دور المرأة في التنشئة الثقافية في الخرطوم
$10.00 $8.00
دور المرأة في التنشئة الثقافية في الخرطوم
الوصف
الكاتب/ د. إيناس حسام الدين عبد الخالق
الإنسان له أهمية تميزه، والإنسان في الحقيقة ليس هو الجسد فكل الكائنات الحية تمتلك هذه الصفة،لكن الإنسان يتميز بالتنشئة التي يحملها والقيم التي يعتقدها والسلوك الذي يقوم به. وتعد أهم مشكلة تواجه الأمة اليوم هي الإنسان وبناؤه بناءً متصلاً بتراثه وثقافته، متفاعلاً مع عصره وملتزماً بقضايا مجتمعه وأمته،وإذا اُهل الاٍنسان ونشأ منفصلاً عن جذوره، ضاع وأضاع من حوله، ولايتحقق التقدم والرقي بالسياسة والمال فحسب،بل يتحقق بالأساس وهو إعداد الجيل الذي يسهم في إيجاد بنية ذاتية متطورة،فأهم ما يميز أفراد مجتمع ما عن أفراد مجتمع آخر هو ثقافة ذلك المجتمع ونوع التنشئة فيه والتي تجعل منهم أشخاصاً أصحاب هوية معينة.
فعناصر الثقافة أمور يكتسبها الإنسان بالتعلم من المجتمع الذي يعيش فيه علي أعتبار أنها هي “التراث الثقافي” الذي يتراكم علي مر العصور،ولقد أعطي العلماء أهمية كبري لعنصر التعلم أو الاكتساب فالفرد يتعلم أنماط السلوك التي تسمي “ثقافة”من خلال عملية التكيف الاجتماعي ويكتسب الطفل ثقافة المجتمع الذي تربي فيه والتي تصبح من خلال مراحل نموه جزءاً لا يتجزأ من شخصيته وعن طريق التعلم والمحا كاه يترسب في شخصيه الطفل مركب ثقافي مميز من العلاقات والعادات( ).
وكل مجتمع يقوم علي العلاقات القائمة بين أفراده ،لكنه يشمل إلي جانب تلك العلاقات ثقافة المجتمع ونظمه وعاداته وتقاليده، وفي هذا الصدد يعبر”جريفتش” عن العلاقة بين الفرد والمجتمع.
“ان الفرد كامن في مجتمعه، وان المجتمع كامن في افراده”، فالعلاقات المتبادله وما تمثله او تعبر عنه من سلوك هي نابعه من المجتمع وثقافته ،فالمجتمع له دور في التنشئة الثقافية فتعلم الفرد اللغة وعقيدة مجتمعه وممارسته للفنون والأوجه الآخري للنشاط الثقافي كل ذلك يتعلمه الفرد من المجتمع، وبالتالي يمكن أن يعكس سلوك الفرد نوع الثقافة السائدة في مجتمعه، فكما قال تارد”إن المجتمع يعلم الفرد الثقافة التي تنعكس علي سلوكه( ).
وكل مجتمع يتبني انماطاً ثقافية معينه ،ومن ثم تصبح تلك الأنماط معياراً للتنشئة الاجتماعية التي يربي أعضاء المجتمع وفقاً لها وتتشكل شخصية الطفل تحت تأثير التنشئة الاجتماعية في بيئة ثقافية معينة، وعن طريق هذه العملية يتم الوفاق الاجتماعي،ويبدأ الفرد التوافق في مرحلة مبكرة من العمر وبالممارسة تصبح الحياة أكثر سهوله فيتعلم الطفل ما نطلق عليه “التوافق الثقافي” علي قدر ما يمكن أن يتكيف به من المحيط والمناخ الذي نشأ فيه( ).
