حركة الشباب بالصومال.. النشأة والأفكار والسيناريوهات المستقبلية
على الرغم من أن الصومال، التي تقع في منطقة هامة للغاية بشرق أفريقيا وتطل على القرن الأفريقي الممر الحيوي للتجارة العالمية،
تجسد نموذجا للدولة الأمة التي تملك مقومات الوحدة بين أبنائها من دين ولغة ومذهب مشترك، فإن أهلها دخلوا في حرب أهلية طاحنة بعد سقوط نظام الرئيس سياد بري عام 1991م ارتفع فيها الولاء للقبيلة على الولاء للوطن؛ مما أدى إلى انهيار الصومال وأصبحت نموذجا للدولة الفاشلة، وساعد ذلك على بروز حركة الشباب المجاهدين المتطرفة عام 2007.
وأكدت الحركة في بياناتها سعيها لإقامة الدولة الإسلامية في منطقة القرن الأفريقي، واستمرارها في قتال القوات الحكومية التي اعتبرتها مرتدة، وكذلك الحركات التي لا تتفق مع أيديولوجيتها، والقوات الأجنبية الموجودة في الصومال، وقامت بقتال القوات الإثيوبية التي غزت الصومال، هذه التداعيات أدت إلى إدراج الولايات المتحدة لها على قائمة الحركات الإرهابية العالمية في 29 فبراير 2008 واتهمتها بالارتباط بالقاعدة، بل إن بعض المحللين الأمريكيين أكدوا أنها تمثل خطرا على أمن الولايات المتحدة، بيد أن الحركة رحبت بهذا الوصف مشيرة أن واشنطن تلصق هذه الاتهامات بمن لا يرضخ لأهدافها، وأنها ماضية في استراتيجيتها الجهادية ولن تتراجع.
واستطاعت حركة الشباب في أقل من أربع سنوات منذ 2007 وحتى 2011 السيطرة على أكثر من 80% من مناطق وسط وجنوب الصومال، وكانت كلما فرضت سيطرتها على مكان تعلن التطبيق المتشدد لأحكام الشريعة فيه؛ مما أدى إلى خسارتها للتأييد الشعبي والقبلي الذي حظت به أثناء قتالها للقوات الإثيوبية، ثم تغيرت الأوضاع في أواخر عام 2011؛ حينما تمكنت بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، (أميسوم) (AMISOM) African Union Mission to Somalia إخراجها من العاصمة مقديشو ومناطق أخرى هامة أبرزها منطقة وميناء كيسمايو الاستراتيجي، وأدى ذلك إلى إلحاق هزائم كبيرة بين صفوف الحركة، وفي شهر سبتمبر 2014 استطاعت طائرة أمريكية بدون طيار استهداف زعيم الحركة أحمد عبدي غودني Godane (الملقب بالشيخ عبدالرحمن مختار أبو زبير) أمير التنظيم، وقتلته واعترفت حركة الشّباب بمقتله, حيث بادرت بإصدار تقريرٍ تحت شعار (ربح البيع أبا الزّبير) ذكرت فيه مقتل زعيمها متوعّدة بالثّأر له برد مزلزل من أعدائها, كما نشرت عبر مواقعها على الإنترنت بفيديو لمتحدّثهم علي محمود راجي (علي طيري) يؤكد به تلك الواقعة.
لكن الحركة استطاعت تنظيم صفوفها من جديد والاستمرار في القيام بعملياتها داخل العاصمة مقديشو بل وامتدت إلى خارج الصومال، ومثال ذلك الهجوم الدامي الذي نفذته في الثاني من إبريل 2015 في جامعة غارسيا بكينيا وأدى إلى مقتل 147 طالبا.
ظهور الحركة ونشأتها
يتفق الباحثون على أن النشأة العلانية لحركة الشباب المجاهدين وإعلانها عن نفسها كحركة مستقلة كانت عام 2007 إثر إعلانها الانشقاق عن اتحاد المحاكم الإسلامية بعد أن كانت الجناح العسكري له.
