المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

بعد مالي: بوركينا فاسو الوجهة الجديدة للحراك الإرهابي

0


في هجوم هو الأضخم على العاصمة البوركينابية واغادوغو هذا العام، نفذ مسلحون يطلق عليهم جهاديون هجوماً إرهابياً على مطعم إسطنبول في منطقة كوامي نكروما، وفندق “برافيا” 13 أغسطس 2017 أسفر عن مقتل 18 شخصاً على الأقل من بينهم أجانب، وإصابة 22 أخرين وفق تصريح وزير الاتصال ريميس داندجينو، حيث قال وزير خارجية بوركينا فاسو الفا باريس لوكالة فرانس برس أنه “إلى البوركينابيين السبعة، هناك كويتيتين وفرنسي وكندية وسنغالي ونيجيري ولبناني وتركي”، مشيراً إلى سقوط “ثلاثة ضحايا لم يتم التعرف عليهم بعد”. من ثم أضحت تلك المدينة هدفاً لبعض التنظيمات الإرهابية لاسيما وأن هذه العمليات الإرهابية تكررت في السنوات السابقة منذ سقوط بليز كومباوري عن الحكم عام 2014 في ثورة شعبية بوركينابية رفضت التعديلات الدستورية التي مررتها العديد من الدول الأفريقية، لتضع هذه العمليات الإرهابية الدولة أمام تحديات عدة في ظل توتر الأوضاع الأمنية، وهو ما يطرح تساؤلات هامة حول أهداف وكيفية استهداف التنظيمات الإرهابية الدولة، التي استطاعت أن تتخذ خطى ثابتة وديمقراطية على الصعيد السياسي والاقتصادي نسبياً.

هجمات إرهابية متعددة

مع التكهن بأن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ربما يكون مسؤولاً عن تلك العملية الإرهابية بادر تساؤلاً هاماً حول معاودة الإرهاب لنشاطه مرة أخرى في جبهات مختلفة من مالي والنيجر والجزائر وموريتانيا إلى بوركينا فاسو، والعوامل التي سهلت للتنظيم استهداف الدولة والتوغل فيها بسهولة.

جدير بالذكر أن هذه الهجمات المسلحة لم تكن الأولى، بل سبقها العديد من العمليات الإرهابية لاسيما بعد الثورة البوركينابية عام 2014، ففي يناير 2016 هاجمت مجموعة إرهابية فندق سبلندد Splendid المشهور في واغادوغو، والذي يرتاده أجانب ومقهى «كابوتشينو». وقتل في الهجوم 30 شخصاً معظمهم من الأجانب وأصابوا 71 آخرين بجروح. واعتبر هذا الهجوم أكثر هجوماً دموياً تتعرض له البلاد، حيث يبعد مطعم «إسطنبول» السابق الذكر نحو مائة متر عن مقهى «كابوتشينو» الذي استهدفه تنظيم القاعدة المغاربي، ويعتبر أن هذا الفندق عادة ما تستخدمه القوات الفرنسية التي تنفذ عملياتها في تشاد، وتقوم بملاحقة التنظيمات المتشددة في مناطق عدة من إفريقيا. وقد أصدر التنظيم بيان يتبنى فيه الهجوم، قال فيه: «الاخوة المجاهدين في تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي اقتحموا مطعم أحد أكبر فنادق عاصمة بوركينا فاسو واستمكنوا فيه وهم يخوضون اشتباكات مستمرة مع اعداء الدين».

 وفي ديسمبر من نفس العام، قتل 12 جنديا في هجوم شنه متشددون في الشمال قرب الحدود مع مالي. يليها في مارس 2017، الهجوم على نقطتا تفتيش تابعتان للشرطة، وقتل في الهجوم ثلاثة أشخاص، حيث كانت العاصمة تستعد لمهرجان فيسباكو للفيلم السينمائي، وفي نفس الشهر خُطف شخصان، وأشعلت النيران في مدرسة بعد تهديد متشددين لبعض المؤسسات التعليمية. فضلاً عن قتل 5 أشخاص في مدينة سوم شمال بوركينا على الحدود مع مالي في أواخر يوليو من نفس العام نتيجة الهجوم الإرهابي، كما شهدت البلاد عمليات خطف أيضاً استهدفت عدداً من مواطنيها وأجانب، حيث خُطف في 2015 أسترالي بالقرب من الحدود مع مالي في منطقة باربولي، ومسؤول روماني في منجم في تامباو شمال بوركينا في عملية تبنتها كتيبة المرابطون، وما زالا محتجزين لدى تلك الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

