العرب يحاربوا أنفسهم وينسون إسرائيل
تقرير: دينا العشري
يشهد الواقع العربي اليوم حالة من الازدراء والانكسار أمام الإرادة الأمريكية التي أصبحت المتحكم الرئيس في حياة الشعوب العربية، بل جعلت منهم خادمًا لعدوهم اللدود إسرائيل، وبدلا من محاربته والوقوف ضده وانهاءه من الوجود، قاموا بمحاربة أنفسهم بل قاموا بتكريس كل مكانتهم وطاقتهم المادية والعسكرية لمحاربة بعضهم البعض، ليقف العدو متفرجا ومدعما لتلك الصراعات، ولعل ابرز ما يوضح ذلك ما جاء على صفحات نيويورك تايمز ديسمبر 2016 ، التي أصدرت عدداً خاصاً تم تكريسه بأكمله لموضوع واحد استغرق جميع صفحات العدد، الأمر الذي يحدث لأول مرة في تاريخ هذه الجريدة العريقة التي تعتبر قدوة للصحافة الجادة، فكان موضوعه هو الكارثة التي حلت بالعالم العربي خلال 13 عاماً، ابتداءً من عدوان أميركا وبريطانيا على العراق واحتلاله في عام 2003.
ذلك العدوان والاحتلال الأميركي لم يدمر نظام البعث العراقي فحسب، بل دمر الدولة العراقية، وخلق الظروف الملائمة لولادة داعش وأمثالها من التنظيمات الإرهابية، وقضى على العالم العربي وحوّله إلى منطقة ملتهبة، ومصدر لأزمة لاجئين عالمية، كما أعطى إشارة الانطلاق لعصر الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم ويقض مضاجع البشرية.
وقد قدم هذا الموقع العالمي حصيلة بالأرقام الموثقة للخسائر البشرية والمالية التي سببها العدوان الأميركي على العراق بحجة كاذبة، فقد قتل من العراقيين مليون و455 ألفاً و590 شخصاً، ومن حلفاء العدوان الآخرين 3487 عسكرياً، ويضيف الموقع إن الكلفة المالية للحرب على كلا الطرفين بلغت تريليون و705 مليارات و856 مليون دولار.
أجهزت الأمن العراقية ترصد الإرهاب العربي في العراق
ولم يتوقف الأمر عند الحرب الامريكية على العراق بل وجدنا أن العراق حتي الآن لا يزال يحَارب ليس من العدو الخارجي ولكن ايضا من داخل كيانه العربي، فأصبح يحارب من أشقاءه العرب فبدلا من أن يقفوا لمساندته في حربه ضد الأمريكان، نجدهم يحاربونه تحت عدة ذرائع وهمية، ولعل المثير للدهشة ما رصدته أجهزت الأمن العراقية والتي كشفت عدد الانتحاريين غير العراقيين الذين فجّروا أنفسهم في العراق بلغ 2482 انتحارياً من بينهم 2150 عربياً، منهم نحو 500 سعودي وستة إماراتيين وخمسة بحرينيين.
وذلك حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2016
وحسبما أكد العميد فلاح كاظم القريشي، أحد جنرالات الجيش العراقي في الموصل حالياً، خلال حديثة لجريدة العربي الجديد أن عدد المقاتلين العرب في صفوف التنظيم الدولي للإرهاب (داعش) بأنهم أقل من نصف العدد الكلي، لكنهم يتولّون مناصب قيادية فيه. ويضيف القريشي “لا أعلم عدد أو جنسيات كل الدول لكن من المؤكد أن السعودية والأردن تحتل الصدارة بين الدول.
ويشغل في العادة مناصب الإفتاء أو القاضي الشرعي في محاكم تنظيم القاعدة ومن بعده تنظيم “داعش” المعروفة باسم “ديوان المظالم” جهاديون عرب من الجنسية السعودية، بسبب ما يعرفون به من درايتهم في القواعد والمرجعيات التي نشأت عليها التنظيمات الإرهابية التي تحدثت باسم الإسلام لاحقاً، وفقاً للعميد القريشي، والذي اعتبر أنهم يستندون إلى فتاوى متطرفة.
