المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

غينيا بيساو والتدخل العسكرى الدائم في الحكم

0


مقدمة 
شهدت أفريقيا في الأشهر القليلة الماضية مجموعة من التحولات السياسية والعسكرية التى ألقت بظلالها الغامضة على مستقبل القارة، ومن هذه التحولات عودة الانقلابات العسكرية فى القارة وخاصة غرب القارة، حيث انقلاب مالي وانفصال الطوارق بشمال مالي، موريتانيا، مدغشقر علاوة على انقلاب غينيا بيساو، ثم الحروب الأهلية بين الدولة الوليدة جنوب السوان وجنوبه على قرية هجليج.

ووفقا لدارسة أجراها “معهد الأبحاث الدولية” التابع لجامعة “هيدلبيرج” الألمانية، فإن عدد الانقلابات فى العام الواحد تجاوز 20 انقلاباً في دول العالم، ([1]) خلال الفترة من ستينيات القرن الماضى (تاريخ استقلال معظم دول العالم الثالث) وحتى منتصف الثمانينيات، ولكن هذا الرقم تراجع إلى الربع فقط (أي خمسة انقلابات) خلال القرن الجديد.

ونجد هذا ينطبق على الشأن الأفريقي فقد تراجعت الانقلابات العسكرية لصالح الحروب الأهلية حيث بلغت عدد الحروب والصراعات الأهلية في القارة نحو 15 حربا

تمثل هذه التحولات حلقة في سلسلة عدم الاستقرار في القارة الطامحة للنهوض ، والانعتاق من ماضي الاستعمار، ويتضح مما سبق أن المشهد الراهن في أفريقيا يتسم بحالة من الضبابية ،وأن كل السيناريوهات محتملة، خاصة الصور المستقبلية لغرب أفريقيا توحى بأنها مرشحة لتكون مسرحا لصراعات لن تنتهى خصوصا بعد انقلاب مالي وتوغل القاعدة فى المغرب الأفريقي ،وتوقف الحياة الدستورية  في غينيا بيساو حيث لم يكمل أي رئيس في غينيا بيساو فترة ولايته كاملة على الإطلاق، حيث انحصرت الساحة السياسية في غينيا بيساو منذ الاستقلال على ثلاثة فاعلين فقط :الأول : المؤسسة العسكرية، وهى الجهة الوحيدة التي يقع عليها عبء التغيير منذ الاستقلال حتى الآن في ظل التراجع التام لدور القاعدة الشعبية ، وإحداث تغيير ممكن في الوضع السياسي بالدولة عبر عقود زمنية طويلة بعد الاستقلال ، والتي تتشكل حوالى من 30 قبيلة يعيش الجزء الأكبر منها  في الريف برغم الجهود الشاقة التي بذله الاستعمار البرتغالي لإعادة تجميع تلك القبائل في بعض المراكز تحت سيطرة عسكرية ([2]) ، فمنذ حركة التحرير الوطني نجد أن المثقفين  من جزر الرأس الأخضر ، هم من لعبوا دورا  في تنظيم حركة التحرير في غينيا بيساو، حتى قبل أن يصبح أميلكار كابرال أمينا لحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر، يقال إنه قضى سنوات عدة يتجول في أنحاء غينيا بيساو لدارسة الشعوب والمجتمعات المختلفة ([3])،كانت البنية الاجتماعية المعقدة هي وعملية التكامل والاحتواء العرقيين وكذلك الوعى الزائف بالانتماء إلى المجتمع البرتغالي حضاريا ووطنيا هي التي أضعفت الالتزام بالكفاح للتحرر الوطني في الماضي ([4])،، ويعتقد الباحث أنها أيضا هي أحد الأسباب بجانب الفشل الاقتصادي وازدياد الفقر وفساد النخبة في تراجع دور القاعدة الشعبية في غينيا بيساو، الفاعل الثاني :  طبقة حزبية متعددة الانتماءات السياسية والدينية باتت هي الأخرى رهينة لحسابات بعيدة عن مصلحة الشعب وبعضها رهينة لمصالح المؤسسة العسكرية، والفاعل الثالث الطرف الدولي  ( الأمم المتحدة ، البنك الدولي ، بعض القوى الإقليمية ) والضغوط الخارجية “المعونات “.

وهنا علينا بطرح سؤال عن تطور الدور العسكرى فى الحياة السياسية لغينيا بيساو، وتداعياته وأثاره على الدولة وعلى المنطقة ورودو أفعال القوى الاقليمية صاحبة المصالح في المنطقة. ولنبدأ بالتطور السياسي ودور العسكر فى الحكم فى دولة غينيا بيساو.

أولا: التطور السياسي منذ الاستقلال.

أعلن رسميا في10 سبتمبر1974عن قيام دولة “غينيا بيساو ” وتولى الرئاسة لويس كابرال شقيق اميلكار كابرال مؤسس الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر ،والذى اغتيل في أوائل عام 1973 ، وفي14 نوفمبر1980 أطاح رئيس الوزراء”جو بيرناردو نينو فييرا ” بالرئيس لويس كابرال وتولى السلطة مجلس ثوري يهيمن عليه الجيش. ([5])

وفى 1982، تم تأجيل موعد الانتخابات، وإجراء تعديل وزاري واسع النطاق احتفظ فيه قييرا لنفسه بوزراتي الدفاع والأمن، وفى 1984، بدأ سريان تعديلات دستورية جديدة، وتم وضع دستور على يد 150 عضو فى المجلس التشريعي المنتخب من ثمان مجالس إقليمية ([6]).

وفى نوفمبر 1985، جرت محاولة انقلابية بقيادة النائب الأول للرئيس وبعض كبار الضباط، ولكنها فشلت وتم تصفية المتورطين فى هذا الانقلاب ([7])  بالقتل ، وفى 1990 اقترحت حركة المقاومة فى غينيا بيساو بدء مفاوضات سياسية مع الحزب الحاكم، وخضوعا للضغوط وافق الرئيس على إقامة نظام سياسي متعدد الأحزاب، وفى 1991 أثناء مؤتمر استثائى للرئيس، أكد فيه على ضرورة التحول نحو الديمقراطية.

