عرض لكتاب أفريقيا: مواجهة تحديات الأمن الإنساني في القرن ال21
العنوان الأصلى : Africa: Facing Human Security Challenges in the 21st Century
المؤلف : ” تاتا مينتان” Tatah Mentan
الناشر : Published by: African Books Collective
سنة النشر : Publication Year: 2014
عدد الصفحات : Page Count: 578
مقدمة:
لاتزال التحديات الامنية التي تواجه الدول تشغل الكثيرين من العاملين في مجال الدراسات الامينة والاستراتيجية، ومجال العلاقات الدولية، وكذا الأفراد والدول. فالكثير من الجهود بذلت سواء على المستوى النظري أووالعملي من اجل ايجاد طريقة مثلى لضمان الأمن والاستقرار في ظل ما يشهده العالم من انتشار للعديد من الظواهر الأمنية التي خرجت عن نطاق سيطرة الدول. فقد فرضت التحولات الدولية في عالم ما بعد الحرب الباردة تهديدات جديدة اتسعت معها رقعة الظاهرة الأمنية التي عبرت الحدود القومية، وأضعفت قدرة الدول على التعامل معها، فلم تعد التهديدات الأمنية ذات طبيعة خارجية بل أصبحت الدول تواجه تهديدات داخلية أكثر من التهديدات الخارجية بسبب العولمة وتداعياتها السلبية. وقد فرضت هذه التحولات الجديدة إعادة النظر في مفهوم “الأمن”، نتيجة لتزايد نطاق التهديدات التي شكلت خطراً على حياة الأفراد والسكان مثل الحروب الأهلية، والفقر، والبطالة، والمرض، والانتهاكات اليومية لحقوق الفرد الذي لم يعد آمناً حتى في دولته. ففي عالم العولمة أصبح الأمن يعني ليس ضمان استقرار مؤسسات الدولة بقدر ما هو المحافظة على التجانس المجتمعي للدولة وضمان أمن مواطنيها باعتبارهم المتأثرين الأوائل بالانعكاسات السلبية للعولمة.
أولا:أهمية الكتاب:
ترجع أهمية الكتاب لأهمية الموضوع الذي يتعرض له وهو “الأمن الإنساني”، فلا جدال أننا نعيش في عالم مليء بالتحديات الإنسانية سواء ماكان منها يعود إلى العوامل الطبيعية أو ماشارك الانسان في صنعه وخاصة التحديات الامنية. كما أن التحولات التي شهدتها فترة ما بعد الحرب الباردة أدت الى بروز مفاهيم أمنية مغايرة للمفاهيم التقليدية للأمن والتي عكست تحولات البيئة الأمنية ، مما افرز جدل حول طبيعة ومكونات مفهوم الأمن وضرورة إضافة متغيرات جديدة له كالأفراد والإقليم والنظام الدولي بدلا من الدولة فقط إضافة إلى توسيع المفهوم ليمتد إلى القضايا الاقتصادية والبيئية والمجتمعية ، كما يعتبر هذا الجدل امتداد للتساؤلات التي طرحت حتى قبل نهاية الحرب الباردة حول المفهوم التقليدي للأمن والمرتكز على امن الدولة القومية باعتبارها الفاعل الرئيسي والوحيد المؤثر في الساحة العالمية ، فقد برزت المنظمات الحكومية وغير الحكومية والجماعات المسلحة ، والتي بدأت تتموضع بشكل بارز في العلاقات الدولية وأضحت تهدد حتى الدولة القومية ، ومن جهة ثانية لم يعد مصدر تهديد امن الدول ينبع من خارج الحدود فقط بل برزت تهديدات داخلية لا تستطيع الأداة العسكرية التعامل معها في كثير من الأحيان . فجاءت الدراسات لمفهوم الأمن الإنساني محاولة لإدماج البعد الإنساني في الدراسات الأمنية إذ أن جوهر مفهوم الأمن الإنساني هو التركيز على أمن الأفراد داخل وعبر الحدود بدلا من التركيز على أمن الحدود وعليه فقد شهدت فترة ما بعد الحرب الباردة مجموعة مفاهيم للأمن مغايرة للمفهوم التقليدي ، توسعت لتشمل العديد من السياقات الاخرى ضمن مفهوم الأمن الانساني .
ثانيا أهداف الكتاب
يهدف الكتاب الى إظهار الأوضاع الحالية للأمن الإنساني في القارة الافريقية سواء فيما سبق أو حاليا، ومعرفة التحديات والفرص المستقبلية التي تواجهها القارة بشأن تطبيق نموذج الأمن الإنساني لما له من الأثر الإيجابي على الفرد الإفريقي و بالتالي إنعكاسه على الدولة الإفريقية والقارة بأكملها. كما يطرح الكتاب تساؤلات عن أمكانيات تطبيق الأمن الانساني في القارة الافريقية في ظل التحديات المتنوعة التي تواجهها، سواء كانت إقتصادية أو إجتماعية أو إقتصادية، وما اذا كان توفير الأمن الإنساني يستطيع أن ينتشل القارة من براثن هذه التحديات من عدمه.
