رؤية في السياسة الخارجية العراقية
تسعى الدول في النظام الدولي الى تحقيق اهدافها وذلك عبر مجموعة من الوسائل والآليات في تعاملها مع محيطها الخارجي، فالسياسة الخارجية تعد إمتداداً للسياسة الداخلية، فهي تؤثر وتتأثر بتلك المتغيرات، ولكل سياسة خارجية ابعاداً داخلية ولذا فإنها ذات صلة وثيقة ببيئتها الداخلية، وهي علاقة تبادلية، اي بمعنى تؤثر فيها وتتأثر بها، وبما ان السياسة الخارجية هي إنعكاس لرغبة الدولة في تحقيق اهدافها وبما يتلائم مع تطلعاتها في محيطها الخارجي وفي ضوء قدراتها التي تمتلكها، فإن هناك من يصف السياسة الخارجية بالجزء من نشاط الدولة الموجه للخارج، اي الذي يهتم بالمسائل التي تقع خارج حدودها، على عكس السياسة الداخلية، ولذا فهي تعني تحرك خارجي تمارسه الدول لتحقيق اهدافها في محيطها الخارجي وتفاعلها مع غيرها وعبر وسائل وادوات تختلف من دولة الى أخرى، وبالمجمل يمكن القول، بإن السياسة الخارجية هي خطة تضعها الدول في داخل الحدود ليتم تنفيذها خارجها.
وهذا ما ينطبق على سياسة العراق الخارجية وتعمل على تحقيق الاهداف المرسومة في المحيط الخارجي، ومن عوامل نجاح السياسة الخارجية هي وحدة الصف الوطني التي تعطي دفعاً معنوياً ودعماً حقيقياً لتحقيق اهداف السياسة الخارجية، ولابد من توافر عوامل ضرورية منها تتعلق بوجود وضع داخلي موحد، ويستند لنظام سياسي موحد وفاعل، فالوحدة الوطنية تعطي القوة في تنفيذ السياسة الخارجية والدفاع عن المصالح الوطنية وتجاوز الخلافات. ولابد من حصول إتفاق المجتمع على خطوط عريضة لتحديد ما المصالح العليا التي يجب ان تكون اهدافاً لنشاط وحركة السياسة الخارجية والدفاع عنها. وكذلك يجب ان تكون تقترن حركة النشاط الخارحي بالإستمرارية والمرونة، وذلك من خلال مواكبة التطورات في المجتمع الدولي إزاء اي قضية موضوع البحث، فيجب ان تنسجم مواقف السياسة الخارجية مع المنظور الإستراتيجي لتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى المستمدة من مبادئ الدستور العراقي والتي تقوم على اساس الإحترام المتبادل وإتباع سياسة سليمة وتبادل المصالح، وفي الوقت نفسه عدم الإنعزال التام عن الغير.
ويمكن ان نلخص اهداف السياسة الخارجية العراقية بما يلي:
١_ تحقيق امن البلاد والحفاظ على وحدة الصف الوطني.
٢_ الحفاظ على سيادة الدولة وسلامتها الإقليمية ككيان مستقل في المجتمع الدولي.
٣الدفاع عن النظام الديمقراطي. ٤ مكافحة الإرهاب وحماية مصالح العراق في الخارج.
٥_العمل على تحقيق الرفاه والتنمية.
وفي ظل التحولات والتطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، يسعى العراق إلى إنتهاج سياسة الحياد تجاه التنافس والصراع بين الدول والإبتعاد عن الدخول في سياسات المحاور والوقوف الى جانب طرف على حساب الآخر، والعمل على صياغة سياسة خارجية تعتمد التعاون كاساس للإنطلاق وذلك عبر التركيز لدول محيطه الإقليمي وصولا لتحقيق اهدافه العليا، فالسلوك السياسي الخارجي الفاعل يرتبط بقدرة صانع القرار العراقي في توظيف الموارد المتاحة امامه وعبر إعتماد سياسة الابواب المفتوحة في المحيطين الإقليمي والدولي وبما يحقق المصلحة الوطنية.
إن علاقات العراق الدبلوماسية مع الدول تستند على اسس التعاون وإحترام المصالح المتبادلة والعمل على رعايتها وفقاً لقواعد القانون الدولي والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وهذا ما اكدته إستراتيجية وزارة الخارجية العراقية وعبر توسيع مساحة العلاقات الثنائية مع دول العالم ومشاركة المجتمع الدولي في عملية إعادة إعمار العراق وبناه التحتية وتطويرها، فضلاً عن تدعيم نشاط البعثات الدبلوماسية العراقية والعمل على تعزيز مصالح العراق والإرتقاء بها في مختلف الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها.
لقد شهدت السياسة الخارجية العراقية تحولات ديناميكية في المنطقة،إذ يسعى العراق من خلالها إلى التأكيد على نقل صورة إيجابية تتعلق باحترام مصالحه العليا و إبراز هويته القائمة على تأكيد ذاته وضمان استقلاليته وتحكمه في إتباع سلوك سياسي خارجي يتوافق مع الرؤية العليا لصناع القرار الخارجي فيه، كفكرة جاذبة للمجتمع الدولي وذلك من أجل تخفيف حدة التوترات مع محيطه الإقليمي في إنشاء علاقات قائمة على تحقيق المصالح المتبادلة بالاستناد إلى مقاربة جديدة تقوم على سياسة الإنفتاح على الجميع في إطار التوجهات والرؤى الجديدة للسياسة الخارجية العراقية وذلك عبر إدراكها اهمية التنوع في إقامة العلاقات مع غيرها وبما يتناسب مع مصالح وقدرات العراق الواقعية اي بمعنى حساب الموارد والقدرات وإمكانية الإفادة منها وذلك من خلال تحليل التفاعلات الدولية وسعيه الدائم لتحقيق السلام في المنطقة والتخلص من حالة التقوقع وبناء علاقات مع الجميع على اساس المصالح المشتركة.