أجريت انتخابات رئاسية وبرلمانية متعددة الأحزاب في أغسطس1994 فاز فييرا في انتخابات الرئاسة ضد منافسه كومبا يالا. ([8]) فيما وصف بأنه أول انتخابات حرة في البلاد.

وفى يونيو 1998، دخلت البلاد منعطف الحرب الأهلية بعد أن قام الرئيس بفصل رئيس الأركان الذي أعلن العصيان المسلح ([9])، ولم ينته الأمر إلا بتدخل دولي نجح في التوصل لاتفاق أشرفت على تنفيذه قوات حفظ السلام، في7 مايو1999أطاح جنود بفييرا في خلاف حول تطبيق الفترة الانتقالية.

وفي28 نوفمبر1999 أجريت انتخابات رئاسية، فاز فيها ” كومبا يالا”  بأغلبية الأصوات في الجولة الأولى  ([10]) ، وجاء بعده زعيم الحزب الأفريقي مالام باكاي سانها الذي قاد فترة انتقالية قصيرة ثم يفوز يالا على سانها في جولة الإعادة التي أجريت في يناير عام2000 ، ولخلافات شديدة بين الرئيس “يالا ” والحاكم العكسرى انسون مانى” الذى عين نفسه قائدا للجيش رغم اعتراض الرئيس على ذلك، بسبب مولاة الرئيس مالا لقبيلته “البلانت ” ([11])وتعيين 30 جنرالا فى الجيش والذى فيه انتهاك واضح للدستور، دارت الحرب فى شوراع غينيا بيساو حتى أحبطت عملية انقلاب “مانى “، وفى عام 2002 بدأت الحكومة برنامجاً شاملاً لإعادة بناء القوات المسلحة والنهوض بالأوضاع المعيشية للجيش فسرحت نحو   4000جندى، ورغم هذا مازالت الأوضاع السيئة، ولم تدفع الأجور لفترات طويلة .

هكذا استحال استكمال برنامج إعادة بناء الجيش، مما أدى في14 سبتمبر2003الجنرال فريسيمو كوريا سيابرا رئيس هيئة أركان الجيش لأن يعلن نفسه رئيسا مؤقتا بعد أن هيمن الجيش على السلطة ([12]) دون رصاصة واحدة، واعدا بإعادة النظام الدستوري بعد تأجيل متكرر للانتخابات. وفى أبريل 2003 أعلن الرئيس كومبا يالا عن عزمه تغيير عاصمة البلاد من بيساو إلى بلدة بوبا الصغيرة التي تقع على بعد 200 كيلومتر جنوب شرقي بيساو ([13])، وفى سبتمبر 2003، حدث انقلاب عسكري يطيح بالرئيس يالا. وانتقلت البلاد إلى إدارة مدنية بقيادة الرئيس الانتقالي هينريجو روسا.

وفى مارس 2004 ، أجريت انتخابات التشريعية ، فى ظل رقابة دولية وفاز فيها ” الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا بيساو والراس الأخضر “بـ 45 مقعد اً([14]) وأصبح “ك ارلوس جوميه جونيور ” رئيس الوزراء ، وجاءت الانتخابات بترشح كوميالا ، وعودى نينو فييرا من البرتغال وترشحه مرة أخرى بعد حكم البرتغال 19 عاما ، وفي28 يوليو2005إعلان فوز الحاكم العسكري السابق “فييرا ” في جولة الإعادة على مالام باكاي سانها من الحزب الأفريقي.

وفى أثناء فترة الرئيس فييرا أصدر البرلمان عفوا عن كل من شارك في اعمال عنف سياسي في الفترة بين 1980-2004، وفى يوليو 2008 غادرت ثلاث احزاب رئيسية تحالف الوحدة الوطنية لتنطلق ازمة سياسية وطنية، كما أمر الرئيس فييرا بحل البرلمان ما يعني فعليا سقوط حكومة مارتينهو ندافا كابي، وتعيين رئيس الوزراء السابق كارلوس كورييا رئيسا للحكومة لحين اقامة انتخابات برلمانية. ([15])في نوفمبر 2008.نوفمبر 2008-نجاه الرئيس فييرا من هجوم مسلح على منزلة قام به جنود متمردون في انقلاب عسكري فاشل.

تصاعدت حدة التوترات بين المؤسسة السياسية في بيساو وقوات الأمن وفي أوائل يناير2009 أعلنت قيادة القوات المسلحة أن أفراد مليشيا مكلفين بحماية الرئيس فييرا أطلقوا النار على رئيس أركان القوات المسلحة الذي كان ينتقد فييرا.

وفى مارس أعلن في غينيا بيساو رسميا عن مقتل الرئيس “جواو برناردو فييرا “صباح يوم الاثنين2 مارس2009على يد عسكريين، بعد ساعات من اغتيال رئيس هيئة أركان الجيش ([16])الجنرال تاجمي نا وايفي هجوم على مقر قيادة الجيش أعقبه انفجار وإطلاق نار.

