التأثيرات الأفريقية على ثقفة مجتمع ساوباولو
$10.00 $8.00
التأثيرات الأفريقية على ثقفة مجتمع ساوباولو
الوصف
الكاتب/ إيمان عبد التواب ذكي
حمل الكثير من الأفارقة التي جلبتهم مراكب البرتغاليين في القرن السادس عشر إبان تجارة الرقيق إلى ولاية ساوباولو بالبرازيل من أجل العمل في تعميرها الكثير والكثير من العناصر الثقافية التي أثرت على ثقافة مجتمع ولاية ساوباولو، وعلى الرغم من اختلاف الثقافة الافريقية والبرازيلية إلا انها استطاعت فرض تأثيراتها في الكثير من أوجه الحياة، انقسمت تلك التأثيرات الثقافية ما بين ثقافة مادية ولا مادية، تمثلت تلك التأثيرات الأفريقية الثقافية المادية التي حملها الأفارقة في انتشار المسكن والجرافيتى والزى (الملبس) وأدوات المنزل والزينة والغذاء والطب الشعبي والأدوات الموسيقية والأعمال الفنية الذى يرجع أصولها إلى الأصول الافريقية المنتشرة بمجتمع ولاية ساو باولو.
ولا يعنى هذا وجود تأثيرات ثقافية أفريقية مادية فقط، ولكن يوجد الكثير من التأثيرات الثقافية الافريقية اللامادية أيضاً والتي تتمثل في انتشار بعض الديانات الأفريقية التي يعتنقها الكثير من البرازيليين إلى جانب ديانتهم الكاثوليكية وهى الديانة الرسمية للبلاد، وانتشار السحر والطقوس الأفريقية والأساطير، اما عن اللغة البرتغالية وهى اللغة الرسمية للبلاد أثرت عليها الثقافة الأفريقية وجعلتها تحتوى على الكثير من الكلمات ذات الأصول الأفريقية ،كما أثرت في الموسيقى ونجد تلك التأثيرات الثقافية اللامادية واضحة في الكثير من الاحتفالات والرقصات كالسامبا والمبادا وغيرها، وفي التراث الشعبي من عادات دورة الحياة من ميلاد وزواج ووفاة وانتشار الاعياد والمناسبات الاجتماعية ذات التأثيرات الثقافية الافريقية ، وكما هو معروف في علم الانثروبولوجيا انها تعالج الكثير من الموضوعات الهامة التي تتعلق بالثقافة وتأثيراتها على المجتمعات المختلفة، كما تناولت الباحثة دراسة التأثيرات الثقافية المتبادلة بين الأفروبرازيليين وغيرهم من سكان مجتمعات ساوباولو وكيف تأثرت الثقافة الأفريقية ببعض التأثيرات البرازيلية نتيجة التعايش والتكيف الذى حدث بين الثقافتين وأوضحت بعضاً من تلك التأثيرات المتبادلة فيما بينهما، وتتمثل تلك التأثيرات الثقافية التي أثرت على ثقافة الأفارقة بمجتمع ولاية ساوباولو في اللغة والجنسية والزواج والطلاق والملبس والمأكل والفنون والاحتفالات والرياضة والتعليم كل ما يطلق عليه التأثيرات الثقافية المتبادلة بين أفراد مجتمع ولاية ساوباولو سواء أكانت أفريقية أو برازيلية ذات أصول مختلفة.
وكما نعلم أن العديد من علماء الأنثروبولوجيا قاموا بدراسة الكثير من المجتمعات والقبائل الأفريقية في عقر دارهم والبحث في المعتقدات و العادات والتقاليد واللغة والرقصات والأكلات وكل نواحي الثقافة المختلفة المتعلقة بتلك الجماعات والشعوب من أجل التعرف على ثقافات تختلف أو تتفق مع ثقافات الدارسين الأنثروبولوجيين الأجانب الذين أتوا إلى عالم أفريقيا للبحث والنبش في أسراره ولكن الباحثة هنا تطرقت لشيء مختلف وجديد ألا وهو دراسة التأثيرات والأبعاد الثقافية الأفريقية لتلك الشعوب المستضعفة التي تمردت على ثقافة البرتغاليين الاوروبيين التي تعتبر نفسها أرقى وأسمى من الحضارات الأخرى وتنظر باستعلاء إلى الثقافات الأفريقية السوداء الذين تمردوا ثقافيا وتمسكوا بأصولهم الافريقية واعتزوا بأفريقيا وطنهم الأم وتمسكوا بالانتماء لثقافتهم التقليدية والاعتزاز بأفريقيا الوطن الأم وظهرت نتيجة لذلك الحركة المعروفة باسم الزنوجة التي تقوم على الاعتقاد بأن الزنوج في مختلف مناطق العالم المتباعدة تباعد غرب افريقيا عن أمريكا والبرازيل وتاهيتي.
وما إلى غير لك يجمعهم عامل واحد مشترك هو العنصر الأفريقي الأصل هنا ندرس مكامن القوة في الشخصية الأفريقية وكيف فرضتها على العالم”( ).
