المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

أيها السادة.. مؤامرة جديدة تحاك ضد مصر.. والهدف انتزاع أفريقيا

0

مقدمة

في إطار التنافس والصراع الدولي في أفريقيا، يبدو واضحا أن أسباب ودوافع هذا التنافس والصراع والذي يتم توظيف واستثمار جميع الأساليب والآليات المشروعة وغير المشروعة، للنفاذ إلى المناطق ولاستقطاب الدول والتأثير عليها، ومن ثم فإن مساعي وجهود الدولة المصرية للتواجد داخل القارة الأفريقية تواجه بسياسات تلك الدول التي تتقاطع أو تتناقض أهدافها ومصالحها معها، وهو ما يمكن أن يفرض قيودا وحدودا على تحركاتها، أو يفرض حتمية التنسيق والتعاون معها وهو ما يتطلب حسابات أخرى وإعادة صياغة أخرى لأولويات التحرك ولمنظومة الأهداف والمصالح الممكنة والمستهدفة.

وتواجه مصر الآن تحديا كبيرا تجاه علاقتها بأفريقيا عبر ما تقدمت به السيدة / Yvonne Khamati منسقة لجنة الخبراء الأفريقية لدى مؤتمر الجمعية العامة لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة بنيروبي ونائب سفير كينيا بالصومال من شكوى ضد عضو بالوفد المصري خلال اجتماع للأمم المتحدة للبيئة بالعاصمة الكينية، حيث اتهمت رئيس الوفد المصري السفير المحترم هشام شعير.. بالإساءة بعبارات وألفاظ مهينة وغير مقبولة ذكرها باللغة العربية ضد الدول الأفريقية المشاركة في الاجتماع بوصف الأفارقة بـ ” الكلاب والعبيد ” على حد تعبيرها!!

وطالبت باتخاذ إجراءات عقابية ضد مصر بعدد من الحافل الدولية باعتبارها لا تصلح لتمثيل الدول الأفريقية في تلك المحافل …!!؟

نبذة عن Yvonne Khamati

السيدة / Yvonne Khamati.. دبلوماسية مقربة من وزيرة الخارجية الكينية الحالية السيدة / امينة محمد … عملت Khamati بالبعثة الدائمة لجمهورية كينيا بمكتب الأمم المتحدة بنيروبي واللجنة الفنية بلجنة الشباب في النيباد NEPAD (الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا).. وقبلها بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا.

ملخص الجلسة الختامية يمحو هذا الادعاء

ما يجعل هذا الادعاء في نحره هو ما أفرزه ملخص الجلسة الختامية المسجلة والمتداولة عبر وسائل الانترنت والتي تمت بهذا الشكل:

11:20، قام مندوب إسرائيل (ذو بشرة شديدة السواد يستحيل وجودها بين يهود الفلاشا، وبلكنة أمريكية مثالية يندر وجودها بين المسئولين الإسرائيليين) بطلب إجراء تصويت على هذا القرار، على عكس 25 قراراً تم تمريرهم في اليومين السابقين. مندوب أمريكا اعترض ثم أيد إسرائيل بزعم عدم توافر النصاب لأن معظم الأعضاء غادروا الجلسة استعدادا للسفر. الأمين العام تجاوب مع المندوب الأمريكي.

11:30، مندوب سوريا أوضح أن النصاب متوافر. مندوب مصر أيد الموقف السوري. الجلسة تنفض للمداولات.

12:35، أعلنت مجموعة الـ 77 الصين بأنها لن تسحب مشروع غزة. المندوب الإسرائيلي يطلب بأخذ حضور علني (تضييع وقت ولبيان عدم توفر النصاب).

12:53 ، الأمين العام يجري تصويتاً بين الأعضاء لمعرفة إن كانوا يريدون اجراء تصويت على قرار غزة. 37 دولة تصوت بالموافقة و34 تمتنع عن التصويت (لأنها لم ترفع الكارت الوردي – وهو إجراء يتم لأول مرة في تاريخ المنظمة) واعتراض 4 دول.