أدى مقتل شخصيات سياسية وعسكرية بارزة، إلى تفاقم الوضع السياسي الهش أصلاً. وفي أعقاب وفى محاولات تهدئة الأوضاع عُقدت الانتخابات الرئاسية في 28 يونيو 2009 لتنتهي بفوز “مالام باسيا سانها” بنسبة 63,31% في الجولة الثانية للانتخابات([17])، والذي تُوفي متأثرا بمرضه حيث كان قد سافر قبل وفاته لإجراء جراحة في باريس في نوفمبر 2012، ليعقبه حالة من عدم الاستقرار تخللها محاولات من مجموعات عسكرية السيطرة على الحكم، انتهت بتعيين “رايموندو بيريرا” رئيساً بالنيابة في 9 يناير 2012([18])،أعقبها محاولة انقلابية في 13 أبريل 2012 وعقد الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية والذى فاز بها رئيس الوزراء المنتهية ولايته “كارلوس جوميز جونيور” حيث تقدم بذلك دليلاً على عجز الديمقراطية عن قبول الأطراف السياسية الرئيسة بها ([19])، وقبل إجراء الجولة الثانية من الانتخابات حدث انقلاب أبريل 2012 ليكون  أحد سلسلة الانقلابات خلال هذه السنة.

ومن العرض السابق، ابتليت غينيا بيساو بالانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية منذ نالت استقلالها عنالبرتغال، وحتى الآن نتيجة لتعارض المعارضة والنخب الحاكمة وقادة الجيش.

ثانيا: – إدارة المرحلة الانتقالية في غينيا بيساو بعد الانقلاب العسكرى أبريل  2012

جاء هذا الانقلاب ليظهر أن العلاقات المتوترة بين النخب المدنية والعسكرية التي قد شابت التقدم المحرز منذ الاستقلال في عام 1974 لا تزال دون حل، وهذه بدورها تغذي المظالم حول قضايا المواطنة والاستحقاقات والفجوة الريفية/الحضرية، والتفاوتات الإقليمية وتصاعد الشعور بالتهميش التاريخي الذي يشعر به مجموعة ” بالانت” العرقية الذي يعتمد على الأغلبية في الجيش فى غينيا بيساو لمناصرة قضيتها.

الأسباب الحقيقة وراء انقلاب أبريل 2012

يظهر للمتابع أن الغرض المباشر لهذا الانقلاب هو وقف الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، إلا أن هذا الانقلاب جاء ليعبر عن صراع داخلي بين مراكز النفوذ في الأحزاب والمؤسسة العسكرية على حكم البلاد، في حين صرح المجلس العسكري في بيان له لاحقاً أن السبب الحقيقي للانقلاب هو “اكتشاف اتفاق عسكري سري موقع بين الوزير الأول “كارلوس جوميز” ورئيس الدولة المؤقت “ريموندو بيريرا” باسم حكومة غينيا بيساو وبين أنجولا”، ويشرع هذا الاتفاق تواجد قوات أجنبية. أي البعثة الأنجولية (Missang  ) في غينيا بيساو من أجل حماية الحكومة في صورة وجود أزمة” وفي بيان لاحق للقيادة العسكرية جاء فيه: أن “القيادة ليس لديها أي طموحات للسلطة” مضيفاً أنها “اٌرغمت على التحرك على هذا النحو دفاعاً عن نفسها من المناورات الدبلوماسية لحكومة غينيا بيساو الرامية إلى تصفية القوات المسلحة بواسطة قوة خارجية.

إلا أن المتابع للأخبار فى غينيا بيساو يجد أن هذا الانقلاب جاء بعد يوم واحد من دعوة زعيم المعارضة “كومبا يالا” الذي سبق له أن تولى رئاسة البلد بين عامي 2000 ـ ووافق طواعية على التنحي عن السلطة خدمة للوحدة الوطنية ([20])وسلام البلاد واستقرارها ، وحل في المركز الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات- إلى مقاطعة الجولة الثانية المقررة في 29 أبريل الماضي وتحدث كومبا يالا عن “عمليات تزوير كثيفة” في الجولة الأولى، علماً أنه نال نسبة 23.26 في المئة من الأصوات مقابل 48.97 في المئة لجوميز الذي تعمل الولايات المتحدة الأميركية على إيصاله إلى حكم البلاد. إلا أن المعارضة وعلى رأسها” كومبا يالا” لم تعترف بالجولة الأولى من الانتخابات رغم أن المراقبين الدوليين أثنوا على شفافيتها، ورغم تدخل” ألفا كوندي” رئيس غينيا للوساطة لكن كومبا يالا رفض ذلك، بل هدد قائلاً “كل من يجرؤ على خوض الحملة سيكون مسؤولاً عما يحدث”، وبعد ساعات من هذا التحذير حدث الانقلاب.

والخلاصة، أكد الانقلاب أن طريقة "جوميز  جونيور" جعلت له العديد من الأعداء السياسيين فضلا عن العسكريين، والتي أضعفت شرعيته مع عدم حصول تحسن في حياة المواطنين  العاديين،  بالإضافة إلى اتهامات المعارضة  بمحاباة الأقارب وأنه كان متورطا  في الاغتيالات السياسية في عام 2001([21])، أدت هذه الأحداث إلى إثارة بعض التساؤلات حول فشل  الجهود الدولية الرامية إلى مساعدة هذا البلد الصغير الفقير، والتي تعتمد على  المعونة  دون الإصرار لتحقيق تغيير حقيقي.

-وقائع ” الانقلاب ” في مساء يوم 12 أبريل: –

اعتقل الجيش رئيس الوزراء “كارلوس جوميز جونيور”، حيث اتهمه المجلس العسكري بالتآمر مع أنجوﻻ للحد من السلطة العسكرية، وبدأت السيطرة على المواقع الرئيسية المسلحة: الرئاسة ومقر الحزب الحاكم وشبكات الإذاعة والتلفزيون العامة والخاصة، والتحفظ على الرئيس المؤقت “ريموندو بيريرا” دون قتال، ولكن أطلقت بعض الطلقات على مقر إقامة “كارلوس جوميز جونيور”، [22]) الرجل الذي كان حتى تلك اللحظة الأقرب للفوز بالرئاسة في الجولة الثانية من الانتخابات، وإلقاء القبض عليه، وفى الأيام الأولى ، قامت السلطات العسكرية بتشديد قبضتها على المدينة وإقامة نقاط تفتيش حول السفارات وحواجز على الطرق الرئيسية ، كانت هناك عدة حالات من التحرش ضد أنصار جوميز جونيور، و كانت هناك تقارير عن الاعتقالات لشخصيات كبيرة من الحزب الأفريقي، بما في ذلك بعض الوزراء والمحافظين ومسؤولي القطاعات ولكن المجلس العسكري الحاكم قد أفرج عنهم جميعا. بما في ذلك “أدياتو نانديجنا ديالو” الذين قد حل محل جونيور جوميز رئيسا للوزراء عندما استقال للترشيح لمنصب الرئيس، وقد لجأ الكثير من المسئولين في السفارات والبعثات الدبلوماسية، في وقت لاحق عددا منهم غادر البلاد.