وقد استقبلت قارة أمريكا الجنوبية وتحديداً دولة البرازيل الاستوائية شبيهة المناخ بالدول الأفريقية، تلك الأرض الشاسعة اكثر من خمسة مليون أفريقي من مختلف الدول الافريقية محمولين عنوة على مراكب برتغالية عبر المحيط الأطلنطي الى بلادا غريبة عنهم ينتظرون المجهول ويموت الكثير منهم بسبب الكوليرا ويلقى منهم الكثير في مياه المحيط والجزء الأخر مات من شدة الحزن على فراق أوطانه ما يطلق علية البانزيه أي الحنين والحزن هؤلاء دفنوا في الأراضي البرازيلية، أما من عاش وصل عدده الى خمسة مليون أفريقي من مختلف الدول الأفريقية من انجولا والكونغو وموزمبيق والسودان ونيجيريا والكاميرون والجابون وغينيا الاستوائية ومدغشقر والسنغال وزامبيا وتوجو وبنين وغانا وساحل العاج وسيراليون وليبيريا كل هؤلاء رحلوا عنوة من بلادهم الى البرازيل حاملين معهم كل ثقافتهم من ديانات ومعتقدات الهة تترسخ في عقولهم وقلوبهم لم ينسوا رقصاتهم الدينية وغير الدينية أكلاتهم عاداتهم وتقاليدهم حملوها في أذهانهم وفي لغتهم الأفريقية للعمل عبيدا لدى البرتغاليين ولكن الأفريقي دائما شديد الاعتزاز بوطنه واصوله التي تميزه عن الاخرين فهو دائما وأبداً يعشق ديانته لأنه اشد شعوب العالم تدينا واكثرها تمسكاً بثقافته الافريقية.
ولم يقتصر تمسك الأفريقي بثقافته رغم الظروف غير المواتية التي تعرض لها، بل فرض ثقافته الأصلية الأفريقية على البرتغاليين وجعلهم يتقربون اليه وإلى ديانته ويمزجون بين الكاثوليكية والكاندومبلية الديانة الخاصة بقبيلة البانتو التي ترجع أصولها إلى انجولا والكونغو وموزمبيق وديانة الماكومبا والتي لها نفس خصائص وقواعد كاندومبلية التي تمارس في أفريقيا.
ومن هنا نشأت ما نطلق عليها الثقافة الأفروبرازيلية وانتشرت المراكز التي يتعبد فيها للآلهة الأفريقية ومنها الإله اوشالا إله الحرب والإله اوجوم إله الحدادين والإلهة ييمانجا إلهة الحب والبحر والمياه العذبة، والإله اوشوم إله الكون حيث يبلغ عدد الآلهة الأفريقية حوالى 400 إله يعبد منهم حوالى عشرون إله في دولة البرازيل”( ).
ولقد حاول الأفارقة التعايش مع ظروفهم الجديدة ومحاولة التكيف وجلب أطباقهم المفضلة الى الأراضي البرازيلية المرحلين إليها، جرت العادة أن يتناول البرتغاليون لحم الخنزير بصورة كبيرة وكانوا يلقون الى العبيد الأفارقة بالأجزاء لا تروق لهم من أرجل وأمعاء وأذن وذيل الخنازير واضطروا الى استخدام كل هذه الأجزاء لعمل واحد من الأطباق الذى تحول فيما بعد إلى أشهر الأطباق البرازيلية الى يومنا هذا والذى يطلق علية الفيجوادا وهو عبارة عن خليط من لحم الخنزير والأرز والفاصوليا السوداء بعدها أصبح هذا الطبق الأفريقي الذى اضطرتهم ظروف الرحيل القاسية لطهيه من أجل سد جوعهم أن يصبح واحد من أشهر الأطباق البرازيلية على الاطلاق والتي يعشقها كل البرازيل من اصول افريقية او غير أفريقية.
وانتشرت الرقصات الأفريقية والموسيقى والسحر والعادات والتقاليد الأفريقية التي تمسكوا بها ولم يتخلوا عنها والتي اُثرت بصورة كبيرة على الثقافة البرازيلية التي تبنت الكثير والكثير من ثقافة الأفارقة.
اسباب اختيار الباحثة لموضوع الدراسة:
ترجع أسباب اختيار الباحثة لموضوع الدراسة الى سببين رئيسيين :يتعلق السبب الأول باختيار تأثير ثقافة الأفارقة على ثقافة ساو باولو البرازيلية والعكس كموضوع للدراسة، ويتعلق السبب الثاني باختيار ولاية ساو باولو للدراسة الميدانية. أما السبب الأول وهو اختيار الباحثة لدراسة تأثير الثقافة الأفريقية على ثقافة ساو باولو فيرجع الى العوامل التالية:
– مجتمع ساو باولو يتحدث أفراده اللغة البرتغالية والتي تعد لغة البرازيل الرسمية والتي تجيدها الباحثة الأمر الذى ساعد الباحثة على إجراء الدراسة الميدانية، وعدم قضاء الكثير من الوقت في فهم وتعلم اللغة.