ووفقاً لتقرير صدر أخيراً عن مؤسسة “صوفان غروب” الأميركية المتخصصة في الأمن الاستراتيجي، فإن الجنسية السعودية احتلت المرتبة الثانية بأعداد مقاتلي تنظيم “داعش” في العراق وسورية بواقع 2500 مقاتل. وسبقتها دول المغرب العربي في المرتبة الأولى بواقع ستة آلاف مقاتل، بينما يحل ثالثاً الأردن ثم لبنان ثم دول عربية وغربية أبرزها فرنسا، بينما بلغ المجموع الكلي لمقاتلي التنظيم حتى نهاية عام 2016 ما بين 27 ألفاً إلى 31500 مقاتل، وفقاً للمؤسسة نفسها، ما يعني أن المقاتلين السعوديين يحتلون نحو 20 بالمائة من مقاتلي “داعش” في العراق وسورية،
ومن بين 44 قيادياً في التنظيم يمثلون الهرم الأعلى في “داعش”، يوجد 23 قيادياً من جنسيات عربية بينهم ستة يحملون الجنسية السعودية، أبرزهم سعيد الحربي، وعبد الرحمن القحطاني، فضلاً عن نايف العجمي الذي يشغل حالياً منصباً شرعياً في قيادة التنظيم، وعادل الشمري أبو أسامة مسؤول ديوان المظالم في ولاية الرقة،
من جانبه أكد قائد الفرقة الخاصة اللواء فاضل برواري، في تصريحات صحفية أن أكثر من أربعة ألاف انتحاري من الجنسيات العربية فجروا أنفسهم في العراق، وأشار إلى أن هذه إنجازات “أخوتنا العرب” في قتل النساء والأطفال والشيوخ بـ”إبادة جماعية”، وفيما أكد باستنكار أن هذه الإحصائيات تبين بأننا “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”، كما أشار إلى أن العرب لن يستطيعوا تحرير فلسطين، طالما يحاربون أنفسهم.
وأضاف برواري في إحصائية نشرها بموقعه على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وذكرتها صحيفة (المدى برس) العراقية، إن “أعداد الانتحاريين من الجنسيات العربية الذين فجروا أنفسهم في العراق، هي اربعة ألاف الانتحاريين من الجنسيات العربية”.
وأضاف برواري أن “إنجازات أخوتنا العرب في الأسواق العراقية، والتي أكدتها وزارة الداخلية تشير إلى أن (1201) فلسطيني واردني فخخوا انفسهم في العراق”، لافتا إلى أن “عدد السعوديين الانتحاريين هو 300 شخصا”، فيما جاءت اليمن بالمرتبة الثالثة بـ250 انتحاريا”.
أما سوريا اكتفت بـ200 انتحاريا ومن ثم تونس بـ44 وليبيا بـ40 انتحاريا، أما قطر والإمارات والبحرين أرسلت 20 انتحاريا فقط، واصفا إياها بأنها “دول لا ترى إلا بالمجهر”، في حين لا يتعدى عدد الانتحاريين الفلسطينيين الذين فجروا أنفسهم ضد إسرائيل منذ الانتفاضة الأولى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي 200 انتحاري في أعلى التقديرات، بل وحصرت عددهم مؤسسة العقل الإحصائي في 159 انتحاري.