1- بداية ظهور الحركة:
اختلف الباحثون حول التوقيت التي بدأت فيه الحركة عملها، لكن يمكن القول إنها كانت امتداد للاتحاد الإسلامي الموجود في الصومال منذ الثمانينيات وهو حركة سلفية متشددة يتبنى الفكر الوهابي، والذي اضطر إلى عمل مراجعات في التسعينيات وقد رفض عدد من أعضائه هذه المراجعات واستمروا في نهجهم المتشدد وكانوا نواة هذه الحركة.
2- النشأة العلانية للحركة:
أعلنت “الشباب” عن نفسها كحركة مستقلة، في شهر ديسمبر عام 2007 بقيادة أحمد عبدي غودني (أبوالزبير)، إثر انسحابها من اتحاد المحاكم الإسلامية الذي استطاع السيطرة على العاصمة مقديشيو لمدة 6 أشهر، ورأى فيه البعض قدرته على معالجة انهيار الدولة الصومالية إلا أن الغزو الإثيوبي للصومال في 2006 أدى إلى تفكك اتحاد المحاكم، مما ساعد على بروز حركة الشباب بعد ذلك، ورفضت الحركة تحالف أعضاء المحاكم مع المعارضة الصومالية في مؤتمر أسمرة الذي انعقد في سبتمبر2007، واتهمتهم بالتحالف مع العلمانيين، والتخلي عن الجهاد في سبيل الله، ووصفت الحكومة الصومالية بـ “المرتدة”.
ومنذ ذلك الحين، ظهرت الحركة على أنها الأكثر قوى وفاعلية على أرض الواقع، واستفادت من الدعم الشعبي الكبير بسب مقاومتها الجدية والمنظمة ضد الوجود العسكري الإثيوبي، وهزيمتها له، حيث اضطرت إثيوبيا إلى سحب قواتها والخروج من الصومال في 2009 بعد الضربات التي تلقتها.
تبعية حركة الشباب للقاعدة وخطر الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بعد مقتل زعيمها:
بثت مواقع الإنترنت والقنوات التلفزيونية الإخبارية في التاسع من فبراير 2012 تسجيلا مصورا لزعيم تنظيم القاعدةأيمن الظواهريالذي تولى قيادة التنظيم في 2011 عقب مقتل أسامة بن لادن في هجوم أمريكي في باكستان-، أعلن فيه أن حركة الشباب المجاهدينالصومالية انضمت رسميا لشبكة القاعدة العالمية.
وأنهت الحركة بهذا الفيديو جدلا كبيرا بين الباحثين بشأن العلاقة مع القاعدة، ففي الوقت الذي أشار فيه البعض إلى أن الحركة منتمية فكريا وتنظيميا إلى القاعدة، كان البعض الأخر يؤكد أن ارتباطها بالقاعدة لا يتعدى المستوى الفكري، وأن الشباب تنظيم مستقل عن القاعدة ولم تعلن الانضمام الرسمي لها.
وكان قادة الشباب قبل الانضمام الرسمي يشيرون إلى وجود توافق أيديولوجي بينهم وبين القاعدة أبرزه السعي إلى دعم وتطبيق قوانين الشريعة، مع نفي الارتباط التنظيمي بها، فعلى سبيل المثال، عندما سئل مختار روبو القيادي بالحركة عن علاقة الشباب بتنظيم القاعدة في حوار له مع قناة الجزيرة عام 2009 أوضح أن العلاقة عبارة عن تأييد فكري فقط، ولم تصل إلى درجة الانضمام على المستوى التنظيمي.
ومع ما تواجهه الحركة من صعوبات للاحتفاظ بالقدرة على اجتذاب الجهاديين، بعد بروز تنظيم داعش والأكثر براعة في استغلال وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع إعلان حركة بوكو حرام في نيجيريا مبايعته، فإنها من الممكن هي الأخرى أن تنضم لداعش، وترجح الباحثة حدوث هذا الأمر قريبا، ما يمثل أمر في غاية الخطورة، لأنه ومع تواجد داعش في اليمن بعد التطورات الأخيرة فإن انضمام حركة الشباب للتنظيم يعني قوة إضافية لداعش في منطقة القرن الأفريقي، وهذا أمر لن يحمد عقباه لكل دول المنطقة.