مندوب باكستان، رضا بشير طرار، أوضح بمهنية قانونية فذة أن القرار يجب تمريره أسوة بالقرارات السابقة وأنه إذا كان مطلوبا التيقن من وجود الأعضاء، فعلينا أيضاً التيقن من جنسية مندوب إسرائيل بأن يقدم ما يفيد بجنسيته. ثم أوضح أن عملية التصويت والتصويت على عدم التصويت كلاهما باطل لأن الوقت أصبح 2:30 صباح يوم 28 مايو، أي بعد انتهاء الموعد المقرر للمؤتمر.

مندوب مصر يعترض على تفسير الأمين العام لقانون الأمم المتحدة. واتهم مندوبا مصر وسوريا الأمين العام المغادر، أخيم شتاينر، بالتلاعب بالجدول حتى لا يمرر قرار غزة.

من أفريقيا، تحدث مندوبو نيجريا وجنوب أفريقيا وزيمبابوى وكينيا وجنوب السودان وكلهم طالبوا بالتخلي عن مقترح غزة. وهو ما يدل على فشل كبير للدبلوماسية المصرية والعربية. من أمريكا الجنوبية، ساندت الأرجنتين وكوبا وبوليفيا اصدار قرار غزة. مندوب فلسطين بكى لأنه الضحية واتهم المؤتمر ككل بالصهيونية.

مندوبا مصر وسوريا خاضا حرباً دبلوماسية بلا هوادة، نحو سبع مداخلات لكل منهما، كل مداخلة لا تزيد عن دقيقتين. مندوب المغرب، رئيس المجموعة العربية كان له نحو مداخلتان هزيلتان. مندوب السعودية كان له مداخلة ضعيفة أيد فيها مصر وباكستان، ولكن لم يشارك في المناقشات. مندوب الجزائر لم يكن حاضراً حين نادى عليه رئيس المؤتمر ضمن أخذ الحضور. وحضور الجزائر كان مفتقداً لما لها من ثقل أفريقي معتبر. الدول العربية الأخرى (مثل الأردن والإمارات) لم يكن لها أي مشاركة. مندوبة إيران معصومة ابتكار (نائبة رئيس الجمهورية السابقة) كان لها كلمة باهتة.

 وفي الساعة 3:56 صباح 28 مايو، قرر الأمين العام إسقاط مقترح غزة. ولم يعترض المندوب المغربي ممثل العرب، وسكت المندوب السوري رغم جهوده الرائعة قبل ذلك، وظل مندوب مصر وحيداً ليعلق كل موافقات مصر على الـ 25 قرار الذين تم تمريرهم في ذلك المؤتمر، لحين يتشاور مع القاهرة.

تسجيل الجلسة الختامية يبلغ طوله 5:40 ساعة، أكثر من ثلثيها صمت للمداولات. نقاش مقترح غزة يبدأ في الدقيقة 1:01 وحتى نهاية الجلسة. النقاش الجاد بدأ بكلمة السفير الفلسطيني في 2:41، ثم السفير السوري، ثم مداخلات السفير المصري هشام شعير كانت في الدقائق 2:47، 3:01، 4:39، 4:50، 5:15، 5:33، 5:36 ولم يتفوه السفير المصري بكلمة تخرج عن اللياقة.

جدير بالذكر أن الدعوة للمؤتمر نصت على انعقاده يومي 26 و27 مايو في نيروبي، وقد أتت من الأمين العام لبرنامج حماية البيئة المشرف على المؤتمر، أخيم شتاينر (ألماني) الذي انتهت مدته (10 سنوات) بنهاية المؤتمر. معظم الوفود حجزت رحلات عودة الساعة 6 صباح يوم 28 مايو.

الأرجنتين، نيابة عن مجموعة الـ 77 ومعها الصين تقدمت، منذ بداية المؤتمر، بمشروع قرار يطالب بتشكيل لجنة لتقييم الآثار البيئية للعدوان الإسرائيلي على غزة. الأمين العام لم يطرح قرار تشكيل لجنة غزة إلا في الساعة 11:19 مساء يوم 27 مايو.