ثالثا: أقسام الكتاب
قٌسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، شمل الجزء الأول منها مقدمة و فصل تمهيدي تناول الإطار النظري لمفهوم الأمن. بينما تناول الجزء الثاني من الكتاب التحديات التي تواجه تطبيق الأمن الانساني في أفريقيا وذلك في أحد عشر فصلا، ثم الجزء الثالث والاخير ليشمل فصلا ختاميا متضمنا استنتاجات المؤلف المتعلقة بالموضوع المطروح في الكتاب، لتصل جملة فصول الكتاب إلى اثنتا عشر فصلا، نستعرضها كالتالي:
1.الجزء الاول : مقدمة : يتضمن الجزء الأول من الكتاب فصلان، تقدمة لموضوع الأمن الانساني والاعتبارات المفاهيمية له. حيث يشير البروفسور “تاتا مينتان” إلى ضرورة التحول بعيدا عن التركيز على مركزية الدولة وتأثير الاستراتيجة العسكرية على الأمن، إلى إتباع نهج متعدد التخصصات، واقتراب يكون محور اهتمامه الافراد ذاتهم وإحتضان مفاهيم مثل عولمة المواطنة والتمكين والمشاركة. وأعتبر “مينتان” أن العناصر الرئيسية للأقتصاد من غذاء وصحة وبيئة وشخصية ومجتمع وأمن سياسي، تشتمل كلها على فهم أوسع للأمن الإنساني في عالم متصل بشكل معقد.
الفصل الاول( تمهيد) : يسعى الفصل التمهيدى استعراض الامن الانساني بشكل عام، رغبة في البناء والجمع بين الأفكار ووجهات النظر الأخرى. بالتالي، إضافة الى منظور أمن الدول الى الأمن الإنساني سيجمع بين التنمية الأمنية وأجندات حقوق الانسان كأولولية بصورة استراتيجية متكاملة . وهو من نتيجته أن يدعو الأمن الإنساني إلى سياسات شاملة تعزز التماسك الاجتماعي، وترفض السياسات والممارسات الاقصائية التي تؤدي إلى تخصيص غير متكافيء للحقوق الاقتصادية والسياسة والثقافية بين مجموعات الهوية، والتي إذا تركت أيضا دون معالجة يمكن أن تؤدي إلى إستبعاد أجتماعي وانتشار السخط العام، وصراعات على مستويات عالية.
في الفصل التمهيدي يرى البروفسور ” مينتان” أن التطور التكنولوجي غير من حياتنا اليومية من خلال العديد من الاختراعات مثل الأنترنت، الدواء، والتي تتشابك مع تكنولوجيا المعلومات وأبحاث الفضاء. وأنه مع أحتياج الحالة الانسانية للاجهزة الفنية، إنهارت حدودنا البدنية والعقلية، جالبة لنا عصرا من الانجازات التكنولوجية الغير متوقعة. فتسارعت وتيرة الاتصال ونقل البضائع والممتلكات وكان ذلك مهدا لعولمة كاملة. ويستطرد “مينتان” قائلا، أن العقود الاولى بعد الالفية شهدت إحياء لساباقات الفضاء التي كانت قد بدأت خلال الحرب الباردة، بالاضافة لظهور مشاركين جدد في هذه المنافسة. فأصبح أنضمام روسيا لبرنامج الفضاء في الاتحاد الاروبي بعيدا عن الاعتبارات الاستراتيجية، وتساوت الدول الانجلوفنية التي كانت تهيمن سابقا على ابحاث الفضاء مع الشغف الاسيوي لدخول برامج الفضاء. فلم يعد التنافس الدولي مقتصرا على الحدود الارضية وانما تجاوز ذلك إلى الفضاء الخارجي. فحتى عام 1971 لم تكن قد حدثت انجازات كبيرة في ابحاث الفضاء، إلا بعدما ارسلت اول بعثة الى كوكب المريخ. وخلال ثلاثين عاما، بنيت العديد من المستوطنات البحثية المكتفية ذاتيا على كوكب المريخ . وكان المَعلم التالي لإستعمار الفضاء هو بناء مرافق التعدين على اقمار الكواكب الغازية العملاقة، حيث يمكن استخراج الموارد النادرة . ويرى ” مينتان” أنه في الوقت الحالي، أن الحدود بين الشركات المنتجة وفروع السلطة قد أختفت، وأن الفساد في الدول النامية منح سلطات متزايدة للأفراد في الشركات المملوكة للدولة، مما أدى لتدفقات كبيرة لرأس المال الخاص إلى الاستثمارات الحكومية، دون وازع أخلاقي أدى الى ضعف خطير للدول القومية في جميع انحاء العالم.
2. الفصل الثاني: مفاهيم العولمة، والهيمنة، والأمن الإنساني.