الإطار الفكري لحركة الشباب
1- منطلقات الحركة:
يتمثل المنطلق الرئيسي للحركة في أنها ترى أن الصومال هو ساحة مواجهة للنفوذ والدور الإقليمي لإثيوبيا والولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي، وأن الصومال القادم يجب أن يحكم وفق أسس تعتمد الرؤية الإسلامية، ومن ثم فهي تؤمن أنه لا نهاية للمقاومة إلا بتأسيس سلطة إسلامية واضحة المعالم والمفاهيم والمرجعيات، وضرورة إعادة توحيد ما انقسم عن الصومال، مثل جمهورية أرض الصومال.
وتنظر للحكومـات والنظم السياسية القائمة على أنها أنظـمة كفر تخالف الإسلام وتعادي الشريعة الإسلامية وتوالي أعـداء الدين الإسلامي، ورفض التعامل مع مؤسسات الدولة على اعتبار أن ذلك سيؤدي إلى الاعتراف بمؤسسات الكفر والجماعات الممتنعة عن تطبيق الشريعة وتقويتها، لا تؤمن بالحدود أو فكرة الوطن، والولاء والبراء أهم من صلة القرابة او النسب.
2- أهداف الحركة:
أعلنت “الشباب” أن هدفها الرئيسي هو رفع راية الجهاد من أجل تخليص الصومال من إثيوبيا وحلفائها، والعملاء الصوماليين العلمانيين، ومهاجمة قوات حفظ السلام بجنسياتهم المختلفة، وأنها تهدف لإقامة خلافة إسلامية تُبنى على الفكر الوهابي في منطقة القرن الأفريقي واستعادة الصومال الكبير.
موقف الحركة من أطراف الصراع في الصومال
اتخذت الحركة موقفا فكريا متشددا من الأطراف التي تختلف معها أيديولوجيا وصلت إلى تكفيرهم، وإباحة القتال المسلح ضدهم، وهذا ما يتضح من خلال العرض التالي:
1- الموقف من علماء الصومال التقليديين:
حرصت حركة الشباب ضمن استراتيجيتها بعيدة المدى على القضاء على الزعامات التقليدية الدينية في الصومال، وعدم السماح للعناصر التي تنضم إليها بتلقي فتاوى ونصائح وإرشادات دينية خارج إطار الحركة بل وصفو العلماء والدعاة البارزين في العالم الإسلامي خصوصا الشيخ ابن باز والألباني بأنهم “علماء سلطة” تخلوا عن الجهاد “!.
2- موقف الحركة الفكري من رؤساء الصومال وحلفائهم: وصفتهم بالخونة والمرتدين الذين لا يحكمون بكتاب الله ويتعاونون مع الغرب الكافر، وانسحب هذا الموقف على كل من عبدالله يوسف أحمد، والشيخ شريف شيخ أحمد، والرئيس الحالي حسن شيخ محمود.
