, وأنه فوجىء بالتغير الكبير فى حياته, حيث تخلى عن طريقته التقليدية للمعيشة, مثل أسلوب إرتداء الملابس, وامتنع عن إستخدامه للغة الماساى تماماً, وتغير أيضاً حتى فى أسلوب التحية بين الزملاء. ولكن الصدمة الكبرى عندما سأله عن شعبه “شعب ماساى”, أجاب أنه لم يعد ينتمى لهذا الشعب, وأنه ترك زوجته واولاده فى الماساى, كما ترك ماشيته أيضاً, ولن يعود إليهم مرة أخرى, لأنه تزوج إمرأة أخرى فى المدينة التى يعيش ويدرس فيها, وأن زوجته الجديدة هى التى تناسب حياته الحالية. والذى يزيد من الصدمة والحزن لهذا الشاب من الماساى, أنه كان من فئة “الموران”, وهى فئة المحاربين بهذا الشعب العظيم. ونجد هنا أن “العولمة” قد تكون أثرت بالإيجاب على هذا الشاب من الماساى من منطلق حصوله على درجة عالية من التعليم والثقافة, ولكنها “أثرت بالسالب على زوجته وأولاده, وعلى ماشيته” أيضًا, وبالتالى على كل مجتمع الماساى فى حالة تكرارها مع العديد من شباب الماساى فى المراحل المتقدمة من التعليم (18).

توارث المعرفة فى المجتمع التقليدى للماساى, وأثرها على العولمة:

شكل (11): الأسد مصاب بالتراكوما

تتوارث أجيال الماساى المعرفة والحكمة جيلاً بعد جيل من الشيوخ الذين يعتبرونهم “كالمكتبة المتنقلة”, كما يتوارثوا العلاج بالأعشاب للعديد من الأمراض, وطرق تتبع أثار الماشية المفقودة للوصول إليها بسهولة, بالأضافة إلى دور ” القابلة “, التى لا تبخل بتدريب زوجات غيرها على أدق تفاصيل المهنة, قبل الولادة وبعدها, بالإضافة إلى علاج ومتابعة الجنين مع الأم, كما يقوم المختصون بعمل “الجبائر”, لعلاج كسور العظام للإنسان, والماشية أيضًا بتوريث ما تعلموه إلى من يجدوا فيه الرغبة للتعلم, وخدمة المجتمع. والغريب أن هذه الثقافات البدائية, والتى تنتقل شفوياً من الشيوخ إلى الشباب, أو تموت مع الشيوخ,  “كان لها أثر كبير على الحضارات الغربية المتقدمة”, التى جمعت الكثير من الخبرات خاصة فى المجالات الطبية, وتم تصنيع العديد من الأعشاب فى أشكال دوائية مهمة للغاية, كما يمكن استعمالها كما كان يستعملها الماساى بشكل مباشر, ومنها أعشاب ” كولتيورا سيرينداد ” وهى علاج فعال للغاية لمرض ” التراكوما “, والذى يظهر على الماشية والإنسان فى الماساى, بعد إنتهاء هطول الأمطار, وجفاف السافانا, وإنخفاض مصادر المياه, ثم يبدأ زيادة أعداد الذباب فى البيئة بشكل كبير, وتهاجم العيون, مما يتسبب عنها مرض التراكوما الذى لو أهمل علاجه يؤدى إلى العمى (19).       

شكل (12):نبات ” كولتيورا سيرينداد “, يستخدمه الماساى, كعلاج فعال لمرض  التراكوما, فى أرض ماساى

                                   

References:

(1) Koissaba Ben R, Globalization and Its Impact on Indigenous People in Kenya, Clemson University, Clemson City, USA, December 2012, pages 2-5.

(2) Caroline Adhiambo Ngara, MASAAI INDIGENOUS KNOWLEDGE SYSTEMS: – Exploring the Value of Maasai Mara, Maasai Culture and Maa Language to the Masaai Speech Community of East Africa, University Of Nairobi – Kenya, pages 6-8, 13-15.

(3) Laura E. Hauff, The Effects of Development on the Maasai, College of Saint Benedict and Saint John’s University, St. Joseph City, USA, April 2003, pages 35-36.

(4) ELIAS YESAYA MOLLEL, Thesis submitted in Partial Fulfillment of the Degree of Master Program in Global Studies, School of Mission and Theology (private University), Oslo, Norway, May 2011, pages 11-13

(5) G. Nasieku Tarayia,  THE LEGAL PERSPECTIVES OF THE MAASAI CULTURE, CUSTOMS, AND TRADITIONS, Arizona Journal of International & Comparative Law Vol 21, No. 1 2004, page 193.

 (6) Daniel Salau, Globalization Entrenches Itself on the Maasai, Global Policy Forum, New York, USA, September 2002, page 1-2.

(7) Jandt Fred, An Introduction to Intercultural Communication: Identities in a Global Community (fifthed), International Journal of Intercultural Relations, California USA, 2007.

(8) Elias Yesaya Mollel, Thesis submitted in Partial Fulfillment of the Degree of Master Program in Global Studies, School of Mission and Theology, Oslo, Norway, May 2011, , page 1.

(9) Jennifer Sharp and Laangakwa Twati, Documentation of Maasai Culture, Idaho University, Idaho State, USA, September- December 2016, Page 1.

(10) Reference  (5), pages 190-191.

(11)Ndagala, D.K., The Sedentarization of the Pastoral Maasai in Tanzania, Nomadic peoples, USA, Los Angeles, University 0f California, 1982, pages 28-39.

(12) Reference (9), Pages 7-15.

(13) Nazreen Bacchus, Dr Amy Foerster, The Effects of Globalization on Women in Developing Nations, Pace University, New York, 2005, pages 31-33.

(14) Koissaba B.R. Ole., Effects of globalization in the Maasai Family, Clemson University, Clemson City, South Carolina,  May 2013, Page 21- 23.

(15) Naomi Kipuri and Andrew Ridgewell, Report, A Double Bind: The   Exclusion of Pastoralist Women in the East and Horn of Africa, minority rights group international, 2017, pages 3-6.

(16) Caroline S. Archambault, Ethnographic Empathy and the Social Context of Rights: “Rescuing” Maasai Girls from Early Marriage, the American Anthropological Association.  December 2011, Volume113, Issue4, pages 632-633.

(17) Hodgson, D., “My daughter…belongs to the government now”: Marriage, Maasai and the Tanzanian State. Canadian Journal of African Studies, 10 Mar 2014, pages 106-123.

(18)Reference (8), page 2-4.

(19) Reference (5), page 191.

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.