في هذا الفصل من الكتاب يتناول المؤلف المفاهيم الثلاثة التي حملت عنوان الفصل، شارحا الأراء المختلفة والانقسامات حول القضايا المعاصرة حول معنى وتأثير هيمنة العولمة، والتي كانت الطريق الى عملية الدمج للمجتمع الدولي في نظام موحد سواء كان اقتصاديا او اجتماعيا. فالعولمة موضوعا مثيرا للجدل للكثير من الافراد وخاصة المتعليمن والمتخصصين الذين يركز عملهم على التفكير والتفاعل العالمي، الامر الذي اصبح ممكنا من خلال زيادة الروابط بين الدول و الاستثمارات المباشرة ، التطورات التكنولوجية والتقدم في مجال الاتصالات السلطية واللاسلكية، والذي ادى لزيادة التحارب ، والحروب العالمي وتحويل العالم الى قرية عالمية. وبالتالي، فأن المزيد من الافراد يتخذون وجهات نظر انتقادية متزايدة لهذه الظاهرة العالمية والتي تسمى العولمة. هذا لا يعني انهم ضد التعاون البناء بين الامم السيادية في العالم في اهداف مشتركة ، ولكن هم يرفضون نموذجها الحالي، الذي يحدث أنعدما عالميا للأمن الإنساني. لهذا يقدم هذا الفصل التقدير النظري للدولة لهذه الظاهرة العالمية من مختلف ابعادها، ويطرح وجهة النظر القائلة بأن العولمة، بسبب وحشية نسبية مفترضة في العالم فأنها- العولمة- أكثر ملاءمة للدول المتقدمة إلا أنها تمثل تهديدا للأمن الانساني في الدول الاقل نموا، خاصة تلك التي توجد في أفريقيا. ويرى المؤلف ان خلفية مصطلح الأمن الإنساني لم يتم الاتفق عليها حتى بين المؤيدين، بالرغم من أمكنية وجود ملاحظات كبيرة، وأن كثير من الدراسات عن الامن الانساني ترتكز صراحة أو ضمنا على اعتبارات اخلاقية راسخة، والبعض الاخر توجها اخلاقي عالمي. فبضع الدراسات تسعى الى استحضار تفسيرات متعلقة بشأن أسس السلام والاستقرار داخل الدول وبينها.
الجزء الثاني : في هذا الجزء من الكتاب يتناول المؤلف وضع الامن الانساني في افريقيا في ظل أوضاع غير مسقرة ، وتحديات متعددة أمام تحقيق أمن الشعوب الافريقية والتي تضمن على سبيل المثال سوء العلاقات بين السلطات العسكرية والسلطات المدنية، وشيوع سياسة الاقصاء، وضعف المجتمع المدني، وفشل الدول، والتحديات الناجمة عن الطبيعة. وقسم المؤلف هذا الجزء الى 9 فصول تبدأ من الفصل الثالث، متناولا تلك التحديات والتي نستعرضها كما جاءت في الفصول على النحو التالي:
الفصل الثالث: الأمن وإنعدام الامن الاقتصادي
في هذا الفصل يرى المؤلف أن العولمة والفقر هما أكثر قضايا التنمية المعاصرة الحاحاً. فعلى الرغم من الامكانات الهائلة التي اتاحتها العولمة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي والتنمية، من خلال الاندماج في الاقتصاد العالمي، وانتشار ونقل المعرفة والتكنولوجيا ، إلا أن اثر ذلك على الحد من الفقر متفاوت، بل قد يكون هامشيًا في بعض المناطق وخاصة افريقيا. فنسب الفقر وعمقه في القارة لا تزال مرتفعة بشكل غير مقبول ، مؤدية الى الضعف الاقتصادي الانعدام الامني . فبدء من حقول النفط في دلتا النيجر في نيجيريا، الى الالماس والنحاس في سيراليون وانجولا وليبريا، والرواسب المعدنية الغنية في منطقة البحيرات العظمى، الى السلالسل الجبلية والسهول والملاذات السياحية في دول شرق افريقيا، سنجد بلا شط أن قارة افريقيا هي قارة مباركة بهذه النعم، ومع ذلك فقد فأن هذه النعم كانت جالبة لكثير من الأحزان لتلك القارة.
فوفقا لأحدث أحصائيات البنك الدولي، كان يعيش حوالي 80% من سكان المنطقة على أقل من 2.5% دولار في اليوم في عام 2005 ، وهي ذات حالتهم تقريبا عام 1981. بل ان عدد السكان في افريقيا الذين يعيشون في فقر، في الواقع قد تضاعف خلال الفترة نفسها، بدون حساب الملايين الاضافية التي تتساقط حاليا في براثن الفقر نتيجة للازمات الغذائية والمالية والمناخية. وذلك لأن عولمة الاقتصاد التي تم الترويج لها في المقام الاول من خلال الاصلاحات السياسة الموصوفة من المؤسسات المالية الدولية في العقود القليلة الماضية، لم تقلل بل عمقت التهميش لافريقيا في الاقتصاد العالمي.
كما أن الاصلاحات التي تفرضها واشنطن ويطبقها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من خلال القروض المشروطة ، انتجت في الحكومات الافريقية تراجعا في اجراءات الحماية التجارية وخصخصة الصناعات الاساسية وتقليص الانفاق الاجتماعي، كل هذا تحت مسمى تشجيع النمو الاقتصادي. وبينما قاد التوسع في القطاع الخاص وزيادة حجم التجارة الدولية الى مزيد من الثروات للشركات الكبرى في شمال الكرة الارضية، يرى المحللون انه لم يكن هناك “تناسب ” يذكر شعر به فقراء افريقيا. وبدلا من ذلك شهدت افريقيا استنزاف ثابت للموارد في شكل سداد للديون، وتجارة غير عادلة ، ومعونة مشروطة واستغلال بيئي.