وبعد استعراض الجلسة الختامية والتي تثبت بما لا يدع مجالا لشك عدم تفوه الجانب المصري بأية كلمات غير لائقة نجد أنفسنا أمام تساؤل ملح: من أين أتت كينيا بهذا الكلمات الملفقة وغير الصحيحة، وما الهدف من ورائها؟ والسؤال الأهم لماذا في هذا التوقيت بالذات؟

اتفقت آراء معظم الخبراء المهتمين بالشأن الأفريقي على أن الهدف من تلفيق هذا الموقف ربما يأتي ردا على يقظة الجانب المصري واتجاهه بقوة تجاه أفريقيا، وما نجم عنه مؤخرا من زيادة فرص الاستثمار في القارة ، إذ إن استثمارات القطاع الخاص المصري في أفريقيا تجاوزت 8 مليارات دولار أمريكي وهو ما يزعج القوى الدولية والتي تعلم تماما أن بقاءها في أفريقيا مرهون بتراجع الدور المصري في القارة السمراء.

وذهب البعض الآخر إلى اعتبار هذا التجاوز من الجانب الكيني ربما كان ورقة ضغط ولىّ ذراع للجانب المصري حتى لا يستطيع أن يدافع عن حقوقه المكتسبة في حصته من مياه النيل، إذا كان هناك اتجاه لتقليص حصة مصر من مياه النيل وهو أمر غير مستبعد في القريب العاجل.

تاريخ العلاقات المصرية الأفريقية

لو تتبعنا دور مصر في أفريقيا خلال العقود الماضية نجد أن الدور المصري تميز بالاعتدال والعقلانية في التصدي لمواجهة القضايا الأفريقية، مما يجعل مصر طرفا مقبولا كوسيط إقليمي من جانب العديد من أطراف النزاعات.

فمصر كانت ولازالت من اهم أولوياتها الاهتمام بالبُعد الإفريقي والتحرر من الاستعمار لجميع الدول الأفريقية..

قاومت مصر الاستعمار في أفريقيا وذلك عن طريق  ثلاثة طرق:

الأول : مواجهة الاستعمار التقليدي

واجهت مصر الاستعمار التقليدي، عن طريق تأييد حركات التحرر الأفريقية ومساندتها عسكريًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا، فقد وقفت مصر مع كل حركات التحرير في القارة بدون استثناء، ولم تظهر أي حركة تحرير إلَّا وكانت على اتصال بالقاهرة، واتخذت مساندة القاهرة لحركات التحرير عدة صور، فمن الناحية العسكرية كانت مصر أول دولة في العالم تقدم مساعدات عسكرية لحركات التحرير، كما وفرت التدريب لكوادر هذه الحركات في المعاهد المصرية، مثل مدرسة الصاعقة والكلية الحربية، كما أعدت المخابرات العامة المصرية ونظمت لنقل هذه الأسلحة وتوصيلها إلى مناطق المقاومة، إضافة إلى تأمين وصول أفراد المقاومة للتدريب وعودتهم لبلادهم، وساهمت صفقة الأسلحة التشيكية عام 1955 في توفير جزء كبير من العتاد البريطاني السابق، الذي يمكن استخدامه من قِبَل هذه الحركات في المناطق البريطانية من أفريقيا على وجه الخصوص، وحين أنشأت لجنة التنسيق لتحرير أفريقيا التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، من قِبَل بعض الدول، كان من بينها مصر استأنفت مصر دورها في دعم حركات التحرير عبر هذا الإطار التنظيمي الإفريقي الجديد، والملاحظ أن العمل العسكري كان موجهًا أساسًا ضد قوى الاستعمار، التي لم تكن مستعدة لتطوير الحكم الذاتي في أقاليمها نحو الاستقلال، وبصفة خاصة، المستعمرات البرتغالية السابقة ونظم حكم الأقليات البيضاء في كل من روديسيا (زيمبابوي الآن) وجنوب أفريقيا، كما كانت مصر تقدم مساعداتها العسكرية لجميع حركات التحرير مهما كانت انتماءاتها، ومن ثم احتفظت مصر بعلاقات طيبة بكل القوى الوطنية في القارة، ودون أي تدخل لفرض أشخاص أو نظام معين.