وتم طرد رجال يرتدون الزي الرسمى في الدولة مثل “ديسيجادو ليما دا كوستا”، رئيس اللجنة الانتخابية (اللجنة الوطنية للانتخابات)، ([23]) الذي ينتمي إلى الحزب الأفريقي، ويعتبر على نطاق واسع من مؤيدى جوميز جونيور والذى وقوات الأمن.

كما أن الصحافة لم تتسامح بشأن المظاهرات مع الانقلاب ، حيث في حين تمت إزالة الحظر رسميا، تم قمع عدة عشرات محاولات من الأشخاص احتجاجا على هذا الانقلاب في 15 أبريل

وتم التعامل مع اثنين من المتظاهرين وأصيبوا بجروح، في 25 مايو، وتكرر هذا  في 27 يونيو، وقد أعربت  منظمة العفو الدولية ([24])عن قلقها تجاه الحريات السياسية في مايو، وقالت أن حالة حقوق الإنسان ظلت مستقرة أكثر أو أقل بعد المجلس العسكري، الذى يطلق على نفسه اسم (القيادة العسكرية) وتدريجيا أصبح أكثر وضوحاً، الذى كان يقوده كبار الضباط من مجموعة بالانت العرقية، وهناك دلائل على أنه أبقى ضباط غير بالانت تحت المراقبة لبضعة أيام .

سارع المجلس العسكري بفتح باب المناقشات مع الأحزاب السياسية وممثلي الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (الايكواس) بعد الانقلاب وعقد عدة اجتماعات مع زعماء المعارضة الرئيسية.

 بما في ذلك المنشقين الذين عارضوا “جوميز جونيور” في الانتخابات الرئاسية فى الحزب الأفريقي ومع ذلك، ظل أمينها الدائم، أوجوستو أوليفيس، رفض المشاركة حتى تم الإفراج عن جوميز جونيور وبيريرا في 16 أبريل، التقت بعثة تابعة للجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا مع المجلس العسكري والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

في 18 أبريل، نظم المجلس العسكري للتوقيع على “اتفاق لتحقيق الاستقرار والحفاظ على النظام الدستوري والديمقراطية فى البلاد بما في ذلك الحد من الفقر ” بخمسة وعشرين أحزاب ([25])من المعارضة شملت الاستعاضة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية لمدة سنتين بهيئة تشريعية متخصصة “المجلس الوطني الانتقالي” وتشكيل حكومة وحدة وطنية ورئيس انتقالي.

وقد عقدت بعثة مسؤولين عسكريين كبار من دول الإيكواس بمطار بيساو لقاء مطولا ومغلقا مع أنطونيو أندجاي، القائد الأعلى للجيش بغينيا بيساو وأحد قادة الانقلاب، وعقب اللقاء أعلن الناطق باسم المجلس العسكري التوصل إلى اتفاق يقضي بتحديد فترة انتقالية بـ12 شهرا بدل عامين وبنشر قوة تابعة عسكرية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قوامها يتراوح بين 500 و600 رجل.

اقتراح مشروط:

اقترح الانقلابيون في غينيا بيساو تشكيل حكومة وحدة وطنية واشترطوا تسلم وزارتي الدفاع والداخلية، ([26]) يأتي ذلك وسط إدانة إقليمية ودولية للانقلاب ودعوات إلى عودةالبلاد إلى النظام الدستوري، وقال مسؤولون في أحزاب سياسية إن الانقلابيين اقترحوا تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنهم اشترطوا تسلم حقيبتي الدفاع والداخلية

وفى نهاية أبريل، عيّن المجلس العسكري نهاماجو رئيسا انتقاليا لغينيا بيساو، لكنه رفض قائلا إن تعيينه غير قانوني، ليتم قبوله لاحقا بعد مباركة إيكواس ([27])

حيث قالت إيكواس في-بيان صادر عن وفدها- إنه وطبقا للدستور سيتولى رئيس البرلمان مانويل سيريفو نهاماجو منصب الرئيس الانتقالي، وتم تشكيل حكومة جديدة في مايو، مكونة من 27 وزيرا بينهم عسكريان، حسب ما جاء في مرسوم وقعه الرئيس الانتقالي مانويل سيريفو نهامادجو.

في المقابل رفض الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر المطاح به القرار، وقال “أوجيستو أوليفيس” أحد زعمائه “إنه غير دستوري”. وأضاف “لن نعترف برئيس لم ينتخب بطريقة ديمقراطية”.

 “روي دوارتي باروس” اختير رئيسا للوزراء بتوافق آراء الأطراف الموقعة” في 18 مايو، من أحزاب المعارضة، والمجلس العسكري وتم الاتفاق والإصرار على إخضاع الجيش للسلطات المدنية ([28])  وتعهد التعاون على إصلاح القطاع الأمني والتحقيقات في الاغتيالات السياسية في السنوات القليلة الماضية كما وعد بأن الجمعية العامة سوف تمرر قانون عفو لأولئك الذين نفذوا الانقلاب.

وفى 15 يونيو، أعلنت الحكومة الجديدة عن برنامج النقاط الأربع، في وثيقة من ثماني صفحات قدمه رئيس الوزراء للأحزاب السياسية في 21 يوليو.