هذا الاتساع في تعميق الفقر الموجود في افريقيا اليوم، كان نتيجة لنظام لم يكن قائما على تلبية الاحتياجات البشرية ولكن على تهيئة ظروف لتحقق مصالح شركات تتلاعب بمطكالب العدالة الاجتماعية كورقة رابحة. واحد من مظاهر هذا الظلم الصارخ هو انعدام الأمن الاقتصادي في افريقيا. ويرى المؤلف أن مفهوم الامن الاقتصاد يعني وجود دخل اساسي مضمون للافراد عادة من عمل مربح ومجزي أو كملجأ أخير ، وجود شبكة مالية أمنة ممولة حكوميا. وطبقا لهذا المعني، يعتبر فأن مايقرب من ربع سكان العالم في الوقت الحاضر هم فقط الأمنيين اقتصاديا.
الفصل الرابع: الأمن الغذائي والتغذية
يتناول الفصل الرابع تحديا أخر تواجه افريقيا متمثلا في إنعدام الامن الغذائي والتغذية، واللذان يعدان مشكلة حرجة للصحة العامة في افريقيا وذلك بسبب ارتفاع معدلات الفقر. فأثار التغير المناخي العالمي والتلوث البيئي على النظم الغذائية التقليدية وارتفاع معدلات الامراض، كله مرتبط بالنظام الغذائي. ومع ذلك حتى الآن، فان أدارة الصحة العامة طورت مع تصورات للأمن الغذائي في سياق غير أفريقي، ولم يأخذ في الإعتبار الممارسات الغذائية التقليدية للشعوب الافريقية أو تصورات لأمنها الغذائي.
يناقش هذا الفصل من الكتاب أن هناك اعتبارات للامن الغذائي فريدة من نوعها بالنسبة للأفارقة متعلقة بالحصاد وتبادل واستهلاك الدولة للاطعمة التقليدية، التي تؤثر على الركائز الاربع للأمن الغذائي وهي ، القدرة على الوصول للغذاء، توافره، توريده، والاستفادة منه.هذه التصورات الأمنية للغذاء والسياسات، والشعوب الافريقية يجب أن تأخذ في الاعتبار كل من نظم غذاء السوق ونظم الغذاء التقليدي معا. ونظرا لمركزية الممارسات التقليدية للغذاء في الثقافة الصحية والبقاء على قيد الحياة، فأن هذا الفصل من الكتاب، يقترح أن ثقافة الأمن الغذائي هي مستوى أضافي من الامن الغذائي أعلى من المستويات الفردية والاسرية والمجتمعية، و أن تصورات الامن الغذائي بالنسبة لافريقيا لن تكون كاملة دون البحث النوعي لفهم وجهات نظرهم. مثل هذه الابحاث يجب ان تأخذ في الاعتبار تنوع الشعوب الافريقية.
الفصل الخامس: التحديات البيئية للأمن الإنساني
يتناول المؤلف في هذا الفصل تحديا أخر من التحديات التي تواجة الأمن الانساني في افريقيا وهو التحدي المتعلق بالبيئة. حيث أن مصير الدول الافريقية ومواطنيها يرتبط ارتباطًا وثيقا بالبيئة الطبيعية التي تمكن هذه الدول والمواطنين من البقاء على قيد الحياة اقتصاديا عن طريق استغلال وتصدير مواردها الطبيعية. فالبيئة الطبيعية توفر سبل المعيشة بشكل مباشر ل80 % من سكان أفريقيا ، ومع التدهور البيئي فأن ذلك يهد مباشرة وجود غالبية السكان في القارة.
حيث تزايد الطلب في العقود الماضية على الموارد الطبيعية من افريقيا للاستهلاك المحلي وللتصدير.هذا الاتجاه، جنبا الى جنب مع زيادة التنافس على الموارد الطبيعية بين مختلف الفئات والقطاعات داخل البلدان وبين الدول المجاورة، أدى على زيادة الصراعات البيئية في افريقيا. ويرى الكثيرون أن تحسين الوضع البيئي هو مجرد مسالة بسيطة تقتصر على استخدام التكنولوجيا المناسبة لتنظيف وتقليل التلوث. ولم يكن واضحا لهم أن مثل هذا التنظيف يمكن أن يتسبب في وجود مشكلة في مكان أخر. لذا فقد كان من المهم تمكين الفئات المتعاملة مع البيئة من فهم الازمة البيئية وكيفية التعامل مع عمليات تنظيف البيئة.