من ثم أضحت تلك العمليات الإرهابية التي استهدفت الدولة منذ عام 2014 دليلاً على التوغل الإرهابي في بوركينا فاسو، وفقدان السيطرة الأمنية على الحدود البوركينية مع دول الجوار، التي تنتشر فيها الجماعات الإرهابية بكثرة.

عوامل انتشار الإرهاب في الدولة

هناك العديد من العوامل التي سهلت للجماعات الإرهابية استهداف بوركينا فاسو التي مثلت بؤرة هاشية من السهل التوغل فيها ومعاودة نشاط القاعدة والجماعات الإرهابية من جديد ، وتصعيد الحراك العملياتي، بالتالي كان هناك العديد من العوامل التي ساعدت على ذلك وهي كالأتي:

  • الاطاحة بالرئيس بليز كومباوري

مع إعلان رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري التخلي عن الحكم بعد 27 عاماً في سدة الرئاسة. أظهرت مدى قدرة الدولة على اتخاذ النهج الديمقراطي في عدم فرض التعديلات الدستورية، رغبة في التغيير، ومع تولي الجيش السلطة بعد سقوط النظام اتخذت الدولة نمطاً سياسياً مختلفاً. جدير بالذكر أن الشعب البوركيني قد أطاح بالرئيس في ثورة عارمة بعد أن كان ينوي أن يظل في السلطة لمدة 15 عاماً أخرى، وذلك بتعديل المادة 37 من الدستور ، والذي اتخذ نهج القمع والعنف والقتل ضد المتظاهرين في اكتوبر ونوفمبر 2014، مما أدى إلى قتل 7 أشخاص وجرح 88 آخرين. ناهيك عن التهم التي ألحقت به مثل اختلاس الأموال العامة والفساد الإداري، والتجاوزات السياسية من محاولات الاغتيالات والانقلابات، وكحال الدول الأفريقية الأخرى بالرغم من الثروات التي تعج بها الدولة، إلا أنها مُحتكرة من قبل النظام الحاكم والنخبة ما أدى إلى انتشار الفساد لفترة من الزمان، فضلاً عن الفقر والبطالة والتوزيع غير العادل للثروات. في ظل وجود معارضة هشة وقريبة من النظام، ولا تحظى بأي تأييد شعبي لضعفها.

حيث يقول الدبلوماسي الفرنسي بيث أن «بطالة الشباب الذي يمثل أكثر من 60 في المائة من السكان؛ وانتشار الفقر؛ هذا بالإضافة إلى التفاعل مع الصراعات التي تضرب البلدان المجاورة؛ كل هذا مكّن من توحيد المطالب السياسية للمعارضة مع القدرات الثورية لدى الشباب الذي يحركه عدم الرضا عن الوضع القائم منذ سنوات سبقت ميلاد نسبة كبيرة منهم».

وبالرغم من الدور الدبلوماسي الذي حظي به كومباوري في العديد من القضايا في غرب أفريقيا وذلك في الوساطة في الصراعات الدموية إلا أنه كانت تربطه علاقات مع العقيد معمر القذافي وحركات التمرد في غرب أفريقيا مثل حركة تشارلز تايلور في ليبيريا، والمتمردين في كوت ديفوار وسيراليون، والطوارق في شمال مالي؛ والذي عمل كوسيط بين هذه الحركات والحكومات في إنهاء صراعاتهم. من ثم كان سقوطه نقطة بداية لعدم استقرار أمني في ظل عمليات انتقامية من اتباعه لاسيما المليشيا المسلحة التابعة له، ما أدى إلى انتشار الجماعات المسلحة وعلى رأسها القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة أنصار الإسلام وغيرها من الحركات المسلحة المالية النشطة على الحدود مع الدولة.