لم تكتفِ القاهرة بتقديم المساعدات العسكرية، بل قدمت مساعدات إعلامية، حيث أنشأ عبد الناصر صوت أفريقيا بالإذاعة المصرية على غرار صوت العرب، وكان يبث باللغة السواحيلية، متوجهًا لكينيا وشرق أفريقيا، خاصة بعد أحداث ثورة الماوماو واعتقال الزعيم الكيني جومو كينياتا، كما صممت برامج إذاعية أخرى باللغات الأفريقية المحلية لكل أجزاء أفريقيا المختلفة، ومنحت الفرصة لحركات التحرير ومكاتبها في القاهرة لمخاطبة شعوبها مباشرة، وأصبحت مصر الدولة الأولى في العالم التي تتحدث باسم الثورة الأفريقية ضد الاستعمار، وإضافة لذلك ساندت مصر سياسيًّا القضايا الأفريقية أو قضايا التحرر الإفريقي، بتكتيل الرأي العام الدولي بالمحافل والمنظمات المختلفة لصالح هذه القضايا، خاصة في إطار حركة عدم الانحياز، كما ساهمت مصر بشكل مباشر في دعوة حركات التحرير وإيفادها على نفقتها الخاصة إلى نيويورك كي تتمكن من الدعوة لقضاياها أمام لجان الأمم المتحدة الخاصة.

الثاني: دعم الوحدة الوطنية ومحاربة الانفصال

كان الشكل الثاني يتمثل في مواجهة الاستعمار الجديد والنظم العميلة والحركات الانفصالية، فقد كان تصور عودة الاستعمار بطرق أخرى من الأفكار التي تؤرق القيادة المصرية، كما كان يؤرق قيادات كثيرة في القارة الأفريقية آنذاك، وكانت معاهدات الدفاع التي تعقد مع البلاد التي استقلت أو الاحتكارات الأجنبية التي كانت تتحكم في مقدرات هذه البلاد، من قبيل النشاط والتغلغل الإسرائيلي بالقارة، كل ذلك قاومته مصر بطرق مختلفة، حيث ساعدت زامبيا بعد استقلالها، في محاولتها لتأميم شركات النحاس، كما ساعدت الصومال حينما تعرضت للضغط الإيطالي الحكومي ولضغط الشركات الإيطالية، التي كانت تحتكر شراء وتوزيع الموز الصومالي، حيث كان يعد محصولًا قوميًّا، وقدمت مصر قروضًا لغينيا، التي أحكمت فرنسا أيام حكم ديجول الضغط عليها لإسقاط حكومة سيكوتور، لخروجها عن الصف واختيارها للاستقلال التام عن فرنسا.

وقدمت القاهرة مساعدات عسكرية لبعض الدول الأفريقية المستقلة؛ كي لا تلجأ لطلب المعونات العسكرية الأجنبية، خاصة من إسرائيل ومن تلك الدول، مالي إضافة إلى كينيا والصومال وغيرها، كما وقفت مصر بجانب الحكومات المركزية الوطنية الأفريقية ضد المحاولات الانفصالية المشبوهة؛ سواء نيجيريا إبان الحرب الأهلية في بيافرا، أو في الكونغو ضد انفصال كاتنجا، إضافة إلى السودان ضد كل المحاولات الانفصالية من قِبَل القوى والأحزاب الجنوبية المدعومة من الخارج.

الثالث: مساندة الأقليات

ساندت مصر الأغلبية ضد نظام حكم الأقلية البيضاء، سواء فى روديسيا الجنوبية (زيمبابوى حاليًا) عن طريق دعم حركات التحرير فيها ضد حكومة سميث، وبالنسبة لجنوب أفريقيا فقد وقفت مصر ضد سياسات التمييز العنصرية والأبارتهيد التي كانت تتبعها الحكومة البيضاء، ومنذ أن اعتبر عبد الناصر نفسه مسؤولًا وشريكًا في الصراع الجاري بهذه المنطقة بين البيض والسود، وضعت مصر نفسها في مقدمة البلاد التي أعلنت قطع علاقتها مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية آنذاك 30 مايو 1961، كما شاركت مع 28 دولة أخرى لعرض قضية الأبارتهيد بمجلس الأمن للمرة الأولى عام 1962 مما أدى في النهاية إلى اعتبار سياسة التفرقة العنصرية سياسة تهدد السلم والأمن الدوليين، وكان ذلك مقدمة للمقاطعة والحظر التطوعي على مبيعات السلاح لحكومة بريتوريا العنصرية، وفي نفس الوقت كان هناك اتصال مصري بحركات التحرر في جنوب أفريقيا من خلال كوادرها، وعبر البرامج الإذاعية الموجهة سواء باللغة الإنجليزية أو بلغة الزولو.