في ذات الوقت يرى المؤلف انه لابد من دراسة طبيعة لعملية التغير البيئي، كما أن االمؤسسات والشركات التي أحدثت تغيرا سلبيا في البيئة يجب ان يتم التحقيق بشأنها، ومعرفة من يملكها ، وما هي الفائدة الحقيقية التي يمثلونها. كذلك يتطرق المؤلف الى اثر الاستعمار الاستيطاني على البيئة موضحا أنه كان سببا في فقدان السكان الاصليين للعديد من المزارع والمراعي والتي تم مواجهتها باستراتيجيات تقليدية. حيث في شرق وجنوب افريقيا على وجه الخصوص ، تم تهميش الافارقة السكان الاصليين، ومنحهم أراضي متدهورة الحال وغير منتجة بسبب تأثير زرعة المستوطنين وتغيرات الاستعمار اللاحقة في حيازة الاراضي التقليدية، مما أدى لتفاقم التغير البيئ السلبي بعد الاستقلال. ويقارن المؤلف بين الامن البيئي والأمن الانساني، ويرى أن الامن الانساني أوسع وأشمل من الامن البيئي الذي يأخذ في الاعتبار فقط مسائل مهمة كالتدهور البيئي، والحرمان، وندرة الموارد، في حين يتناول الامن الانساني تأثير النظم والعمليات على الفرد، مع الاعتراف بالمخاوف الاساسية للحياة البشرية وتعظيم كرامة الانسان. توضح هذه العلاقة أن التفاعلات المعقدة في مختلف البيئات الافريقية غالبا ما تشدد على أمن الفرد. وهكذا فالبيئة والامن الانساني غالبا ما يترابطان بشكل معقد لذا من الافضل اعتماد مفهوم موسع للامن وخاصة بالنسبة لافريقيا.
الفصل السادس: العولمة وتحديات إنعدام الأمن السياسي في أفريقيا
يتناول المؤلف في هذا الفصل التحديات التي تواجه الآمن السياسي في أفريقيا في القرن ال21، فافريقيا اصبحت اليوم في مخيلة وسائل الاعلام وشعوب العالم مكانا يتميز بالاكتظاظ السكاني والتدهور البيئي والعنف وانعدام الأمن وانها ملاذا للأرهابيين وتعاني من معضلة إنعدام الآمن. ويعتبر المؤلف أن الآمن هو شرط أساسي للتنمية ، فلا تنمية بدون آمن ولا آمن بدون تنميه حيث أن الاثنان مترابطان. وبالتالي يرى المؤلف انه لا مفر من توفير ضرورة الأمن السياسي للمواطنين الذي يعد شرط لابد منه لحدوث التنمية في افريقيا.
ويتكلم المؤلف عن التحديات التي تواجه الحكومات الافريقية المستمدة من قبل الافراد والحركات بحثا عن مزيد من أشكال الديمقراطية في افريقيا. كما ظهرت العديد من أحتجاجات لشعوب الدول الافريقية لممارسة اجبار على قادتهم من أجل مطالب شعبية بالتعددية السياسية لتحل محل الحزب الواحد، واتاحة المشاركة الشعبية والانتخابات التنافسية. ويرى المؤلف أن هذه التصرفات الجديدة من المواطنين بمواجهة حكامهم هي ناتجة عن ضغوط داخلية وخارجية على المجتمعات الافريقية والتي يرى ان تراجع الوضع الاقتصادي في القارة جعل الناس أكثر تشككا في حكوماتهم الامر الذي حفزهم لمواجهة هؤلاء الحكام متجاوزين المحرمات القديمة من افكار تتعلق بالخضوع للحاكم وابويته السياسية.
هذه المطالب أدت إلى رضوخ الحكام الافراقة للضغوط من قبل المؤسسات الدولية والجهات المانحة والدائنين من اجل تطبيق سياسات التكيف الهيكلي المدمرة بدعم من المؤسسات المالية الدولية. مع أصرار من قبل الجهات المانحة للمساعدات الخارجية على تطبيق سياسات الحكم الرشيد والتي وفرت فرص للديمقراطيين الافارقة للضغط من أجل تطبيق الشفافية والمساءلة في دولهم. ويرى المؤلف أنه برغم كل تلك التجارب والاحتجاجات التي تمارسها الشعوب ضد حكامها من اجل الديمقراطية الا ان الحكومات الافريقية اثبتت انها تمثل عقبة كبيرة لتطبيق مثل هذه المبادرات المطالبة بالحرية للشعوب.
الفصل السابع: تحديات الامن الصحي
يتناول المؤلف في هذا الفصل التحديات الصحية التي تواجه افريقيا، موضحا انه بغض النظر عن الوعود التي تمنحها الحكومات والدول المانحة والمؤسسات الدولية بتوفير رعاية صحية أفضل لمواطنين الدول الافريقية ، الا انه مازال هناك الملايين من الامهات والاطفال والرضع وحديثي الولادة يموتون سنويا في افريقيا بسبب امراض كان يمكن الوقاية منها. فالقارة الافريقية لديها أكبر معدلات الوفاة أثناء الولادة والتي تزداد عاما بعد أخر.وعلى الرغم من أن القارة الافريقية بها مايعادل 11% من سكان العالم، ألا ان بها مايعادل 60% من حالات الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/ الايدز الموجودة، و90% من حالالت الاصابة بالملاريا في العالم وخاصة بين الأطفال تحت سن الخامسة. ووفقا لتقرير المكتب الإقليمي الإفريقي لمنظمة الصحة 2013، والذي يعد أول دراسة نظرية في الاتجاهات الصحية بين 738 مليون افريقي، فأنه هناك حاجة ملحة لزيادة الاستثمارات لخفض معدلات المرض ومعالجة الفقر لأنه بسبب فيروز الأيدز والنزاعات المسلحة فأن الوضع الصحي في العديد من الدول الافريقية لم يتحسن في السنوات الاخيرة، بل أنه في بعض الحلات إزاد سوءا.