ومنها، إعداد وتحقيق للانتخابات التشريعية والرئاسية، وتعزيز العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب بتنظيم مكافحة الجريمة والفساد والاتجار بالمخدرات، واستأنف “ليما دا كوستا” استأنف مهامه فى المجلس الانتخابي الوطني عقب اجتماع مع الرئيس نهامادجو.

شهدت المستعمرة البرتغالية السابقة عدة انقلابات عسكرية منذ الاستقلال عام 1974، حيث أطاح الجيش بثلاث رؤساء وتم اغتيال رئيس رابع “فييرا ” 2009 ومثل أحدثها انتكاسة لجهود المانحين الغربيين للحد من تدخل الجيش في السياسة ومواجهة نفوذ عصابات تهريب المخدرات التي تستخدم البلاد نقطة للعبور.

أدركت جميع الجهات الفاعلة الغينية كيف تعتمد البلاد على الدعم المقدم من المانحين، ليس أقلها لميزانية الدولة التي يعيش السياسيين والفعاليات العسكرية، بعد الإفراج عن جوميز جونيور وبيريرا وسرعة إسقاط الطغمة الحاكمة التي خطتها الأولى مرحلة انتقالية مدتها عامان.

إن الجيش والسلطات الانتقالية عليهم الاعتراف بأنهم بحاجة إلى الحفاظ على العلاقات الدولية والعمل على التوصل إلى حل سلمي، وأن هناك فرصة للنهوض بالإصلاحات اللازمة.

محاربة تجارة المخدرات فى غينيا بيساو:

تعتمد غينيا بيساو رسمياً في مداخيلها أساساً على تصدير بعض المنتجات الزراعية مثل الكاشو وعلى المساعدات الخارجية إلا أنها تمثل أهم نقطة عبور لتجارة المخدرات المقبلة من أميركا اللاتينية والمتجهة إلى أوروبا، وذلك بحكم موقعها على المحيط الأطلسي،  فقد ذكرت برقية دبلوماسية أميركية مسربة عام 2009 أن ما يقدر بنحو 800 كجم من الكوكايين([29])  تصل جواً إلى غينيا بيساو كل ليلة إلى جانب كمية غير معروفة تنقل بحراً إلى شبكة جزر تشكل جزءاً كبيراً من ساحل البلاد
وعندما وصل جوميز في 16/11/2008 إلى رئاسة الحكومة قام بسن قوانين لمحاربة تجارة المخدرات بدعم من الولايات المتحدة،([30]) ، وبعد أسبوع فقط من وصول جوميز إلى رئاسة الحكومة فى  نوفمبر2008 قام قائد البحرية بوبونا تشوتو، بمحاولة انقلاب فاشلة على خلفية هذه القوانين([31])، ثم  تم اغتيال رئيس الدولة وقتها فيرا وقائد جيشه الجنرال باتيستا ،لإيقاف عملية محاربة تجارة المخدرات التي يدور فيها الصراع حسب كثير من المختصين داخل المؤسسة العسكرية بين قائد البحرية نا شوتو ورئيس أركان الجيش الجديد الجنرال أنتونيو إيندجاي.

 وهذا الصراع بينهما لا يتعلق بإصلاح الجيش بل حول إدارة تجارة المخدرات وتقاسم مرابيحها. وعليه فإن كثيراً من المتابعين يرون أن رئيس الأركان الجنرال أنتونيو إيندجاي الجنرال هو الذي يقف وراء هذا الانقلاب الأخير في غينيا بيساو، وذلك حسب الأدلة الأربعة التالية:

*رغم اعتقال الانقلابيين لرئيس الأركان إلا أنهم لم يعلنوا عن قائد الانقلاب كما يحصل عادة، واكتفوا فقط بتعيين ناطق رسمي لهم مما يدلل على أنه هو الذي يدير الحركة الانقلابية من وراء ستار.

*بعد يومين من انتهاء الدورة الأولى من الانتخابات اتهم السفير الأنغولي في غينيا بيساو الجنرال أنتونيو إندجاي بأنه يعد لانقلاب عسكري.

*رغم أن قائد البحرية خوسي أميركو بوبونا تشتو قد قاد عدة محاولات للانقلاب في عام 2008،2009وآخرها في 6/12/2011عندما كان الرئيس سانها بالمستشفى في باريس، إلا أنه كان يعود كل مرة لأخذ موقعه العسكري، ورغم أنه متهم منذ سنوات بالإشراف على تجارة المخدرات إلى درجة أن الولايات المتحدة وضعته مع قائد القوات الجوية إبرايما بابا كامارا في 2010 على قائمة بارونات تجار المخدرات، ومع كل ذلك أعاده رئيس الأركان أنتونيو إيندجاي إلى موقعه في قيادة البحرية، مما أغضب أميركا وجعلها توقف بتاريخ 2010مساعداتها العسكرية إلى غينيا بيساو كما أوعزت إلى الاتحاد الأوروبي فأنهى بعثته العسكرية الخاصة بإصلاح القوات الأمنية. ([32])

* استقالة رئيس الشرطة العدلية لوسيندا أهوكاري المدعوم أميركيا بتاريخ 6/5/2011بسبب التهديدات التي يتلقاها من ضباط المؤسسة العسكرية جراء جهوده في محاربة المخدرات

ولعل هذا ما جعل القنصل الشرفي لبريطانيا في غينيا بيساو جان فان مانين يفسر الانقلاب الأخير بالقول: “المخدرات هي وراء كل شيء، إنها دخل ممتاز بالنسبة للجيش وهو يتخوف من أن يفقد كل ذلك. ([33])

وتتزايد الضغوط من الداخل والخارج على غينيا بيساو -الدولة الصغيرة التي تقع في غرب أفريقيا- بسبب استيلاء مجموعة الضباط الذين أطلقوا على أنفسهم اسم “القيادة العسكرية” على السلطة.