  • دول الجوار ذات السيطرة الإرهابية من قبل القاعدة المغاربي

تعتبر بوركينا فاسو من أكثر الدول الأفريقية المحاطة بدائرة إرهابية كبيرة سهلت تلك الدائرة اختراق الجماعات الإرهابية إلى داخل الدولة، تلك الدائرة هي كونها محاطة بالعديد من الدول الأفريقية التي تعتبر معقلاً للتنظيمات الإرهابية لا سيما تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وأنصار الدين، وتلك الدول هي مالي التي استطاع التنظيم أن يسيطر على أجزاء واسعة منها عام 2012، وبالرغم من طرده على أيدي القوات الفرنسية منذ عام 2013 مع قوات الجيش المالي، إلا أنه مازال ينشط في الدولة مع بعض تحالفاته المتعددة من الجماعات المسلحة، في ظل انهيار الدولة سياسياً واقتصادياً، وكذلك النيجر الذي ينشط فيها تنظيم المرابطون بزعامة مختار بلمختار، والتي تعتبر مرتعاً للعمليات الإرهابية التي يقوم بها هذا التنظيم بين الحين والأخر، والذي استطاع أن يزيد من عملياته في العديد من المناطق في الدولة، وساحل العاج أيضاً التي طالها اعتداء إرهابي في 2016.

 وبالتبعية حدود تلك الدول مع الجزائر وموريتانيا، والتي تعتبر هي الأخرى مرتعاً لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب، وجند الخلافة، والمرابطون، وغبرها، الذي يستخدم الحدود بين جنوب الجزائر مع مالي وموريتانيا لممارسة العمليات الإرهابية، خاصة أن هذه المنطقة تعتبر من أهم المناطق، التي تعتبر حاضنة للجماعات الإرهابية لاسيما التنظيم المغاربي الذي يصعًّد من نشاطه في المنطقة، دلًّ على ذلك إعلان تنظيم القاعدة المغاربي أن العملية التي قام بها في بوركينا فاسو عام 2016 كان منفذيها من مالي، والتي أتت بعد أقل من شهرين من الاعتداء على فندق راديسون بلو في باماكو بمالي أسفر عن سقوط 20 قتيلاً، بينهم 14 أجنبياً، بعد أن احتجز مسلحون لعدة ساعات نحو 150 نزيلاً وعاملاً في الفندق، قبل تدخل القوات المالية مدعومة من قوات خاصة فرنسية وأمريكية ومن مهمة الأمم المتحدة. كما أعلنت الشرطة البوركينابية أن الهجوم الأخير الشهر الجاري كان مسلحيه يستقلون مركبات قادمة من النيجر. وهو ما يوضح تعدد التنظيمات الإرهابية التي تظهر حراكها النشط في في منطقة غرب أفريقيا بأكملها، لاسيما بوركينا فاسو كوجهة جديدة للنشاط الإرهبي في هذه المرحلة.

  • حراك تنظيم “أنصار الإسلام” في بوركينا فاسو

نشط المتشددون في تكوين جبهة شمال بوركينا فاسو أطلقت على نفسها “أنصار الإسلام” في 22 سبتمبر 2016، التي يقودها المتشدد إبراهيم ديكو، وهو من مدينة جيبو الشمالية، والذي كان يقاتل مع الجهاديين في مالي، واستطاع أن يجذب المقاتلين بخطبه الدينية الحماسية. حيث تشكل حركة “أنصار الإسلام” امتداد لجبهة تحرير ماسينا في مالي، التي يقودها “محمد كوفا”، المنتمية لجماعة أنصار الدين التي يقودها إياد أغ غالي. وقد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات على مركزين للشرطة في شمال إقليم سوم في 27 فبراير 2016.

زادت الحركة الهجمات الانتقامية فى محافظة سوم مستهدفة مخبرين، على إثر القضاء على “الارهابي” أرونا ديكو، المعروف بأنه مقرب من الداعية ابراهيم ديكو، وذلك في عملية عسكرية فى بيتيغا، التى تبعد 25 كلم عن دجيبو، وذلك فى مارس 2016. وقد أعلنت الحركة أيضاً مسؤوليتها عن مقتل 12 جندياً بوركينياً، حيث أصدرت في بيان “بأن هذا الهجوم لن يكون آخر هجوم لمقاتليه في المنطقة”. كما أعلن مسئوليته عن الهجوم على مقرين للشرطة في “بارابولي” و”تونغوماييل” في 27 يناير 2017. كما بدأ في استهداف قوات من دول الجوار، حيث نفذ بعض عناصره هجومًا على قاعدة “بوليكيسي” العسكرية قرب الحدود بين مالي وبوركينا فاسو، في 5 مارس 2017، وهو ما أسفر عن مقتل 11 جنديًا ماليًا.

