المركز العراقي الافريقي للدراسات الاستراتيجية
الموقع الرسمي

موسم الانتخابات الإفريقية في زمن كورونا .. جمهورية تنزانيا الاتحادية وغمار انتخاب خامس رئيس لها

0
  • تعيش خلال النصف الثاني من السنة الحالية العديد من الدول الإفريقية “موجة من الحملات الانتخابية” للتنافس على مقاعد تسيير هذه البلدان . الانتخابات التي عرفت حركات صعيدية مابين المترشيحن ومعرضيهم وقد تتعدد الأسباب وراء هذه الصراعات والتي وصلت في اغلب الحالات إلى تصفيات مابين نشطاء الطرفين انها في “السمة الغالب ” على أجواء الانتخابات الرئاسية في الدول التالية : النجير ،وغانا ،وجمهورية إفريقيا الوسطى، وإثيوبيا ، والطوغو ، وساحل العاج ثم ” جمهورية تنزانيا الاتحادية ” ( موضوعنا )والتي شهدت انتخاب خامس رئيس في مسار تاريخها الانتخابي الذي انطلق مع أول رئيس للبلاد جوليس نيريري والذي قضي في هذا المنصب 23 سنة امتدت مابين (1962و1985)

حملات انتخابية.. واقترع.. ونتائج .. وشد الحبل مع المعرضة .

وحاليا جرت انتخابات يوم الأربعاء 28 تشرين الثاني /أكتوبر 2020 لانتخاب رئيس الجمهورية، وأعضاء البرلمان، وأعضاء المجالس المحلية الحضرية والقروية ، وقد سبق ذلك حملات انتخابية كما هي ” الأعراف و القواعد الانتخابية في كل بلدان المعمور” ، والتي انطلقت بهذا البلد شهرين قبل يوم اقتراع صناديق الانتخابية، وهذه الحملات عرفت توترات ومواجهات مابين أنصار المترشحين وقيل أنها قد ” شهدت بعض أعمال عنف” ،الانتخابات التي تنافس على مقعدها الرئاسي 16 مترشحا، أبرزهم الرئيس ، والمعارض العائد من المنفى (منذ محاولة اغتياله قبل ثلاث سنوات ) ، و شارك في هذا الاستحقاق الانتخابي حوالي 29 مليون ناخبا / مصوتا .
وتجب الإشارة إلى أن” جمهورية تنزانيا الاتحادية ” تتكون من جزء باليابسة ضمن القارة الإفريقية ومجموعة جزر ” أرخبيل زانجيبر ” بالمحيط الهندي عند الاستقلال سنة 1964 كانت ” زانجيبر ملكية دستورية ” – والأحداث التي ستلي الاستقلال لاتهمنا في حديثنا هنا – بقدر ما يهمنا أن الانتخابات تستهدف إفراز تشكيلتين أو حكومتين موحدتي الأهداف وليست حكومتين منفصلتين أو أنها في صراع بل تتكاملان في إطار ” اتحاد ” .
إذن لقد أعلن رسميا عن الفائز(ين) في هذا الاستحقاق الانتخابي الذي كلف دولة فقيرة ميزانية مهمة من المفترض أن تستثمر في مشاريع تنموية خصوصا إذا كانت هذه الانتخابات هي ( منافسات ) مثل كرة هوائية يتم التخلص من محتواها بعد الإعلان عن النتائج ، فالانتخابات التي نظمتها ” جمهورية تنزانيا الاتحادية ” يوم الأربعاء 28 تشرين الأول /أكتوبر 2020 حيث جاءت النتائج حسب “المفوضية القومية للانتخابات أن الرئيس المنتهية ولايته حصل على 84٪ من الأصوات ، بينما حصل معارضه على 13٪ .. “. وفي زنجبار ، أعلن ” فوز مرشح الرئاسة ، بحصوله على 76٪ من الأصوات ، بحسب ما أعلنته مفوضية الانتخابات في زنجبار. فهذه النتائج لم تكن مرضية بالنسبة للمعارضين وبغض النظر عما يخفى عنا كمتتبعين للنتائج فاللعبة الانتخابية مصيرها في النهاية بها فائز و ” متذمر/ متذمرون ” من النتائج هذا إذا اعتبرنا أن العملية الانتخابية قد جرت بشفافية ودون تدليس أو تزوير لإرادة الناخبين .
وحسب ردود الفعل الأولية قبل وأثناء وبعد الإعلان عن النتائج والتي اعتبرتها المعارضة على أنها “مزورة”،وان أنصار المعارضة وممثليها للإشراف على صناديق الاقتراع منعوا من” دخول مراكز الاقتراع خلال انتخابات ” فالمعارضة تتحفظ على النتائج معتبرة ” التصويت لا يتطابق مع الدستور التنزاني ولا مع القانون الدولي ، وأضافت المعارضة أن الأمر كان مجرد عصابات مشكلة من العديد من الأشخاص المشكوك في براءة ذممهم وبذلك فقد أساءوا إلى الممارسة الديمقراطية حيث تم العبث بصناديق الاقتراع أثناء غياب ممثلي الحزب المعارض ، وتقول المعارضة في زنجبار إن المرشح اعتقل وأطلق النار على الناس قبل التصويت ” وأضاف أعضاء المعارضة للصحافة أن “النتائج يجب ألا تعترف بها أي دولة في العالم ولا ينبغي أن يعترف بها الاتحاد الإفريقي والكومنولث ” مع حث العالم على اتخاذ إجراءات ضد “أولئك الذين ارتكبوا هذه المهزلة ” وللدفاع عن نزاهة الانتخابات قال رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات “سيمستوكليس كيجاجي ” اعتبر أن ” التشكيك في نزاهة الانتخابات هي مجرد أوهام لا تمت للواقع بل اعتبرتها – لجنة الانتخابات – أكثر شفافية ، ونفت المفوضية وجود أوراق اقتراع مزورة ، وأنها مزاعم لا أساس لها من الصحة…” حسب تصريح المفوضية لوكالات الأنباء .