– زواج الباحثة من أحد أفراد مجتمع ساوباولو وتكرار التردد على ذلك المجتمع مراراَ وتكراراَ وسهولة التحرك في كل الولاية على الرغم من كبر مساحتها بسبب توفر السيارة الخاصة بالباحثة التي ساعدتها في التحرك وتحقيق الكثير من المقابلات، إلى جانب موقع منزل الباحثة في قلب مدينة ساو باولو وآخر في ريف ساو باولو وتحديداً في منطقة أجوائي مما يسر على الباحثة الحصول على المعلومات والاحتكاك المباشر بمجتمع البحث.
– الاهتمام الشخصي للباحثة بدراسة ومعرفة الدول التي جلب منها الأفارقة إلى البرازيل ومعرفة الأعداد التي رحلًت إلى البرازيل وتحديدا ساو باولو وتوضيح كيفية نقلهم على المراكب البرتغالية الى هناك وطريقة معاملتهم والعنصرية التي لاقوها على يد المستعمر الابيض والاعمال التي قاموا بها وكيفية تغلغل الثقافة الأفريقية داخل البرازيل.
– أهمية ولاية ساو باولو وخاصة مدينة ساو باولو كواحدة من أهم وأكبر وأثرى ولاية بالبرازيل وامريكا الجنوبية السياسية والصناعية والتجارية على الإطلاق ونظراً لاحتوائها على الكثير من الأفروبرازيليين للعمل والإقامة، والكثير من الأفروبرازيليين المهاجرين من ولايات أخرى للبحث عن فرص العمل مما يسر على الباحثة بعمل مقابلات عدة من أجل الحصول على المعلومات اللازمة والخاصة بالدراسة.
– أهمية ومكانة تأثير الثقافة الأفريقية على ولاية ساو باولو في مختلف المجالات سواء أكانت ديانات وآلهة أفريقية وعادات وطقوس ورقصات وأكلات وملبس واحتفالات وادوات زينة لا زالت تستخدم الى يومنا هذا بصورة واضحة وجليه ثقافة فرضت نفسها على الرغم من الصعوبات التي تعرض لها الأفارقة حتى استطاعوا الوصول الى الحرية والمساواة مثلهم مثل باقي سكان ساو باولو ذوى البشرة البيضاء مما أدى الى ظهور ما يطلق عليه في يومنا هذا الثقافة الأفروبرازيلية وهى نتاج تجانس وتعايش ثقافتين الافريقية والبرازيلية سويا ولكن يغلب عليها التأثر بالأفريقية وهذا ما نراه واضحا حتى في الاسم أي الثقافة الافروبرازيلية.
– وبناء على ما سبق تم اختيار ولاية ساو باولو للدراسة من الناحية الثقافية حتى نتعرف على نواحي الثقافة الافريقية المختلفة التي تظهر في سلوكهم وحياتهم ومعتقداتهم ، والعوامل التي جعلت من ثقافة الأفارقة تميزهم عن غيرهم.
– لجأت الباحثة الى السفر الى البرازيل وخاصة ولاية ساو باولو لدراسة تأثير ثقافة الأفارقة في ولاية ساو باولو والعكس، وتوضيح مدى تمسك هؤلاء الأفارقة بثقافتهم وانتمائتهم الى يومنا هذا.
ليست ولاية ساو باولو فقط التي تحتوى على سكان من اصول افريقية بل هناك ولايات اخرى بالبرازيل نجد فيها بوضوح أيضاً انتشار الأفارقة في ولايات عديدة منها ريو دى جانيرو وبائيا سلفادور ورسيفي وبالماريس ومينا جيرايس وغيرها من المدن والولايات التي تكتظ بالعديد من السكان ذات الأصول الأفريقية والتي تحتفظ الى يومنا هذا بالكثير من أوجه الثقافة الأفريقية وتأثيراتها على السكان البيض.
وبناء على هذه الاسباب والعوامل قامت الباحثة بدراسة تأثير الثقافة الأفريقية على ثقافة مجتمع ولاية ساو باولو حيث تناولت الباحثة هذا الموضوع في خمسة فصول، تناول الفصل الأول، الاطار النظري والمنهجي، أما الفصل الثاني، فقد اشتمل على مجتمع البحث، وتناول الفصل الثالث، تأثيرات الثقافة المادية الأفريقية على ثقافة مجتمع ولاية ساو باولو، وتناول الفصل الرابع، الثقافة اللامادية للأفارقة في مجتمع ساو باولو بالبرازيل، أما الفصل الخامس، ملامح من تأثيرات ثقافات ساو باولو على الأفروبرازيليين، واشتملت الدراسة على نتائج الدراسة والخاتمة وأرفقت الباحثة في الملاحق دليل العمل الميداني الذى استعانت به في اجراء الدراسة الميدانية، وبعض صور الباحثة مع بعض الاخباريين والمبحوثين الذين استعانت بهم في الدراسة الميدانية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.