ويستطرد المؤلف قائلا أن التقرير لم يكن كله سلبيات متعلقة بالصحة في افريقيا، بل شمل بعض النجاحات مثل برامج مكافحة مرض الايدز في ولدة اوغدا، ومراكز الصحة التي انشأت في مالي، وزيادة توفير العقاقير المستخدمة لعلاج مرض الايدز، الا أن التقرير كان كاشفا للتحديات الصحية الصعبة التي تواجهها النظم الافريقية ومنها ارتفاع معدل الاصابة بالامراض المعدية وارتفاع معدل الوفاة بها وذلك نتيجة لعدم وجود امدادات مياه آمنة تتوافر للاستخدام من قبل الكثيرين. وأنه تم طرح العديد من التساؤلات عن كيفية الحصول على أفضل النتائج في الصحة والتنمية في منتدى تنمية افريقيا التابع للبنك الدولي عام 2013 حيث كان يجتمع بالمنتدى وزراء الصحة والمالية من ثلاثين دولة افريقية لمحاولة ايجاد طرق فعالة لضمان مستقبل صحي للقارة.
الفصل الثامن: إنعدام الأمن الثقافي في أفريقيا اليوم
يتناول المؤلف في هذا الفصل من الكتاب أثر العولمة المدمر على الثقافة الافريقية. إذ يرى أن العولمة كان لها اثارا هائلة و متنوعة على السلوكيات الثقافية للشعوب الافريقية ، الا أن مايندهش له هو كيف أن العولمة ساهمت في ترسيخ الجهل والسطحية لدى الافارقة وأن ذلك لم يكن يقتصر على طبقة اجتماعية معينة، بل شمل كل الطبقات سواء الاقل اجتماعيا أو الاغنياء منها. ويرى “مينتان” أن غزو العولمة لافريقيا أدى الى وجود ظاهرة التهافت على كل ماهو اجنبي بين الافارقة، وترسيخ ثقافة أفضلية كل ماهو مصنع في الخارج عن ماهو محلي الصنع، وبالتالي لم تعد هناك ثقة في المنتج المحلي الذي تم تجاهله تماما مما أثر على الانتاج المحلي بشكل سلبي. كما يرى أن مخطط العولمة تم تنفيذه في الدول الافريقية بدقة على مدى العقود الماضية، عبر برامج التيف الهيكلي وتحرير الاستثمار الاجنبي، والواردات وأزالة ضوابط العملة في الدول الافريقية، مما جعل الدول عاجزة اقتصاديا ومن ثم تقويض القدرة الداخلية للانتاج الوطني وجميع اشكال الأمن الانساني في تلك الدول.
الفصل التاسع: إنعدام أمن الشخص/ المواطن في أفريقيا
يستعرض المؤلف في هذا الفصل مسألة حقوق الانسان وتأثيرها على الأمن الإنساني. إذ يرى أن وضع حقوق الانسان او امن الشخص/الوضع الأمني للمواطن في القارة الأفريقية على درجة عالية من السوء، وأنه تحقيق احترام حقيقي لحقوق الانسان قد يكون هو التحدي الاكبر الذي يواجه أفريقيا الجديدة اليوم. فمعظم المواطنين يتم التعدي على خصوصياتهم و يتم مراقبة المعارضة والقيام بعمليات تفتيش غير قانونية تجاههم، وبالرغم من تمتع بعض الصحف المستقلة بحرية النشر ، إلا انه مع ذلك يخضع العديد من الصحافيين لمضايقات من بعض الجهات الرسمية واحيانا يتم محاكمتهم وادانتهم وسجنهم من قبل كثير من الحكومات الافريقية.
كذلك يوضح كيفية توحش اجهزة الامن وخروجها عن السيطرة احيانا وعدم قدرة بعض الحكومات الافريقية الحد من الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الأمن أو الشرطة تجاه المواطنين.
بالاضافة لما سبق، فأن افريقيا اليوم اصبحت مرتعا للارهاب والتطرف، فهناك العديد من الجماعات المتطرفة والمسلحة والتي تدعى اسلامية والتي تقوم أنتهاكات ضد المواطينين المدنيين وتمارس العنف ضدهم.