ثالثا : ردود الأفعال الداخلية والخارجية : –

جاءت ردود الفعل سريعة وشديدة اللهجة، ثم دعت العديد من الأوساط السياسية الدولية والإقليمية إلى ضرورة عودة النظام الدستوري بغينيا بيساو لتهيئة أجواء ملاءمة لهذا الاستحقاق، وحثت على الحفاظ على الهدوء والامتناع عن ممارسة أعمال العنف أو التخريب، وجاءت ردود الأفعال كلها على مستوى واحد من الرفض:

أولا: مواقف القوى الدولية                

الأمم المتحدة: –

 تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع، عقوبات موجهة ضد خمسة من المسئولين عن انقلاب 12 أبريل في غينيا بيساو، مع مطالبته بالعودة إلى “النظام الدستوري” فوراً.

ويطلب القرار 2048([34]) من الدول الأعضاء “اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لمنع دخول أو مرور” المسئولين الخمسة عبر أراضيها، ومن بينهم قائد الجيش “انتونيو اندجاى “ومساعده “ممادو توريه” ثلاثة أعضاء آخرين من الانقلابيين وهم الجنرال “استيفاو نا مينا” والجنرال “ابرايما كامارا “والكولونيل “دابا نوالنا”، وندد المجلس أيضا بانتهاكات حقوق الإنسان والقيود التي فرضها الانقلابيون على الحريات، وأشار بقلق عميق إلى الوضع الإنساني المقلق الناتج عن الانقلاب العسكري.

الموقف الأميركي:

ونظرا للانقلاب الذي وقع في 12 أبريل 2012، اضطرت الولايات المتحدة إنهاء المساعدة الخارجية “لحكومة غينيا-بيساو” الذي يتسق مع متطلبات القسم 7008 من وزارة الخارجية والعمليات الخارجية وقانون اعتمادات البرامج ذات الصلة لعام 2012. للمساعدة الإنسانية غير المحدودة السابقة التى ركزت أساسا على قطاع العدالة، فضلا عن تخزين الأسلحة المناسبة وبرامج إزالة الألغام وهي تعمل على إعادة غينيا بيساو على خط الإصلاحات التي بدأت فيها منذ 1990 عندما دخلت البلاد في مرحلة التعددية السياسية والحزبية.

فمنذ استقلال غينيا بيساو قدمت لها الولايات المتحدة 65 مليون دولار في شكل منح ومساعدات ومنذ عام 1998 وهو العام الذي تم فيه اتفاق غينيا بيساو للسلام ([35])  بين الرئيس “جواو برناردو فيرا ” وبين رئيس أركان الجيش “أنسومان ماني” وقتها على إثر الصراع الداخلي بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية والذي حصل في أبوجا (نيجيريا) ، و ليوقف ما بدأته الولايات المتحدة الامريكية من عملية إعادة هيكلة وتغيير في المؤسسة العسكرية سواءٌ من حيث دروها في الحياة السياسية أو من حيث عدد المنتسبين إليها، وهذا يدخل ضمن خطة الولايات المتحدة الامريكية العامة وعلى مستوى العالم فيما يتعلق بتركيز مفاهيمها في الديمقراطية والدولة المدنية والحكم الرشيد والاقتصاد الحر.

الموقف البرتغالي:

تستخدم البرتغال أنجولا، كقوة رئيسية في اللغة البرتغالية في المنطقة الغربية الأفريقية         وتستخدم الجهود المشتركة لتطوير مكانتها في القارة، وأنجولا كانت تدعم جوميز جونيور دبلوماسيا، وتشجعه بمواقف متشددة.

وكان الاختلاف واضحا في ردود الفعل الأولية من لشبونة، حيث دعت البرتغالية في 14 أبريل لتفويض من الأمم المتحدة “قوة فصل” حيث الدفاع عن السلم والأمن فى غينيا بيساو، ضمان النظام الدستوري، و حماية المؤسسات والسلطات الشرعية والسكان، وانتهاء العملية الانتخابية والمعالجة لإصلاح قطاع الأمن ([36])

ورفضت البرتغال الاعتراف بالسلطات الانتقالية، ودعت إلى القمة البرتغالية في مابوتو. في حين لم يعد الحديث بصراحة من قوة فاصلة أو حفظ الاستقرار متعددة الجنسيات.         

ثانيا: مواقف القوى الإقليمية

الاتحاد الأفريقي:

علّق الاتحاد الأفريقي عضوية غينيا بيساو بعد الانقلاب، وقال رمضان العمامرة مفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي إن “مجلس السلم والأمن يقرر وقف غينيا بيساو من كل الأنشطة بشكل فوري.. إلى أن تتم إعادة النظام الدستوري.”

مما يزيد الضغط على القادة العسكريين الذين قالوا إنهم على استعداد لإعادة السلطة للمدنيين بعد المحادثات مع وسطاء من المنطقة، والتعليق هو الرد الطبيعي من جانب الاتحاد على أي تعطيل للحكم الدستوري في إحدى الدول الأعضاء.

الايكواس:

الجماعة قد أكدت دورها الرائد ودفعت لانتقال الأزمة عن طريق التفاوض ولكن واجهت صعوبة في إقناع الشركاء الدوليين الآخرين لمتابعة التفاوض في البداية.

التقى وفد رفيع المستوى من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) التي أدانت الانقلاب ووصفته بأنه “غير مقبول” بقادة الانقلاب، ([37]) وقال رئيس مفوضية ايكواس “ديزيريه كادري ويدراوجو ” إن هناك اتفاقا “على العودة للنظام الدستوري”.

كما جرى الاتفاق على أن ايكواس ستساعد في استعادة الحكومة المدنية”، وكانت ايكواس قد أصرت في المحادثات على الإفراج عن “جوميز جونيور” وبيريرا”، لكنه لم يحدد ما إذا كان سيتم السماح لجوميز جونيور بالترشح مرة أخرى بانتخابات جديدة.