كما ربطت هذه الحركة علاقات وطيدة مع “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي تكونت في 2 مارس 2017، من تحالف جماعات إرهابية مثل حركة “تحرير ماسينا” وجماعة “أنصار الدين” اللتين دخلتا في تحالف صريح وعلني مع مجموعتين “قاعديتين” هما “إمارة الصحراء” و”كتيبة المرابطون”. وهو مازاد الوضع خطورة على الدولة البوركينية نتيجة حراك ونشاط تلك الحركة وتحالفاتها مع باقي التنظيمات الإرهابية في المنطقة.

  • الدور المشبوه للحرس الرئاسي التابع لبليز كومباوري.

بالرغم من إنهاء حكم كومباوري بعد الثورة إلا أن رغبة الرئيس في العودة إلى السلطة أدت إلى عملية انقلاب الحرس الرئاسي التابع له على الحكومة المؤقتة، والتي بدأت مهامها عام 2014، حيث قام الحرس الرئاسي لكومباوري باحتجاز الرئيس المؤقت ميشال كافاندو ورئيس حكومته اسحق زيدا، وأعلن المجلس الوطني للديمقراطية الذي يتزعمه رئيس الأركان إغلاق الحدود وفرض حظر التجوال، وذلك في سبتمبر 2015، في وقت كانت تخطط فيه الدولة لانتخابات تشريعية ورئاسية لإنهاء تلك المرحلة الانتقالية.

وبالرغم من فشل عملية الانقلاب، إلا أن هذا الحرس الرئاسي مازال له حراك في الدولة، حيث يتهم مسؤولين استخباراتيين أن جنوداً سابقين في قوة النخبة الرئاسية RSP يساعدون مقاتلي حركة أنصار الإسلام على التمدد في الدولة ومواصلة حراكها، حيث كشفت اتصالاً بين بوباكار ساوادوغو، الهارب من قوة النخبة، وزعيم أنصار الإسلام.، كما صرحت الحكومة أن أعضاء سابقين بالقوة الرئاسية يشاركون في هجمات في مالي وبوركينا فاسو. حيث تعتبر القوة الرئاسية أو الحرس الرئاسي مليشيا أسسها بليز كومباوري لأمنه الشخصي والتي لديها عمل خارج حدود البلاد. من ثم تشكل هذه القوة خطورة أيضاً على الدولة بشكل أكبر من تنظيم أنصار الإسلام نفسه، لأنها كانت مرتبطة بالقوة العسكرية في فترة حكم بليز كومباوري، وبالتالي فلديها خبرة ومعرفة بالتحركات الاستخباراتية والعسكرية، التي من الممكن أن تكشفها عند أي تحرك عسكري ضد التنظيمات الإرهابية في شمال البلاد.

  • ضعف القبضة الأمنية  للدولة

دلًّت حراك الجماعات الإرهابية لاسيما في شمال بوركينا فاسو إلى ضعف القبضة الأمنية للجيش البوركيني الذي فقد السيطرة في داخل الدولة وعلى حدودها مع دول الجوار، ما أدى إلى زيادة نشاط الحركات الإرهابية داخل الدولة، ناهيك عن سيطرة جماعة أنصار الإسلام على منطقة سوم في الشمال، وهو ما دفع السكان إلى الهروب من تلك المدينة لممارسات الجماعة في السرقة والقتل والنهب، وذلك كما صرح مواطني تلك المنطقة، والذين انتقدوا الدور المتراخي للقوات الأمنية، التي عجزت عن حمايتهم. خاصة مع ضعف تلك القوات في تعقب الجماعة داخل المنطقة الجبلية في الشمال وباقي التنظيمات الإرهابية، التي تقود عمليات مسلحة داخل الدولة وهو ما وضع القوات الأمنية أمام تحديات وصعوبات يصعب تجاوزها في ظل قلة الموارد المالية والبشرية.