ويرى المؤلف أن تعريف الأمن الشخصي للمواطن الافريقي يمثل تحديا يتجاوز الحكم الديمقراطي وممارسة المواطنة. فهناك اجماع عالمي الآن على أن جميع الافراد لهم الحق في بعض الحقوق الاساساية تحت أي ظروف وتشمل الحريات المدنية والحقوق السياسة والاكثر اهمية من كل ذلك هو الحق في الحياة والسلامة الجسدية وهو مالا يتوفر في الكثير من دول القارة الافريقية. ويعتبر المؤلف أن إنتهاك هذه الحقوق، هو إنكار أخلاقي لحقوق يستحقها الافراد وهو مايعني ان معاملتهم تتم كما لو كانوا أقل من البشر ولا يستحقون الاحترام أو الكرامة أو الحياة، وهو مايعتبر في القانون الدولي “جرائم ضد الانسانية” يجرم مرتكبيها، والتي عادة ماتتخذ اشكالا في افريقيا كجرائم الابادة الجماعية والتعذيب والعبودية ..الخ وهي سياسات للأسف يتم تنفيذها من قبل بعض الحكومات الأفريقية أحيانا.
الفصل العاشر: إنعدام الامن الاجتماعي في افريقيا :التحديات والآفاق.
يناقش الفصل العاشر تحديا أخر يتمثل في انعدام الأمن الاجتماعي في أفريقيا. يحاول المؤلف توضيح كيفية أن الازمة الاقتصادية العالمية عام 2008/2009 أظهرت اهمية معالجة موضوع الضمان أو الأمن الاجتماعي للأفراد في جميع الدول الافريقية. حيث أن الحصول على الأمن الاجتماعي هو حق نساني يساعد على التخفيف من حدة الفقر وتحسين مستوى المعيشة. كما أن هناك ضرورة لمراقبة مستمرة لظروف السكان الجتماعية والاقتصادية والسيايسة وذلك بتصور تطبيق نظام شامل للضمان الأجتماعي.
ويوضح المؤلف كيف أن العولمة الاقتصادية ودمج الاسواق على مستوى عالمي، وضغوط المنافسة في الاسواق العالمية، حدت من خيارات السياسات الوطنية في أي دولة أفريقية، وكان لها تثيرا على الضمان الاجتماعي للافارقة .وذلك أن الشعوب الافريقية تعرضت لمخاطر اجتماعية كبيرة ناجمة عن تلك التغيرات العولمية التي أدت لعدم قدرة الحكومات الافريقية على التعامل مع هذه التحديات نتيجة ضعف استقلاليتها . ويرى المؤلف أن العولمة ادت الى فتح الحدود بين الدول والتي جعلت الكثير من ” الشرور العاليمة” مثل المخدرات والاسلحة غير المشروعة تجد سبيلها الى الدول الافريقية بكل سهولة.
كما أن سرعة الاندماج الاقتصادي العالمي كانت هائلة، وان عملية العولمة في حد ذاتها لم تكن متوازنة مما ادى الى تفاوت بين الدول والشعوب في الاستفادة من الفرص الناتجة من العولمة سواء في المجال الاقتصادى اوالتكنولوجي. ويعيب المؤلف على قواعد العولمة الجديدة التي اهملت اختياجات الافراد وهي المنقة التي فقدت فيها افريقيا السيطرة على الامن الاجتماعي. فنظريات العولمة افترضت ان الجميع سيتأثر بنفس القدر ، وأن فرص التجارة الدولية ستفتح مجالات للشركات الصغيرة وهو مالم يحدث وأدى الى اضرار اجتماعية الحقت بالمواطنين في افريقيا خاصة تلك الفئات الضعيفة التي تعمل في صناعات صغيرة ، كانت ضحية للشركات الكبرى ، ففقدت اعمالها لترتفع نسبة البطالة في تلك الدول نتيجة لذلك.
الفصل الحادي عشر: أمن المجتمعات المحلية
يطرح المؤلف من خلال هذا الفصل تحديا أخر وهو أمن المجتمعات المحلية. ويرى أن واحدة من الاثار الاجتماعية للرأسمالية هو تدمير آمن المجتمع، حيث رسخت الراسمالية لمفهوم الربح النقدي وتغاضت عن الجوانب الاخلاقية في سبيل تحقيق المكاسب الاقتصادية الشخصية. كما رسخت الرأسمالية لمفهوم الفردية وكسرت أواصر الترابط بين العلاقات بين الافراد والجماعات والتقاليد، وساهمت في تراجع الأمن المجتمعي. ونتاج ذلك أن اصبح الفرد مجرد “ذرة” غير مرتبط بالمجتمع الكبير وبدون التزامات عاطفية قوية أو روابط اجتماعية. وأن انتشار حالات الانتحار وانهيار الاسر وارتفاع معدل الجريمة وادمان الكحول كان نتاج الرأسمالية في المجتمع الافريقي. بمعنى أخر، لقد حولت الرأسمالية المجتمع وكل شيء في إلى مجرد سلع تباع وتشترى ، وجعلت الاعتبارات المادية في المقام الاول وهو مايجب أن يثير القلق إزاء تزايد ذلك الاطار التجاري للعلاقات، مع إنعدام الأمن الذي يصاحبة داخل المجتمعات الافريقية. ويرى المؤلف أن الوسيلة هي التاريخ، فالتاريخ يمكن استخدامة كوسيلة لابقاء المجتمع الافريقي معا والحفاظ على تبادل الادوار بين الجماعا، وغرس الاخلاق . كما أن وصل المجتمع بتاريخه يحفاظ على الروح المعنوية، والحاظ على الأمن النفسي المجتمعي. فالاحساس بالانتماء للمجتمع والحياة بشكل آمن غاية قيم الحياة الافريقية التقليدية التي يجب العودة إليها.