ولوحت القمة بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضد غينيا بيساو وعقوبات فردية أيضا على من أقدموا على شن الانقلاب، ولم تستبعد ملاحقات أمام المحكمة الجنائية الدولية في حال عدم عودة النظام الدستوري بالبلاد.

البنك الدولي والبنك الأفريقي:

أعلن البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية تعليق المساعدات الخاصة بالتنمية التي يقدمانها لغينيا بيساو بعد الانقلاب.

وأدانت الهيئتان في بيان مشترك الانقلاب وأعلنتا أن “عملياتنا التنموية علقت باستثناء المساعدات العاجلة”، داعيان إلى “حل سريع للأزمة وإعادة حكومة دستورية من أجل حماية المكتسبات في مجال التنمية في هذا البلد وشعبه

الموقف الأنجولى:

أعربت وزارة الشئون الخارجية الأنجولية عن أسفها إزاء الانقلاب العسكرى الذى وقع فى غينيا بيساو ودعت إلى احترام حقوق الإنسان هناك، وفى بيان صحفي وجهت الوزارة ([38])  نداء لعودة الوضع السياسي والدستوري الطبيعي من خلال الحوار من أجل السماح بإجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

الموقف المغربي:

أشاد المغرب ٬ بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لقرار يهدف إلى عودة النظام الدستوري إلى غينيا بيساو٬ في أعقاب الانقلاب العسكري، وصرح سفير المغرب لدى الأمم المتحدة٬ محمد لوليشكي٬ خلال اجتماع الجهاز الأمني للأمم المتحدة المخصص للوضع في هذا البلد٬ قائلا إن “القرار رسالة قوية وبإجماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالح السلام والاستقرار في غينيا بيساو”.

وذكر لوليشكي بأن المغرب وغينيا بيساو يقيمان “علاقات أمنية”، و” شراكة متعددة الأشكال” مؤكدا أن المملكة صوتت لصالح قرار مجلس الأمن ([39]) “اعتبارا للارتباط الذي كان لها دائما٬ والاهتمام الخاص الذي توليه للسلام والاستقرار وسيادة دولة القانون في هذا الجزء الغربي من قارتنا
وصرح أنه٬ منذ اندلاع الأزمة في غينيا بيساو٬ “كان المغرب من بين البلدان الأولى التي أدانت الانقلاب العسكري٬ ودعا إلى العودة إلى النظام الدستوري

الخلاصة: -

حكم "جوميز جونيور" كان مثير للجدل وعدم قدرة النظام الانتخابي التوصل إلى نتائج مقبولة جعلت من السهل التدخل العسكري في الحكم وليس هذا فقط، ولكن الهيكل المؤسسى كله من مؤسسات الدولة – السياسية والقضائية والاقتصادية – يتطلب إصلاحًا كبيرا. هذا الى جانب سلبية الصورة الدولية، وإحساس قوي بالشرعية وشبكات ربطها بالمجتمعات الريفية، الى جانب صورة المفسدين من الاتجار بالمخدرات على حد سواء هنا ستكون القراءة خاطئة-مما تجعل الإصلاح مستحيلاً.

لابد من وضع غينيا-بيساو على جدول الأعمال الدولي حيث مسألة عبور الكوكايين من (أمريكا اللاتينية إلى أوروبا) عبره، بينما يمكن إعطاء الجيش المتاجرين بالأمن والنقل والإمداد، عقوبات ووضعهم ضمن مجموعات إجرامية منظمة تعمل في التحالفات المعقدة التي تشمل أيضا المدنيين والسياسيين ورجال الأعمال، التنمية الاقتصادية الطويلة الأجل الأجور في قطاع الأمن والعدالة مطلوبة لتجعل الدولة والمجتمع أقل عرضة لتجارة المخدرات.

ولكي يحدث هذا، يجب على المجتمع الدولي أن يولي اهتمام الدولة الصغيرة التي لحقت، سوف تتطلب مشاركة دولية ناجحة وتنسيق الدقيق. يجب ألا يسمح الغينيين إلى الاعتقاد بأنها يمكن أن تلعب فاعل واحد ضد الآخر. ينبغي أن تتخذ الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا والجماعة الناطقين بالبرتغالية في غرب أفريقيا، ونيجيريا، وأنغولا وفرنسا والبرتغال الرعاية الخاصة والبناء والحفاظ على توافق الآراء. بسبب موقفه القوى والالتزام الخاص واهتمام من بعض الدول الأعضاء، ينبغي أن تظل الجماعة السائق الرئيسي للعملية السلمية، ولكن يجب أن تعمل مع الآخرين، بدءاً باشتراك الجماعة في مناقشة جادة ومباشرة ورفيعة المستوى حول المستقبل المرحلة الانتقالية

——————-

المراجع:

([1])”التحولات السياسية فى القارة الأفريقية ..وتأثيراتها السلبية ” ، قراءات إفريقية ( الرياض : المنتدى الاسلامى ، العدد الثلث عشر ،سبتمبر 2012) ص 3

([2])ريتشارد جيبسون ، ترجمة :صبرى محمد حسن ، حركات التحرير الافريقية  (القاهرة : المشروع القومى للترجمة ، سلسة الدارسات الافريقية، ط1، 2002) ص 366

([3])المرجع السابق نفسه ، ص 369

([4])المرجع السابق نفسه ، ص 374

([5])تاريخ الصراعات والانقلابات فى غينيا بيساو ، مقال على موقع روتيرز ،متاح على الرابط التالى ،http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARACAE52109H20090302

([6])محمد عاشورمهدى ، دليل الدول الافريقية ( القاهرة : معهد البحوث والدارسات الافريقية ، مشروع دعم التكامل الافريقيى ، 2007) ص  499