وتختلف عملية التنشئة في كل مجتمع بإختلاف طبيعة الثقافة التي تسود ذلك المجتمع، وتعد الأم هي الحلقة الأولي في الوجود كله علي مستوي الكائنات الحية،وفي النوع الإنساني التي يقع علي عاتقها الدور الأكبر في مهمة التنشئة الثقافية، ولم يكن نابليون مخطئاً حين قال (ان اليد التي تهز السرير هي التي تهز العالم) لهذا يعد موضوع المرأة من الموضوعات التي استهدفتها دراسات وبحوث كثيرة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عام 1975 العام الدولي للمرأة، ورغم هذا الاهتمام إلا أن المرأة في المجتمعات الأفريقية ما تزال أسيرة النظرة التقليدية ودورها التابع للرجل( ).
لقد ارست الموروثات الثقافية السائدة صورة نمطية عن المرأة شكلها العديد من المتغيرات، من بينها أساليب التنشئة ،ويلعب أسلوب التنشئة الأسرية دوراً كبيراًوهو الذي يتولاه بشكل أساسي الآباء الذين يرثون عادات وتقاليد مجتمعاتهم التي يعيشون فيها،مشكلين ضغوطاً حضارية يمارسونها علي أبنائهم عن طريق تدعيم اتجاهات بعينها مقبولة في إطار المجتمع الذي يعيشون فيه، مع استبعاد آخرى ليس لها نفس الدرجة من التقبل والشيوع داخل تلك المجتمعات.
ولأننا نعيش في مجتمعات يطلق عليها المجتمعات الذكورية تلك التي تعطي للطفل الذكر وتُحيطه بمميزات لا تحصل عليها الطفلة الأنثي، لذا ينتقل الاتجاه إلي معاملة الفتاة عبر أفراد الأسرة،وبالتالي إلي أفراد المجتمع،فتعامل علي أنها النوع الأضعف والأقل قدرة والأدني مكانة، ويسود ذلك المنحني الفكري لدي العامة( ).
ومن خلال عملية التنشئة يرسم المجتمع للمرأة صورة نمطية يصعب الخروج من اسرها، مستخدماً في ذلك أساليب التدعيم المباشرة، كأسلوب القبول الاجتماعي الذي يعمل علي إثابه اتساق المرأة مع القالب النمطي السائد، أو اسلوب الاستهجان الاجتماعي الذي يعمل علي استنفار السلوك الذي يتعارض مع الدور المرسوم ويؤكد حصر المرأة في أدوار محددة لا تخرج عنها تتم عادة داخل البيت وليس خارجة( )، فيتم التاكيد علي دورها التقليدي لكي تصبح قادرة علي القيام بأدوارها داخل البيت كزوجة وأم ….الخ وباقي الأدوار فهي من اختصاص الرجال، ومن هنا يتشكل منذ البداية الدوران المختلفان اللذان فرضهما المجتمع علي كل من المرأة والرجل( ).
ولقد قام علماء الآنثروبولوجيا المهتمون بالمجتمعات القبلية الأفريقيةعلي تقسيم هذه المجتمعات إلي مجالين منفصلين اختص كل من الرجال والنساء بمجال منهما، فالمجال الخاص هو المجال الخاص بالمرأة وينحصر في الدائرة المنزلية وما يرتبط بها من أنشطة تقليدية مرتبطة بالمرأة في كل المجتمعات البشرية مثل تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية …..الخ أما المجال العام فهو المجال المرتبط بالرجل ومن ثم بكل ما يتعلق بالأنشطة لأقتصادية والسياسية والدينية أي بكل ما يتعلق بالحياة العامة، واتفق علماء الأنثروبولوجيا علي وجود هذين المجالين كسمة عامة في المجتمعات الإنسانية وكذلك اتفقوا ايضاً علي وجود حدود ودرجات انفصال أو اتصال بين كل من هذين المجالين،والتأثير المتبادل والتفاعل بينهما ،وهو ما ينتج الخصوصية الثقافية التي تختلف في جزئيتها وتفصيلاتها من مجتمع إلي أخر( ).