  • تحديات مستقبلية

تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة  

يفرض الوضع الأمني المتوتر واستمرار عدم الاستقرار إلى تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في الدولة لاسيما التنظيمات التي استطاعت أن تتمدد في الداخل وتمارس أعمال إرهابية كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة أنصار الإسلام، والمرابطون، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وغيرها. فمن ناحية نجد أنه بالرغم من الضربات التي منيت بها بعض هذه التنظيمات لاسيما القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة أنصار الدين من قبل القوات الفرنسية التي استطاعت القضاء على عدد كبير من عناصرها، إلا أنها مازالت تنشط في منطقة الساحل والصحراء، ما يعطي قوة ومنعة لتلك التنظيمات في جذب المزيد من المقاتلين خاصة مع ضعف القوات الأمنية على تأمين الحدود، لا سيما مالي، التي مازالت تعاني من توترات سياسية مع جماعة الطوارق، دلّ على ذلك الهجمات الإرهابية التي قام بها تنظيم القاعدة المغاربي في 15 اغسطس الجاري على قاعدة لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي في مدينة تمبكتو بشمال البلاد، ما أدى إلى قتل سبعة أشخاص بينهم أحد أفراد قوة حفظ السلام وخمسة حراس أمن ماليين وفرد من قوات الشرطة ومدني. وهو ما يعطي استمرارية للتنظيم، وتصاعُد تحالفاته مع القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى . من ثم تتيح هذه العوامل التوغل داخل بوركينا فاسو كوجهة جديدة للتنظيمات الإرهابية في ظل الاضطرابات الأمنية الداخلية، وعدم السيطرة على المناطق الحدودية.

استمرار حراك جماعة أنصار الإسلام

من ناحية أخرى نجد حراك جماعة أنصار الإسلام التي من المحتمل أن تكون قوة تنظيمية إرهابية لها سيطرة على بعض المناطق في شمال بوركينا مستغلة في ذلك ضعف القوات الأمنية لتعقبها في الجبال، مع القوات العسكرية التي كانت تابعة للجيش، والتي من المحتمل أن تعطي منعة وقوة لهذه الحركة لمواصلة عملياتها العسكرية، وذلك إذا ثبت تورط بعض القوات العسكرية التابعة لبليز كومباوري (الحرس الرئاسي) في التحالف معها. بما يفرض تحديات جمة تواجهها الدولة في القضاء على هذه التنظيمات في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها. حيث شرعت بوركينافاسو عقب هجمات مارس 2016 سحب قواتها المشاركة في مهام حفظ السلام الدولية في مناطق مثل السودان ومالي لتقاتل جماعة أنصار الاسلام في الشمال، إلا أنها لم تتخذ مواقف حازمة تجاه هذا الأمر .

مدى نجاعة المبادرات الأمنية لمكافحة الإرهاب

بالرغم من العديد من المبادرات الأمنية لمكافحة الإرهاب في المنطقة إلا أنها باءت بالفشل، في ظل وجود قوات أفريكوم الأمريكية لمكافحة الإرهاب، والقوات الفرنسية التي تقدر بأربعة آلاف عسكري ضمن عملية برخان في منطقة الساحل والصحراء، ناهيك عن المبادرات الإقليمية مثل معاهدة إنشاء دول الميدان لمكافحة الإرهاب (بين دول الساحل الأفريقي) وهي الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، والتي استنفرت أجهزتها الأمنية وقوات عسكرية موجودة على الحدود بينها بعد ساعات من الهجوم؛ إلا أن تلك الدول ما زالت تجابه العمليات الإرهابية بالمزيد من المبادرات والاتفاقيات للتنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب، حيث وسعت الأجهزة القنصلية الفرنسية في بوركينا فاسو نطاق المنطقة الحمراء التي ينصح بعدم السفر إليها، لتشمل قسمًا كبيرًا من بوركينا فاسو دون أن تشمل العاصمة، كما أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس البوركيني والفرنسي اتفقا على “ضرورة تطبيق القرارات التي اتخذت في قمة باماكو في 2 يوليو 2017 والإسراع في نشر القوة المشتركة بين مجموعة دول الساحل الخمس، موريتانيا وتشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، والتي من المفترض أن تضمّ خمسة آلاف عنصر “.