([7])محمد عاشور ، مرجع سبق ذكره ، ص 499

([8]) الانتخابات في غينيا بيساو، قاعدة بيانات الانتخابات الإفريقية، عبر الرابط الالكتروني التالي:

http://africanelections.tripod.com/gw.html

([9]) عدم اكتراث عدم إكتراث المواطنين بذكرى الحرب الأهلية في غينيا بيساو ، مقال متاح علىالرابط التالى و

([10]) الانتخابات في غينيا بيساو، قاعدة بيانات الانتخابات الإفريقية، عبر الرابط الالكتروني التالي:

http://africanelections.tripod.com/gw.html

([11])محمد عاشور ، مرجع سبق ذكره ، ص 500

([12])المرجع السابق ، ص 501

([13])غينيا بيساو – تسلسل زمنى ، مقال متاح على موقع البى بى سى ،على الرابط الالكترونى التالى ، http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_7918000/7918860.stm

([14])محمد عاشور ، مرجع سبق ذكره ، ص 502

([15])تاريخ الصراعات والانقلابات فى غينيا بيساو ، مقال على موقع روتيرز ،متاح على الرابط التالى ،http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARACAE52109H20090302  

([16])مقتل رئيس غينيا بيساو بعد إغتيال قائد الجيش الدولى ، مقال على موقع الجزيرة ، متاح على الرابط التالى، www.aljazeera.net/news/archive/archive?

([17]) الانتخابات في غينيا بيساو، قاعدة بيانات الانتخابات الإفريقية، عبر الرابط الالكتروني التالي:

http://africanelections.tripod.com/gw.html (20-2-2012)

([18])http://arabic.euronews.net/2011/12/27/troops-foil-guinea-bissau-coup-attempt/ (12-2-2012)

([19])http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2012/04/120413_guineabissau_coup.shtml(25-4-2012)

([20])كومبا يالا يقبل التنحي عن السلطة في غينيا بيساو  ، مقال متاح على  موقع بانا برس ، http://www.panapress.com/%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A8%D8%A7-% –12-327339-107-lang1-index.html        

([21]) “Amnesty International’s concerns following the coup in April 2012”, May 2012; and the comment by Marisé Castro in

“Division and stasis in Guinea-Bissau”) IRIN: 18 May 2012.(

([22]) army chief of staff, Augusto Mario Có. “Guinea- Bissau, Carlos Gomes Junior was arrested by the military”, Portuguese News Network (PNN), 13 April 2012.

([23])“Guinée-Bissau: le président de la Commission électorale expulse de son bureau par des hommes armés”, Xinhua, 2 June 2012.

([24])“Amnesty International’s concerns”, op. cit., p. 4.                                                                      

([25])حل المؤسسات واقامة مجلس انتقالي في غينيا بيساو ، وكالة فرنس برس ، متاح على الرابط التالى

http://www.qiraatafrican.com/view/?&keyword=%DB%ED%E4%ED%C7%20%C8%ED%D3%C7%E6

([26])تعيين نهاماجو رئيسا انتقاليا لغينيا بيساو ، مقال متاح على موقع الجزيرة على الرابط التالى ، http://www.aljazeera.net/news/pages/1c42e582-a5f0-4a9b-b15c-853c3c06d429

([27])        انقلابيو غينيا بيساو يقترحون حكومة وحدة ، مقال متاح على موقع الجزيرة على الرابط ، http://www.aljazeera.net/news/pages/5c7852ca-a747-4455-9a63-1ff4ff77acc2  

([28])Beyond Turf Wars: Managing the Post-Coup Transition in Guinea-Bissau ,Crisis Group Africa Report N°190,  Brussels: Crisis Group Report ,17 August 2012), Page 18

([29])عبدالواحد جعفر ، الديمقراطية الامريكية وإنقلاب غينيا بيساو( القاهرة : منتدى صوت الفكر ، يونيو 2012)، متاح ايضا على الرابط التالىhttp://muntada.sawtalummah.com/showthread.php?

([30])وثيقة من موقع ويكليكس ،”رقم 8 ”  بتاريخ 16/10/2008

 dakar1188 :guinea bissau security sector reform   

([31])Beyond Turf Wars: Managing the Post-Coup Transition in Guinea-Bissau ,Crisis Group Africa Report N°190,  Brussels: Crisis Group Report ,17 August 2012), Page 9

([32])عبدالواحد جعفر ، الديمقراطية الامريكية وإنقلاب غينيا بيساو( القاهرة : منتدى صوت الفكر ، يونيو 2012)، متاح ايضا على الرابط التالىhttp://muntada.sawtalummah.com/showthread.php?

([33])عبدالواحد جعفر ، المرجع السابق ذكره .

([34])    http://www.un.org/arabic/sc/committees/2048/   بالقرار 2048 لعام 2012، متاح على الموقع الالكترونى  لجنة مجلس الأمن بشأن غينيا – بيساو في 18 أيار/مايو 2012 عملا  ً

([35])   توقيف قائد الاركان و40 ضابطا فى إنقلاب بغينيا بيساو، مقال متاح على الرابط الالكترونى التالى ،http://main.omandaily.om/node/12720                                      

([36]).Resolução sobre a situação na Guiné-Bissau”, CPLP,) Lisbon,14 April,2012)

([37])Beyond Turf Wars: Managing the Post-Coup Transition in Guinea-Bissau ,Crisis Group Africa Report N°190,  Brussels: Crisis Group Report ,17 August 2012), Page 11

([38])أنجولا تعرب عن أسفها للانقلاب العسكرى فى غينيا بيساو، مقال متاح على الرابط الالكترونى التالىhttp://arabic.peopledaily.com.cn/200309/15/ara20030915_69354.html ،

([39])المغرب يشيد بتبني قرار دولي يهدف إلى عودة النظام الدستوري إلى غينيا بيساو ، متاح على الرابط الالكترونى التالى ، http://ar.midipress.com/ma/27272.html

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.