الجزء الثالث: في هذا الجزء من الكتاب يحاول المؤلف من خلال الفصل الثاني عشر (الختامي) استعرض الاوضاع الماضية والحاضرة للأمن الانساني في أفريقي وما يجب أن أن يكون عليه في المستقبل والتي نتناولها كالتالي:
الفصل الثاني عشر: استعراض الماضي والحاضر، الاستنتاجات والتطلع للمستقبل.
في هذا الفصل الختامي، يرى المؤلف أن إنعدام الأمن الإنساني ليس مشكلة مستقبلية، بل مشكلة حالية . وأن الاوضاع في افريقيا تمكنها فقط من تحديد مشكلة الأمن الانساني، غير انها لا تستطيع حلها حتى يصبح ايجاد حل هو رغبة اساسية . فكل الابحاث والتوقعات وجدت حالات سابقة متفاقمة من انعدام الامن الانساني، مماثلة لما يحدث الآن. فعلى سبيل المثال، مازال الاطفال يموتون بأعداد هائلة نتيجة الفقر والامراض التي تحملها المياه، كذلك مازال تدمير النظم الايكولوجية الطبيعية مستمر، والحروب بين دول الجوار ، والمعاناة الانسانية للشعوب ، تدمير البيئة والكوارث الطبيعية…الخ . فكل هذه المشاكل ستظل مستمرة في الحدوث حتى يتم ايجاد حل عالمي يطبق.
وينتهي الفصل بطرح المؤلف تساؤلا عن كيفية بقاء افريقيا على قيد الحياة بشكل أمن؟ محاولا الاجابة عليه من خلال نظرة فاحصة حول الامن الانساني في ظل العولمة في القرن ال21، خاصة في اشكالها المفترسة من تنوع التهديدات الامنية وهيمنة نموذج الأمن الواقعي، ليصل إلى أن افريقيا غير مجهزة للتصدي لكل هذه التحديات العولمية. فالعالم يتجه سريعا ناحية العولمة واصبحت المخاطر العالمية جزء لا يتجزء من المجتمع. كما ان حالة الضعف تفاقمت في كثير من دول العالم، فإن كان هناك سمة واحدة تميز الحياة المعاصرة الآن ستكون هي عولمة إنعدام الأمن وخاصة إنعدام الأمن الإنساني.
تقيم
خلص الكتاب إلى أنه من خلال إعتماد إطار للأمن الانساني تكون أولويته الفرد وليس الدولة يمكن الوصول الى تحليل صحيح بالنسبة للمشكلات التي تواجه افريقيا. فالتركيز العسكري على نموذج الأمن الواقعي الضيق لا يمكن أن يعالج على نحو كافي مجموعة التهديدات العابرة للحدود المستمرة والمتنوعة التي ظهرت في حقبة مابعد الحرب الباردة، والتي سببتها العولمة.
كما يرصد الكتاب فشل المحاولات الاخيرة لمعالجة المخاوف الامنية باللجوء الى التدخل العسكري، وان هناك ضرورة لاعتماد إطار بديل يكون اساسه اختيار عينة واحدة بعينها من ودراستها جيدا. وأن إستخدام جوانب محددة للأمن الانساني ضرورية لاستكمال تحليل الجوانب النظرية لمناقشة أمن الانسان. غير أن اطار الامن الانساني يثري النقاش الأمني في الوقت الحالي المتعلق بزعزعة لاستقرار في الدول ، غير ان من شأنة اثبات أقل فائدة في حال تجدد التهديدات العسكرية وعندها يكون النموذج الواقعي مجهز بشكل افضل لتقديم تفسيرات لسلوك الفاعل. كما أن اطار الأمن الانساني يكون أكثر قدرة على التأقلم مع التغيرات التي سوف تحدث في العقود المقبلة عن التوصيف الواقعي الجامد الذي يفتقد المرونة.
ويرى المؤلف أن التعارض بين الأمن الوطني والأمن الإنساني يتمثل في أن الاخير يضع الفرد كمرجعية أولى بدلا من الدولة وسيادتها وهو مالم يكن بالضرورة يجب أن يتعارض. وينتهي الى أنه بالرغم من ان موضوع الأمن الانساني أصبح يلقى قبولا كبيرا بين الباحثين والسياسيين، إلا انه مازال غير موجود حتى الآن في الدراسات الاكاديمية الأمنية.
وأخير، يرى المؤلف أن قارة أفريقيا ليست لديها القدرة على مواجهة التحديات المتعددة والمتنوعة سواء كانت أقتصادية أو أجتماعية أو ثقافية. أو أمنية، وأن السبيل الوحيد لمواجهة تلك التحديات هو بإيجاد حل عالمي يتفق الجميع على تطبيقه في أفريقيا.