3- الموقف من قوات أميسوم والدول الغربية:
اعتبرت حركة الشباب أن قوات بعثة الاتحاد الأفريقي أميسوم ما هي إلا قوات غازية، مدعومة من الدول الغربية الصليبية التي لا تريد إلا تدمير الصومال وقتل أهله؛ لذا وجب الجهاد ضد هذه القوات، كما اعتبرت الدول الغربية أهل كفر تريد الهلاك للمسلمين وتسعى إلى تحويلهم عن دينهم، وخاصة الولايات المتحدة، مؤكدة أن الجهاد هو الدواء الوحيد لأمراض الأمة؛ لأنه فَرْضُ عَيْنٍ بإجماع أهل العلم، ولا يَسَعُ لأحد تَرْكُهُ أو التَّخَلُّفُ عنه، عالما كان أو عاميا
سيناريوهات مستقبل الحركة داخل الصومال
إذا نظرنا إلى السيناريوهات المتوقعة أمام مستقبل الحركة فإنها تتلخص في التالي:
1- أن تستطيع الحكومة بالتعاون مع قوات الاتحاد الأفريقي هَزِيمَةَ الحركة بصورة نهائية، وهذا خِيَارٌ بات مُمْكِنًا في الوقت الحالي بعد تمكن القوات الأجنبية والصومالية من الاستيلاء على مناطق مُهِمَّةٍ كانت حركة الشباب تسيطر عليها في وسط وجنوب الصومال مثل العاصمة مقديشو وكيسمايو، وبالرغم من ذلك فإن الجزم بهذا الاحتمال ليس مؤكدا، لأنها تعتمد في قتالها على الكر والفر وخروجها من منطقة لا يعني عدم العودة إليها مجددا، بالإضافة إلى أن الصومال لا تزال تعاني من غياب مؤسسات الدولة حتى مع وصول رئيس منتخب للسلطة؛ لأن إعادة بناء الدولة بها سيستغرق وقتا طويلا، مما يعني أن فرصة نشاط حركات المعارضة المسلحة لا تزال قائمة، ولا يزﺍﻝ أمامها فرص للتمدد الإقليمي خصوصا مع تعزيز صلاتها بنشاط جماعات جهادية مثل تنظيم القاعدة وجماعات أخرى مثل ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ المسلم في كينيا، ﻭﻣﺮﻛﺰ ﺃنصار ﺍﻟـﺸﺒﺎب المسلم في تنزانيا وتنظيم القاعدة في شبه اليمن، كما أن هناك فرص أمام الحركة للتواصل مع الجماعات الإسلامية المعارضة داخل إثيوبيا خاصة بعد وفاة ميليس زيناوي، وارتفاع احتمالية إعلان مبايعتها لتنظيم داعش، وفي حال نجاحها في تنسيق علاقتها بهذه الجماعات فسيصبح القضاء عليها نهائيا أمرا صعبا؛ لأنه مع هذا التصور يمكن أن تعيد تنظيم صفوفها من جديد.
2- استعادة حركة الشباب لقوتها وسيطرتها من جديد على المناطق التي فقدتها، بيد أن النزاعات الداخلية الموجودة بالحركة قد لا تمكنها من هذا الأمر في الفترة الحالية، خصوصا مع ما تناقلته وسائل الإعلام من انشقاق عدد من عناصر مسلحي الشباب واستسلامهم إلى الجيش الحكومي وقوات حفظ السلام الأفريقية، بالإضافة إلى فقدانها الدعم والتأييد الشعبي الذي كانت تحظى به عند قتالها للقوات الإثيوبية كما سبقت الإشارة، وأيضا فقدانها مصادر تمويلية هامة كميناء كيسمايو.
3- لجوء الرئيس حسن شيخ محمود الرئيس الحالي للصومال وحكومته إلى التسوية السلمية للأزمة مع حركة الشباب خاصة بعد فشل الحل العسكري في القضاء عليها نهائيا، والدخول في حوار معها، وتعد الفرصة الآن مُوَاتِيَةً لهذا السيناريو، في ظل الضعف الذي أصاب الحركة مؤخرا.
وتتفق الباحثة مع الرأي الذي يشير إلى أنه رغم ما تمر به حركة الشباب المجاهدين من تراجع نفوذها في الأراضي الصومالية فهذا لا يعني نهايتها؛ بسبب طبيعة المنطقة المتناسبة مع استراتيجية الكر والفر وحرب العصابات التي تتبناها الحركة، بالإضافة إلى استمرار النزاع القبلي في الصومال والذي استفادت وتستفيد منه “الشباب”، ولا تزال قدرة الحكومة الصومالية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود على التعامل مع الأزمة الصومالية غير واضحة حتى الآن، ومن ثَمَّ فليس مستبعدا أن تُعِيدَ الْحَرَكَةُ تَنْظِيمَ صُفُوفِهَا من جديد وتخرج من هذه الأزمة وهي أقوى مما كانت عليه وتزيد هذه الاحتمالات في حالة إعلان مبايعتها لتنظيم داعش الذي اشتهر بممارساته الوحشية.