وتعد هذه الدراسة محاولة لإلقاء الضوء علي دور المرأة في التنشئة الثقافية في مجتمع الخرطوم بحري حيث التعددية القبيلية ،في مجتمع بدأ ياخذ الصبغة الحضرية، مما يثري الدراسة من دراسة وتحليل بعض أدوار دورة حياة المرأة وأسلوب ممارستها لهذه الأدوار في عملية التنشئة الثقافية والمتغيرات التي قد تؤثر في تلك العملية سواء بالإيجاب أو بالسلب.
والوضع الراهن للسودان سواء السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي يجعل الدراسات الأنثروبولوجية الجديدة في شتي المجالات أمراً ضرورياً، ليس فقط علي المستوي الأكاديمي بل وعلي المستوي التطبيقي أيضاً فالوضع لا يسمح بالدراسة من أجل الدراسة والبحث العلمي فقط، وإنما لتسخير الخبرة العلمية للوصول إلي الحقائق والوقائع الفعلية التي تمكن المسؤلين و أولي الأمر من معرفة و إدراك الواقع وصناعة واتخاذ القرارات المناسبة لهذا الواقع( ).
تخضع المرأة في مجتمع الخرطوم بحري للثقافة السائدة ككل المجتمعات التقليدية التي تلزم المرأة بمجموعة من الأدوار ينبثق عنها بعض المهام والمسئوليات التي تدور حول رعاية أفراد الأسرة وعملية التنشئة الثقافية ،تلك العملية التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل إلي جيل، والطريقة التي يتم بها تشكيل الأفراد منذ طفولتهم حتي يمكنهم المعيشة في مجتمع ذي ثقافة معينة، ويدخل ذلك ما يلقنه الآباء، والمجتمع والأفراد من لغة ودين وعادات وتقاليد وقيم ومهارات …الخ، فالمرأة هي المعبر الناقل لثقافة المجتمع للأجيال .
ومشاركة المرأة في التنشئة الثقافية والتي تشمل مجالات يمكن وصفها بأنها مجالات أساسية للثقافة، تللك الأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحفاظ علي التماسك الاجتماعي والأسري، فالمرأة هي حاملة التراث الثقا في بعنصري الثقافة مادية أو غير مادية، كذلك يقع علي عاتقها دمج تلك الثقافة مع التقنيات الجديدة للتكيف مع الظروف المعاصرة.
وقد اتجهت هذه الدراسة إلي عرض أدوار المرأة في مجتمع الدراسة (الخرطوم بحري) في ضوء ثقافة المجتمع من خلال عادات دورة الحياة وأثر تلك الثقافة علي دور المرأة في عملية التنشئة الثقافية ووسائل وأساليب المرأة لممارستها لتلك العملية للتوصل للمكانة الفعلية للمرأة في مجتمع الدراسة والمتغيرات التي تؤثرومن تلك المتغيرات نوع الأسرة إذا كانت نواة أو ممتدة، وكذلك الحالة التعليمية للمرأة ،الحالة الاجتماعية للمراة ، عمل المراة من دونه، نوع الطفل في عملية التنشئة سواء بالإيجاب أو بالسلب.
وتنقسم الدراسة إلي ستة فصول:-
الفصل الأول: الإطار النظري والمنهجي.
الفصل الثاني: مجتمع الدراسة.
الفصل الثالث: دور المرأة خلال دورة الحياة في التنشئة الثقافية.
وينقسم إلي جزئين:
أولاً: اتجاهات وأهمية وأساليب ووسائط التنشئة الثقافية.
ثانياً: دور المرأة فيالتنشئة الثقافية في مرحلة الميلاد حتي سن السادسة.
الفصل الرابع: دور المرأة في التنشئة الثقافية في مرحلة المراهقة
الفصل الخامس: دورالمرأة في التنشئة الثقافية في مرحلة الزواج
ثم عرض لنتائج الدراسة
ثم دراسات الحالة
ثم الملاحق
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.