نيجيريا .. إرث قَرن من الاستعمار الإنجليزي
بعد مئة عام من الاحتلال الإنجليزي لنيجيريا، أكبر دول القارة السمراء من حيث عدد سكان، استنزف خلالها الرجل الأبيض خيرات البلاد خدمة لاقتصاده، نال النيجيريون استقلالا مثقلا بأعباء قرن كامل من الاحتلال بدين ولغة ونظام التعليم لمستعمرتهم.
نال النيجيريون استقلالهم عام 1960 بعد مئة عام من الاستعمار الإنجليزي، أما وجود الإنجليز في نيجيريا، وغرب أفريقيا على وجه العموم، فيعود إلى 400 عام، وتحديدا إلى أوائل القرن السادس عشر.
في القرن السابع عشر وطّد الانجليز وجودهم في دول غرب أفريقيا، وفي نيجيريا على وجه الخصوص، كما فعلت العديد من الدول الأوروبية الاستعمارية كهولندا، وأسسوا العديد من الشركات في المناطق الساحلية لاستيراد وتصدير البضائع.
في القرن الثامن عشر انحسرت السيطرة على أفريقيا الغربية بين الانجليز والفرنسيين، إلا أن الثورة الفرنسية وتبعاتها الداخلية أفسحت المجال لسيطرة شبه كاملة للإنجليز على غرب أفريقيا.
هدفت بريطانيا من فرض وجودها على نيجيريا إلى تعزيز التجارة المربحة آنذاك، كزيت النخيل والعاج (أنياب الفيل)؛ لذلك أنشأت موانئ على طول سواحل أفريقيا الغربية، كما استوجبت هذه التجارة السيطرة على زعماء القبائل.
مع مجيء دول استعمارية أخرى إلى غرب أفريقيا، كالفرنسيين والألمان والبلجيكيين، أراد البريطانيون ضمان سيطرتهم على نيجيريا، فأعلنوا فرض حمايتهم عليها، ثم احتلالها بشكل مباشر.
شكلت مدينة لاغوس النيجيرية المركز التجاري للمحتلين؛ لذلك كان لا بد لهم من ضمان سيطرتهم على زعيم القبيلة في هذه المدينة، وتحديدا في عام 1961. وعلى متن سفينة انجليزية أجبر ملك لاغوس، “أوبا دوسونمو”، على توقيع معاهدة آلت معها إدارة المنطقة برمتها إلى الإنجليز.
ومع سيطرة الإنجليز على مناطق واسعة من نيجيريا، أصبح هدفهم وضع يدهم على تجارة المواد الخام، وخلق أسواق جديدة لتصريف منتجاتهم.
وأد حركات التحرر
فرض الإنجليز سيطرتهم على نيجيريا عسكريا تحت غطاء اتفاقيات استراتيجية وتحالفات مع الزعماء المحليين، ليتم وأد أي عصيان أو حركة تمرد ضدهم في مهدها.
بعد الأزمة المالية العالمية في ثلاثينيات القرن الماضي وبعد الحرب العالمية الثانية، ضعف الوجود الإنجليزي في نيجيريا، لتبدأ معها حركات التحرر التي انخرطت فيها الطبقة المثقفة، ويتم رسم الخطوط الأولى لدستور جديد للبلاد عام 1949، وانخراط الثوريين في الحكومة، ثم نيل الاستقلال عام 1960.
الحركات التبشيرية
يعود النشاط التبشيري الكاثوليكي في أفريقيا إلى القرن الخامس عشر، ونشط تحديدا على يد التجار البرتغال، في وقت كان فيه الإسلام منتشرا بقوة في غرب أفريقيا.
عام 1800 فرض الإنجليز سيطرة كاملة على نيجيريا، وأبدى المبشرون البروتستانت الإنجليز رفضا لتجارة الرقيق، لينشروا مذهبهم الجديد ويؤسسوا أول مدرسة تدرس باللغة الإنجليزية في مدينة باداغري.
زاد عدد المدارس التي تعطي تعليمها باللغة الإنجليزية، لتنتشر اللغة الجديدة انتشارا كبيرا بين النيجيريين، وتكون النواة في أن تتحول الإنجليزية إلى لغة رسمية للبلاد.
بعد قدوم المبشرين البروتستانت الإنجليز قدمت موجة من المبشرين الكاثوليك من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. ولتفادي الاصطدام، قسم المبشرون من كلا المذهبين نيجيريا إلى مناطق في ما بينهم.
إلا أن حركة التبشير اصطدمت بوجود المسلمين، وخصوصا في المناطق الداخلية والشمالية من نيجيريا، الذين يعود تاريخ إسلامهم إلى القرن العاشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر/ الأناضول