المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

تحديات الصحافة الأفريقية

0

نعلم أن الصحافة الأفريقية لديها تاريخ طويل من النضال ضد الاحتلال والمشاركة الوطنية في حصول الدول الأفريقية على تحررها من المستعمر الابيض الذي ظل جاثما عليها لمدة سنوات وسنوات، وتسعي الصحافة الأفريقية بالرغم من ضعف الامكانيات لديها إلى تحقيق قدر من التقدم والتنمية بل وتشارك في صنع التنمية المحلية بداخل الدولة في محاولة لتحقيق دورها الرئيسي المتمثل في مراقبة البيئة والمشاركة في صنع القرار السياسي من خلال الاسترشاد بها بما تقوم بتوصيله من رسائل الرأي العام للسلطة السياسية والعكس.

وتتميز الصحافة الأفريقية بوجود مساحة كبيرة من الديمقراطية في بعض الدول في مقدمتها دولة السنغال حيث تتمتع الصحف الخاصة بها بقدر كبير من الديمقراطية وتسعي إلي نقد الاوضاع الخاطئة داخل الدولة بصورة واضحة في محاولة لإصلاحها وفي دراسة قمت بإجرائها حول مقدار تناول الصحف الخاصة السنغالية لقضايا التحول الديموقراطي ونسبة 19,5% من المضامين التي تناولت قضايا التحول الديموقراطي وما يرتبط بها من حرية سياسية أو ممارسات ديموقراطية لرئيس الجمهورية أو الحكومة, وقد جاء تناول هذه المضامين في الصحف الخاصة وتحديدا صحيفة Le Quotidient  التي كانت محل الدراسة. وكذلك كانت قضايا حقوق الانسان وحجم الحرية التي يتمتع بها الافراد جاءت بنسبة 44,2% من حجم المضامين التي يتم نشرها في نفس الصحيفة السابق ذكرها، وهي نسبة كبيرة ولا يمكن تغافلها خاصة وإن كانت بعض هذه المضامين كانت تسعي إلي رصد الممارسات الخاطئة للدولة التي تقلص من حقوق الافراد داخلها.

وإن كانت الصحافة السنغالية تتمتع بهذا القدر من الديموقراطية والتحرر وهو السمة الغالبة علي أغلب الصحف الخاصة بالدول ذات الميراث الاستعماري الفرنسي بداخل القارة كساحل العاج والكاميرون ومالي, إلا أن الدول ذات الميراث الاستعماري الانجليزي لم تتكن تتمتع بهذا القدر من الديموقراطية والحرية ولعل ذلك كان العائق الاكبر التي تواجه صحافة تلك الدول حيث أن عمليات الترهيب التي يتم ممارستها من جانب السلطة السياسية ضد الصحفيين المعارضين وعمليات الاعتقال والنفي لهو خير دليل فعلى سبيل المثال في غرب إفريقيا وتحديدا في كلا من غانا ونيجيريا بالرغم من تصديق هاتان الدولتان على المعاهدات الدولية ودساتير جديدة تكفل حرية الصحافة إلا أن التطبيق الفعلي يختلف عن ذلك إذ يتعرض الصحفيون لأعنف أنواع العقاب إذا ما خرجوا عن النص المرسوم لهم من قبل الدولة أو الحزب الحاكم  كما سجل تقرير مراسلون بلا حدود لعام 2007 أنهم من بين 7 دول افريقية أخري الاكثر عداوة تجاه الصحفيين.

وهناك ما يمكن أن نسيمه بسمات عامة حول الصحافة الأفريقية والتحديات التي تواجها والتي تتمثل في:-

1-  سيطرة الحكومات والأحزاب الحاكمة على الصحف, وتدخل السلطات في الصحف ذات الملكية الخاصة الأمر الذي يضع قيودا على حرية الصحافة, ويهدد الصحفيين بالسجن أو المحاكمة. فعلى سبيل المثال في غرب إفريقيا وتحديدا في كلا من غانا ونيجيريا بالرغم من تصديق هاتان الدولتان على المعاهدات الدولية ودساتير جديدة تكفل حرية الصحافة إلا أن التطبيق الفعلي يختلف عن ذلك إذ يتعرض الصحفيون لأعنف أنواع العقاب إذا ما خرجوا عن النص المرسوم لهم من قبل الدولة أو الحزب الحاكم كما سجل تقرير مراسلون بلا حدود لعام 2007 أنهم من بين 7 دول افريقية أخري الكثرة عداوة تجاه الصحفيين.

2-  لم تحقق الصحافة في أفريقيا بعد مستوى متقدما- وذلك باستثناء صحف نيجيريا وكينيا وغانا ومدغشقر, فمستوى أجور الصحفيين منخفض, وغالبية الصحفيين يمارسون المهنة كعمل إضافي وكهواية. ومازال هناك العديد من الدول التي تعانى في ضعف مستوى الصحف بها في مقدمتها الصومال ومالي. بالإضافة إلى التبعية الغربية فيما يقدم أو ينشر عبر الصحف الوطنية مما كان له بالغ الأثر في تقدم وازدهار الصحف داخل القارة.

3-  تعانى معظم الدول الأفريقية حتى ألان من نقص في العناصر الضرورية لوسائل الإعلام وبخاصة العناصر المدربة, على الرغم من وجود الكثير من المعاهد التدريبية حاليا في الدول الأفريقية إلا أن ضعف الإمكانيات اٌلاقتصادية والتكنولوجية في هذه الدول يحول دون وصولهم إلى مستوى الصحفيين في الدول أللأوروبية.

4- مشكلة تعدد اللغات, وهى مشكلة أساسية تتمثل في وجود ألف لغة قبلية يتحدث بها أبناء القارة.

5- هنالك مشاكل تعانى منها الصحافة الإقليمية في الدول الأفريقية إذ يتركز الاهتمام على المدن الكبيرة بينما تخلو الأقاليم من وجود صحافة تعبر عنها, وأحيانا لا تصلها صحف العاصمة, فنظرا لصعوبة المواصلات. وقد لاحظ فرانك بارتون أحد المتخصصين في الإعلام الإفريقي أن مشكلة المواصلات بالإضافة إلى انتشار الأمية في المناطق الريفية تجعل كثيرا من الإفريقيين لا يعرفون الصحف، ولكنهم يستمعون إلى الراديو الذي يعتبر الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا ففي جنوب إفريقيا على سبيل المثال يتم الاعتماد على الراديو بنسبة 90% في حصول المواطن على المعلومات والأخبار بينما تأتى نسبة الاعتماد على الصحف 40% بالمقارنة لباقي وسائل الإعلام الأخرى.

6- كذلك تعاني الصحف الأفريقية من مشكلة التبعية الاعلامية فبالرغم من أن الدول الافريقية قد تخلصت من الاستعمار الغربي إلا أن ضعف امكانيات الدول الاقتصادية والتكنولوجية جعل الاعلام دائما ما يعتمد علي ما يبث عبر وكالات الأنباء الأجنبية لإمداده بالمعلومات حول ما يحدث حتي في داخل دولته وهو ما كان في كثير من الاحوال انعكاس للصورة النمطية السلبية عن افريقيا ودول الجنوب.

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.