أما المراقب الإفريقي ، “مفوضية الاتحاد الإفريقي “فقد نشر مابين 22 تشرين الأول /أكتوبر إلى 03 تشرين الثاني / نوفمبر 2020، بعثة خبراء انتخابيين في تنزانيا، بقيادة الرئيس النيجيري السابق غودلوك جوناثان ، كما دعا – قبل الاقتراع – رئيس “مفوضية الاتحاد الإفريقي” موسى فقيه محمد إلى السهر على سلمية الانتخابات الرئاسية المقررة الأربعاء في تنزانيا.وجاءت هذه الدعوة عقب توقيف المعارض “معلم سيف شريف” مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية في زنجبار التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.وأفاد بيان صادر عن “مفوضية الاتحاد ألإفريقي ” الثلاثاء 27 تشرين الأول /أكتوبر 2020 ، أنه “بينما تتجه جمهورية تنزانيا الاتحادية نحو تنظيم انتخابات عامة يوم 28 تشرين الأول /أكتوبر 2020 ، يدعو رئيس “مفوضية الاتحاد ألإفريقي” موسى فقيه محمد إلى انتخابات سلمية وشاملة وذات مصداقية .. وتمنى- رئيس المفوضية الإفريقية – أن تكون فرصة متجددة لترسيخ الديمقراطية والسلام في البلاد”..
وحث رئيس المفوضية جميع الفاعلين والأحزاب السياسية وأنصارها على المشاركة في العملية الانتخابية بصورة سلمية، والامتناع عن أعمال العنف.
وطالب بضمان مناخ يمكن المواطنين من التصويت بشكل آمن وسلمي. ويوم الجمعة الموالية ليوم الاقتراع فقد أقرت ” بعثة جماعة شرق إفريقيا “بنزاهة الانتخابات وأنها “جرت بشكل منتظم” .
وقبل الانتخابات حذرت “منظمة العفو الدولية” من اتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضة وحرية التعبير ،أما سفراء الدول الغربية وخصوصا سفراء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فأكدت أن هناك “مزاعم ذات مصداقية بحدوث تزوير وترهيب كبير مرتبط بالانتخابات ” ف التصويت شابته مزاعم باعتقال مرشحين ومتظاهرين ، وفرض قيود على وكلاء الأحزاب السياسية للوصول إلى مراكز الاقتراع ، والتصويت المتعدد ، والتكتكات المسبقة على بطاقات الاقتراع ، وحجب واسع النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي… ” حسب ما جاء بوكالات الأنباء بتنزانيا .
وحسب وكالة أنباء وعلى لسان المعارضة فان “… تسعة أشخاص قتلوا برصاص قوات الأمن منذ يوم الاثنين قبل يوم الاقتراع. و أن ثمانية آخرين لقوا حتفهم في “جزيرة بيمبا” بعد اشتباكات بين قوات الأمن وأشخاص كانوا يحاولون منع الجيش من توزيع صناديق الاقتراع يوم الاثنين قبل يوم الاقتراع لاعتقادهم باحتوائها على أصوات مسبقة … كما أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين ثم “لجأت إلى الذخيرة الحية”
الأمر الذي نفته الشرطة وقالت ” إنها لا تملك اي معلومات عن أي وفيات…
وقال قائد الشرطة التنزانية ” سيمون سيرو” للصحفيين إن بعض الشبان اعتقلوا في الحادث عندما مارسوا أعمال عنف أثناء توزيع صناديق الاقتراع وبدئوا في إلقاء الحجارة…” ، وكل هذا نابع من خلفيات تاريخية حيث راكمت زنجبار تجارب سيئة في تاريخها الانتخابي المثيرة للجدل والتي تحولت في الغالب إلى أعمال عنف ففي عام 2001 لقي أكثر من 35 شخصا حتفهم تحت رحمة الرصاص الموجه أو الطائش ؟ “