وحتى مع افتراض إمكانية القضاء على حركة الشباب بعد الانتصارات الأخيرة عليها، فمن السهولة بما كان أن يُعِيدَ بَعْضُ عناصر الحركة تَشْكِيلَ أَنْفُسِهِمْ داخل حركة جديدة باسم جديد تتبنى نَفْسَ النَّهْجِ وتستمر في قتال من يعارضها، كما حدث بعد تفكك اتحاد المحاكم الإسلامية وتكوين حركة الشباب ذاتها، فحركات المعارضة المسلحة ستظل موجودة طالما استمر التواجد الأجنبي في الصومال والتدخلات الإقليمية والدولية هناك مع ضعف الحكومات وغياب دور عربي فاعل واستمرار المجاعات والأوضاع الإنسانية الصعبة في هذا البلد؛ لذا يكون حل التسوية السلمية هو الأفضل كي تعود الصومال دَوْلَةً مُتَمَتِّعَةً بأركانها، ويكون لها تَأثِيرٌ قوي في منطقة القرن الأفريقي.
ويتضح من تجربة حركة الشباب في الصومال أنه طالما استمر انْهِيَارُ مؤسسات الدولة، مع حدوث الصراعات الداخلية بسبب غياب الاندماج الوطني، زادت فرص ظهور الجماعات المسلحة التي تؤثر سلبا على الدولة، وتلعب القبلية حتى الآن دورا كبيرا في المشهد السياسي الصومالي، وظهر ذلك من انتشار الحركة في منطقة جنوب الصومال التي تسيطر عليها عشيرة الهوية، كذلك لا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه الإنترنت في تجنيد مزيد من الأعضاء للحركة خصوصا من خارج الصومال، ونفس الأمر ينسحب على باقي الحركات الجهادية في العالم.
ولا تزال التدخلات الدولية والإقليمية عاملا أساسيا من عوامل اضطراب الوضع في الصومال، ويمكن تحديد الولايات المتحدة وإثيوبيا وكينيا كأبرز الأطراف التي لا تريد استقرار الأوضاع هناك، في ظل غياب للدور العربي عما يجري في الصومال، فالمتابع للشأن الصومالي يجد أن الموقف العربي لم يملك أي استراتيجية تجاهها، ولم يكن على قدر جسامة التدخلات الإقليمية والدولية التي تريد تدميرها، واقتصر على الدعم الإغاثي من خلال الاكتفاء بإرسال مؤن غذائية للمتضررين من المجاعة والجفاف، وافتقد العرب وجود موقف واضح من التجاذبات السياسية والتدخلات العسكرية لدول الجوار في الصومال، في الوقت الذي تتواصل فيه تدخلات الولايات المتحدة وإسرائيل مع إثيوبيا وكينيا لزيادة اضطرابات الصومال، كما أن بيانات وقرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بالصومال ظلت حبيسة الأدراج، كما أن الجهود العربية لتحقيق المصالح الوطنية تعثرت؛ نظرا لانعدام الدعم العربي، وهو ما أتاح لدول الجوار التفرد بملف القضية الصومالية بعيدا عن الجامعة العربية.
وختاما نشير إلى أن هذه الحالة تدق ناقوس الخطر لكل دول المنطقة لتوخي الحذر وحماية وحدة الوطن والتعبير عن جميع فئاته، والحفاظ على مؤسسات الدولة وتقديم مصالحها العليا فوق مصالح الأحزاب والجماعات المختلفة، وإلا ستذهب هذه الدول مع خلافاتها السياسية الحادثة، إن لم يتم تداركها، إلى السيناريو الأسوأ وهو “السيناريو الصومالي” أو ما يطلق عليه “سيناريو الدولة الفاشلة”، وانتشار هذه النوعية من الحركات المتشددة، وهو الخطر الذي بات يقترب كثيرا من بعض دول المنطقة كسوريا وليبيا.
————————————-
(1) هذه الدراسة مستخلصة من رسالة ماجستير بعنوان “حركة الشباب المجاهدين بالصومال منذ 2007”، نرمين محمد توفيق عبدالهادي، إشراف: أ.د/ إبراهيم نصر الدين (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الأفريقية، 2013)