القدس عاصمة إسرائيل والخزي العربي
حتى مع القرار الأخير الذي اتخذته الإدارة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، قد أوضح قمة التخاذل العربي والذين لم يخرج موقفهم ضد هذا القرار عن الشجب والتنديد والرفض، لهذا القرار، معظم الدول العربية أكدوا أن الوضع القانوني للقدس يقتضي توخي الحرص في التعامل مع هذا الملف الحساس نظرا لمكانة القدس لدى الفلسطينيين والشعوب العربية والإسلامية؟!، داعيًا إلى الحكمة في اتخاذ أي خطوات يمكنها تأجيج المنطقة، مشددين على أن السلام يشكل ركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة والعالم، فهم يريدون السلام مع عدوا يغتصبهم، ويعنفون ويفجرون شقيقا لهم حريص عليهم، فقد وصل عدد الضحايا العراقيين الذين سقطوا جراء العمليات الانتحارية التي قام بها العرب بمختلف طوائفهم، ما بين 112 ـ 122 ألفا من المدنيين، حسبما قالت منظمةIraq Body count البريطانية في تقرير لها .
أما التوزع المذهبي للضحايا فيشير إلى أن 93 بالمئة منهم من “الشيعة”، بينما يتوزع الضحايا الآخرون على باقي الطوائف والقوميات، وحسبما رأت الجهات الأمنية فإن المخابرات السعودية، تقوم بحرب إبادة منهجية منظمة ضد الشيعة العراقيين، حيث يعمد الإرهابيون الذين ينتمون لجنسيات سعودية إلى تفجير أنفسهم في الحسينيات ومجالس العزاء والمساجد والأسواق والشوارع المزدحمة في المناطق ذات الكثافة السكانية “الشيعية”. ومن المعلوم أن جميع التفجيرات قام بها عناصر “القاعدة” في العراق، الذين بدأوا بتنظيم صغير نسبيا (التوحيد والجهاد) أسسه الفلسطيني “أبو مصعب الزرقاوي”(أحمد الخلايلة) بالتنسيق مع المخابرات الأردنية والسعودية، قبل أن يصبح اسمه “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”، لينتهي بتنظيم “دولة العراق والشام”(داعش) الذي بات يبسط إجرامه على العراق وسوريا ولبنان معا، أي منطقة “الهلال الخصيب” بكاملها.
ومن ثم يتضح أن الوقع العربي يوضح أن العرب يحاربون العرب في اليمن ويدمرون البلاد، والعرب يحاربون العرب في سوريا ويدمرون سوريا، والعرب يحاربون العرب في ليبيا ويدمرون ليبيا، والعرب يحاربون العرب في العراق ويدمرون العراق. ومع أن الإرهابيين يشنون حربهم على الإنسانية باسم الإسلام فإن 70% من ضحاياهم مسلمون.
فلا توجد أية مؤشرات على أن هناك مستقبلاً عربياً أفضل، فمعظم الجروح العربية نازفة وملتهبة وتستعصي على الشفاء، وأي مستقبل لمجتمعات لم تعد تعتبر نفسها مجتمعات وطنية بل مكونات اجتماعية، تنقسم على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق.
ومن ثم تستطيع إسرائيل أن تؤكد أنها ليست مسؤولة عما يفعله العرب بأنفسهم ومن حقها أن تشعر بالراحة والأمان طالما أن العرب تكفلوا بتدمير بلادهم، ونسوا قضيتهم العربية وهي عودة فلسطين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع
1ـ عثمان المختار، قائمة ارهابي القاعدة وداعش بالعراق السعوديون يتصدرون ولا قطريين
https://www.alaraby.co.uk/politics/2017/6/14
2ـ عدد الفلسطينيين الذين انتحروا لقتل العراقيين يفوق بكثير عدد الإنتحاريين ضد إسرائيل
http://www.zawyah.org/2013/10/blog-post_4767.html
3ـ الداخلية العراقية: الأغلبية الساحقة من الإنتحاريين في العراق هم فلسطينيين
https://www.israelinarabic.com
4ـ قائد الفرقة الخاصة: اربعة الآف عربي فجروا انفسهم في العراق ، المدى برس
http://www.almadapress.com/ar/NewsDetails.aspx?
5ـ مصر تحذر من المساس بوضعية القدس، البوابه نيوز
http://www.albawabhnews.com/2834486