ركز عبد الناصر على كسب ود الشعوب الأفريقية كافة، دون ان يخسر أحدًا، فبعد تولي عبد الناصر طالبت حركة تحرير إريتريا الاستقلال عن إثيوبيا، فقرر عبد الناصر التريث، ولم يقدم أي نوع من المساعدات العسكرية لثوار إريتريا، بل كان موقف مصر في تلك الفترة هو احترام وتأييد قرار الأمم المتحدة الصادر في ديسمبر 1950 الخاص بضم إريتريا إلى إثيوبيا في اتحاد فيدرالي.

استخدام الدبلوماسية الناعمة في حل أزمات أفريقيا

وعن طريق الأدوات الدبلوماسية والمساعدات والتركيز على الجانب الديني تعامل عبد الناصر مع إثيوبيا، حيث كانت الكنيسة الإثيوبية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية المصرية، بل وكانت الكنيسة الأم في مصر ترسل القساوسة من مصر للعمل بالكنائس الإثيوبية، فضلًا عن التركيز على الدعم التجاري والثقافي، وانتقال الخبراء المصريين بمختلف المجالات إلى إثيوبيا، لذلك هدم عبد الناصر كل الآمال الأمريكية التي كانت تنعقد على مصر بعد ثورة يوليو بأن تكون مصر حليفة لها، لكن جاء الرجل الذي نغص على الولايات المتحدة والمستعمر كل أطماعه، فكلما حاولوا بسط نفوذهم أو التدخل في شؤون أي دولة إفريقية وجدوا عبد الناصر سدًّا منيعًا لقوة علاقته بجيرانه وثقتهم به حتى ضجت أمريكا في هذا الوقت من عبد الناصر، حتى قال أيزنهاور، رئيس أمريكا في هذا الوقت، لوزير خارجيته جون فوستر دالاس: الولايات المتحدة لن تسيطر على أفريقيا ولن تصل لمبتغاها إلَّا بالسيطرة على الفكر الناصري أو بإقصائه أو حتى باغتيال عبد الناصر نفسه.

لم يتوان عبد الناصر في محاولة بناء دولة قوية، وعلم أن السر يكمن في قوة جيرانه وتعزيز صلتة بأفريقيا والوطن العربي، وظل يحمل القضية الأفريقية والعربية على عاتقه حتى ضجت الولايات المتحدة منه ورأوا أنه لا أمان لأمريكا إلَّا بالتخلص من ناصر، فحقًّا إذا كان مصطلح الحرب الباردة أطلق في تلك الفترة على العلاقات  الأمريكية السوفيتية، فإن الحقيقة أيضًا أن الحرب الباردة بمنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية كانت بين الولايات المتحدة الأمريكية وعبد الناصر بشكل شخصي مباشر، فقد ظل ناصر حارس أفريقيا والوطن العربي الأمين، لذلك فلا نستغرب إذا كانت الميادين العربية والأفريقية تكتسي بصورته في أي مناسبة وطنية أو أي ثورة أو مظاهرة للمطالبة بالحق والحرية.

الخلاصة:

بات لزاما على صانع القرار المصري منذ أخذ قرارا باسترجاع دوره التاريخي والمتميز داخل القارة الأفريقية أن يعرف أنه يواجه تحديات جسيمة وصعوبات توجب عليه الانتباه لما يحيط به من مخاطر، ويلزمه بامتلاك جميع الأدوات التي تمكنه من الدفاع عن نفسه والاستمرار في الطريق الذي اختار أن يسلكه، ولن تكون هذه الأزمة الملفقة هي الأولى والأخيرة ، فالقوى التي تسعى لاستقطاب القارة الأفريقية والسيطرة على مواردها ونهب خيراتها لن تتوانى لحظة في تشويه الجانب المصري وإرجاع دوره إلى الوراء لأن بقاء هذه القوى  مستمد من خفوت الصوت المصري بل والقضاء عليه تماما.

فإذا انتبهنا جيدا لهذه النقطة سنعرف أننا نخوض حرباء شنعاء كي نحتفظ بدورنا الريادي والمتميز داخل القارة الأفريقية الذي كان ولايزال هو أماننا واستقرارنا جميعا.

____________

أعدت التقرير 

بثينة صلاح

باحثة في الشأن الأفريقي -مصر

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.