أطفال أفريقيا ضحايا الصراعات الداخلية
كتبت: أسماء عبد الفتاح
أصبحت مشاركة الأطفال في الحروب ظاهرة منتشرة وملفتة للنظر في أرجاء عديدة من قارة إفريقيا، إذ يتم استغلالهم من قبل كيانات حكومية وغير حكومية تجبرهم على المشاركة في الأعمال العدائية، وتدريبهم على القتل أو استخدامهم في نقل المعدات والأسلحة، مقابل تلبية حاجاتهم الأساسية من ملبس ومأوى وغذاء.
قال موقع ذى كونفرزيشن، إنه ليس أكثر من خيرات القارة الإفريقية وثرواتها إلا صراعاتها المسلحة، التي تتولد بشكل يجعل إفريقيا البؤرة الأكثر التهابا على خريطة الصراعات الداخلية في العالم، وفقا لتقديرات معهد هيدلبيرج لأبحاث الصراع الدولي للعام 2015، حيث احتل إقليم إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المرتبة الأولى دولياً، متفوقاً على إقليم الشرق الأوسط والمغرب العربي، والذي يضم بدوره دول الشمال الإفريقي، الأمر الذي يعني أن القارة الأكثر من حيث كثافة الصراعات الداخلية على اتساع رقعتها الجغرافية.
وتابع الموقع أن ظاهرة تجنيد الأطفال تمثل معضلة حقيقية أمام حاضر التنمية في القارة السمراء ومستقبلها بالنظر إلى تأثيراتها الممتدة على الأفراد والمجتعمات الإفريقية على حد سواء، موضحا أن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر المناطق التي تشهد معدلات مرتفعة لتجنيد الأطفال، وأن هناك نسبة 50% من هؤلاء الأطفال يعملون في النشاطات الاقتصادية ومعظمهم في القطاع الزراعي ومع اشتداد الصراع والحروب في المنطقة وانتشار التنظيمات المسلحة أصبح الأطفال عرضة للتجنيد في المليشيات والحركات الإرهابية وحتى في الجيوش النظامية، ويجبرون على حمل السلاح ويتم استغلالهم بلا رحمة.
في جنوب السودان التي تخوض حربا أهلية طاحنة، بدأت منذ استقلالها عن السودان في ديسمبر 2013، يعاني الجميع، بمن فيهم الأطفال، من عواقب الصراع، ويحيط العسكريون المدارس بشكل دوري لإجبار الأطفال على ترك الفصول الدراسية والمشاركة في المعركة، حتى تم إغلاق معظم المدارس، ويعيش الكثير من الأطفال في مخيمات اللاجئين في ظروف شديدة القسوة، في حين تعهدت حكومة جنوب السودان لدى الأمم المتحدة بوقف تجنيد الأطفال، ولكن الحقيقة أن هناك أكثر من 11 ألف طفل مقاتل سواء في جانب الحكومة، أو في صفوف المتمردين.
السودان ليس أفضل حالاً من جنوبه المنفصل، إذ يتم بيع آلاف الأطفال واختطافهم وإجبارهم على حمل السلاح سواء مع الحكومة السودانية أو في صفوف المتمردين الذين يقاتلون الحكومة في الخرطوم وإقليم دارفور الذي ارتكبت فيه أسوأ الأعمال الوحشية العرقية في العصر الحديث منذ عام 2003، وفي الوقت الذي تستغل فيه الحكومة هؤلاء الأطفال تحاول الظهور أمام العالم بأنها بذلت محاولات لإنهاء تجنيد الأطفال.
كما تعتبر كل من مالي ونيجيريا وليبيا والصومال وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد من أكثر البلدان في العالم استغلالاً للأطفال وتجنيدهم واستخدامهم في الصراعات الداخلية والعرقية، ولا يتجاوز أعمار هؤلاء الأطفال 13 عاماً وربما أقل من ذلك، مما يهدد بوجود جيل قادم كامل على النهج من القتلة والإرهابيين، خاصة أن تلك الصراعات مازالت مستمرة ولا يبدو أنها ستنتهي في الوقت القريب، لا سيما بعد أن حولت الجهات المستغلة للأطفال قضية تجنيد الأطفال إلى قضية استراتيجية لترويض جيل قادم يحمل أيديولوجيتها المتطرفة والإرهابية لضمان استمراريتها لعقود قادمة.
وتستغل جميع الأطراف الفقر والجهل والحاجة للمال الأطفال ويكون من السهل تطويعهم وترويضهم على الأفكار التي يريدون زرعها داخل عقولهم ومن ثم يتحول حملهم السلاح بمرور الوقت من شيء إجباري من أجل المال إلى قناعة بالفكر ومن ثم الاستبسال من أجل تحقيقة.
ورغم أن القانون الدولي اشتمل على أحكام تضمن الحماية للأطفال، وتحدد الحقوق المقررة لهم، والمفروضة على أطراف النزاع، فإن الحقيقة تؤكد أن مساعي القانون الدولي في الحد من تجنيد الأطفال لم تنجح، خاصة في غياب ضمانات حظر تجنيد الأطفال أو حتى محاولة حمايتهم عند وقوعهم في الأسر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر/ البديل