من ثم ربما تفرض تلك المبادرات والتنسيق الأمني خطوة نحو مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية ممارستها وتطبيقها على الأرض وتحقيق نتائج فعالة تتلمسها الشعوب الأفريقية التي تقع ضحية لتلك العمليات الإرهابية الغاشمة باسم الدين.

هناك تعويل كبير على القوة الكبرى التي تتساهل في محاربة التنظيمات الإرهابية بالرغم من أن قواتها العسكرية تنتشر في أرجاء القارة الأفريقية لاسيما في أماكن التوتر وهو ما يفرض تساؤلاً حول أهداف تلك القوى من ترك استمرار حراك التنظيمات الإرهابية في المنطقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع

رشا السيد عشري، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بين الفكر والحركة، رسالة ماجستير (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الأفريقية، 2015).

أخبار الساحل، “أنصار الإسلام” تمدد جديد للحركات الجهادية في غرب إفريقيا، أخبار الساحل، 3/02/2017.

http://sahelnews.info/node/3195

اليوم السابع، 5 قتلى فى هجوم نفذه متطرفون على حدود بوركينا فاسو، اليوم السابع، 25 يوليه 2017.

http://bit.ly/2wL4F0c

العربية نت، أولى الصور لمن نفذوا هجوم بوركينا فاسو وقتلوا 29 شخصاً، العربية نت، 18 يناير 2016م.

http://bit.ly/2eKH5a6

بي بي سي، بوركينا فاسو تخوض حربا شرسة ضد الجهاديين،  BBCعربي، 14 أغسطس 2017.

http://www.bbc.com/arabic/world-40925623

بي بي سي، 18 قتيلا في هجوم على مطعم تركي في بوركينا فاسو،  BBC عربي، 14 أغسطس 2017.

http://www.bbc.com/arabic/world-40919986

جريدة الشرق الأوسط، بوركينا فاسو.. نهاية عهد كومباوري.. غادر السلطة بثورة ربيعية بعد 27 عاما من الحكم المتسلط، جريدة الشرق الأوسط، نوفمبر 2014 م.

http://bit.ly/2wLA8AA

جريدة الشرق الأوسط، انتهاء الهجوم الإرهابي على مطعم في بوركينا فاسو، جريدة الشرق الأوسط، 14 أغسطس 2017 م.

http://bit.ly/2wcdzRe

رشا السيد عشري، تطورات المشهد الافريقي 23 أكتوبر 2016، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، اسطنبول، ٢٣ أكتوبر ٢٠١٦.

http://bit.ly/2xQ5wuD

روسيا اليوم، بوركينا فاسو: الجيش يعزل الرئيس كافاندو ويحل جميع مؤسسات الدولة، روسيا اليوم، 17/09/2015.

http://bit.ly/2xdW0Vx

سبوتنيك نيوز، هجوم مسلح على مطعم تركي بعاصمة بوركينا فاسو ، سبوتنيك نيوز، 14/ 8/ 2017.

https://arabic.sputniknews.com/world/201708141025632569/

صحيفة الجريدة،”كويتيتان” ضمن ضحايا «الهجوم الارهابي» على مطعم بوركينا فاسو، الجريدة،14-08-2017.

http://www.aljarida.com/articles/1502709084933361000/

فرانس 24، بوركينا فاسو: قتلى في هجوم بإطلاق النار على مطعم في واغادوغو، France 24، 14/08/2017.

http://bit.ly/2wIfwq3

مركز المستقبل، احتمالات متشابكة: هل يتجه تنظيم “أنصار الإسلام” لتصعيد عملياته بغرب إفريقيا، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 17 أبريل 2017.

http://bit.ly/2wcs9Ii

د.هالة الهلالي، أبعاد ومحددات التفاعلات الخارجية للحركات الإرهابية، السياسة الدولية، 9-8-2017.

http://www.siyassa.org.eg/News/15197.aspx

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.