“جون بومبيه ماغوفولي” الرئيس المنتخب مابين ” شرعية الشارع ” والمعارضة

“انتخابات متفردة ” هذا ما اعتقدته منذ البدء بتتبع انتخابات هذا البلد في هذه السنة ،ذالك أن الأنباء القادمة منه ربما تبشر ببروز ” ديمقراطيات شعبية بإجماع مكونات الدولة ” !! ففي نيسان / ابريل من سنة 2019 رفعت أصوات بعدم تبذير الميزانية المخصصة لإجراء الانتخابات وتحويل هذه المبالغ إلى استثمارات تنموية تعود بالنفع على البلاد والشعب ، حيث أن الرئيس الفائز يقال انه ” دون منافس ” ؟؟ لشرعيته الشعبية فخلال ولاية قدم الشئ الكثير لبلاده ، كما أن البرلمان سبق له أن عقد جلست لتمديد الفترة الانتخابية لصالحه ، إلا أن الرئيس رفض ذلك محترم ” قدسية دستور ” بلاده ورغب في الدخول للمنافسة ” بروح ديمقراطية ” تفرز عن نتائجها صناديق الاقتراع . فمن يكون الرئيس الحالي الذي أعطيت له هذه الهالة ؟

” جون بومبيه ماغوفولي ” من الكيمياء إلى السياسة

حاولنا أعلاه أن نرصد اغلب الأصداء والأصداء المضادة لما أفرزته انتخابات ” جمهورية تنزانيا الاتحادية ” الأجواء التي تنافس فيها الرئيس الفائز لولاية ثانية انه ” جون بومبيه ماغوفولي “ولد في 29 تشرين الأول /أكتوبر 1959 حاصل على الدكتوراه في الكيمياء، وشهادة العلوم التربوية تخصص الكيمياء والرياضيات والتعليم. كان مدرسا في تخصصه وبعدها عمل بأحد مصانع بلده ، انخرط في الشأن السياسي في ريعان شبابه وحقق طموحاته السياسية ووفي سنة 36 من عمره تمكن من تامين مقعده للحقائب الوزارية: وزير الشغل ووزير الأراضي والمستوطنات البشرية ووزير الأسماك والثروة الحيوانية وسنة 2015 سيترشح للانتخابات للرئاسية عن الحزب الحاكم للبلاد (حزب شاما شا مابيندوزي)، وفاز في الانتخابات في شهر تشرين الأول /أكتوبر من نفس السنة ، وبعد تسلمه لهامه الرئاسية خرج إلى الميادين ليطبق فكرة برنامجه ألانتخابي الذي لخصه في شعار : “استعادة السيادة الاقتصادية و المالية” ،و خلال سنة واحدة من وتوليه الحكم ، سحق منابع الفساد وسجن الفاسدين ” وألغى جهاز مكافحة الفساد واعتقال رئيس الجهاز ، ومسؤولين آخرين لقطاعات حيوية بالبلاد منها : السكك الحديدية والموانئ حينها قدر مبلغ الاختلاسات به إلى ما يناهز 40 مليون دولار من صافي العائدات ” مع فرض مجموعة من الاجرائات الاحترازية لوقف كل ما من شانه أن يساهم في الرفع من الموارد بإعلان حالة التقشف بكافة أرجاء البلاد ومنع الاحتفالات التي تنظمها الدولة منها احتفالات عيد الاستقلال وغيرها “وحوّل تكاليفها لمحاربة وباء الكوليرا المنتشر..”
وصار عدد الوزراء 19 عوض عن 30 وزيرا وتقليص عدد السفريات الدبلوماسية التي يقوم بها الوزراء والبرلمانيين وغيرهم من المؤولين الساميين وفي حالة السفر تكون بالدرجة الاقتصادية عوض عن الدرجة الأولى من بين الأمثلة : ” شارك في مؤتمر الكونوليت 4 مسؤولا عوض عن 50 مشاركا كما كان في السابق ” ونزع السيارات المكلفة التي كان يستعملها الوزراء وعوضت بسيارات شعبية اقتصادية مع تخفيض رواتب الوزراء بما فيه راتب الذي اعتبر ” اقل راتب يحصل عليه رئيس دولة في العصر الحديث ” …الخ .
إنها علامات تدل على أن الرئيس الفائز بالانتخابات حسب ما يمكن استنتاجه انه ذا شخصية ” كاريزماتية وطنية ” إذا جاز هذا اللقب قد خدم بلاده وشعب وان التاريخ كفيل بتقييم هذه الأعمال ووضعها في ميزان نمو بلد لا زال ينعم بتبعات سنوات الاستعمار . لقد فاز الرئيس بخمس سنوات إضافية فهل ترشح ليستمر في تطوير ميزان اقتصاد بلده ورفاهية شعبه ام انه فقط متمسك بالكرسي الرئاسي ؟ الزمن كفيل بالإجابة !!

شاركنا رأيك

بريدك الإلكتروني مؤمن ولن يتم اظهاره للعلن.