الدور الجديد للسياسة الخارجية العراقية
لقد حرص العراق بعد عام ٢٠٠٣ على إتباع سياسة خارجية مختلفة عما كانت عليه في عهد النظام السابق، فلقد فرضت تلك السياسات عزلة السياسة الخارجية العراقية عن محيطها الخارجي وتسببت في قطيعة مع المجتمع الدولي مما ادى الى تقييد حركتها ونشاطها الخارجي، ولكن بعد ما حدث في عام ٢٠٠٣،انطلقت السياسة الخارجية بتوجهات جديدة تستند على مجموعة من الثوابت الوطنية التي شكلت اساس تحركاتها ونشاطاتها في الخارج، فأشار الدستور العراقي الدائم لعام ٢٠٠٥ الى آليات التعامل الخارجي العراقي. ومن اهم منطلقات السياسة الخارجية العراقية :
١التأكيد على إستقلالية القرار الخارجي العراقي. ٢العمل بشكل دائم على علوية مصالح العراق .
٣رفض الصراعات وإعتماد الوسائل الدبلوماسية في تسوية الخلافات بين الدول. ٤الإبتعاد عن سياسة المحاور.
٥_عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعمل على إقامة علاقات حسن جوار.فقد نص الدستور العراقي في المادة الثامنة منه على: (يراعي العراق مبدأ حسن الجوار ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة، والتعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية)، ولقد حرص العراق على تغيير صورته في المجتمع الدولي من دولة تختلق المشاكل الى دولة محبة للسلام وتدعو الى التعامل الدولي على اساس التقيد التام بالمبادى العامة للأمم المتحدة والتي تنظم العلاقات بين الدول، فاصبحت مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وإحترام خصوصية الدول من المبادئ الاساسية لسياسة العراق الخارجية، واضحت تلك الثوابت المسار الذي تنطلق منه السياسة الخارجية في محيطها الإقليمي والدولي.
لذا كانت السياسة الخارجية العراقية بحاجة ماسة الى معالجة الآثار التي خلفتها سياسات النظام السابق من تشوهات صاحبت سلوك الدولة فيما يخص النشاط الخارجي الماضي لها، والعمل على تقديم صورة جديدة تختلف بشكل جذري عن المرحلة التي سبقت عام ٢٠٠٣، فأصبح الهدف الاسمى يتلخص بمحو الصورة السلبية للعراق كونه مُهدداً للسلم والأمن الدوليين الى صورة إيجابية تعمل من خلالها السياسة الخارجية على إنتهاج فكر جديد يهدف الى نشر السلام وإقامة افضل العلاقات مع الآخرين من منطلق الإحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير.
لقد إنتهجت السياسة الخارجية العراقية نهجاً منفتحاً في إقامة العلاقات على اساس تحقيق اهداف العراق اولاً على الرغم من الأزمات التي تعيشها منطقتنا، ودخول الدول في محاور تتبع هذا الطرف او ذاك.
إن السياسة الخارجية تقوم على اساس المرتكز الوطني الثابت والمتغير الإقليمي، فدائرة المصالح المشتركة تبقى الاوسع والاشمل في إقامة العلاقات، وتقوم تلك المصالح على اساس الجوار الجغرافي والتأريخي الذي يربطنا معهم، والمصالح الحيوية وحركة التبادل التجاري، وهي عوامل تؤسس لقيام اوثق العلاقات من تلك الناحية والإبتعاد عن سياسات إقامة التحالفات في إطار إقليمي ونبذ المحاور والإصطفاف في المنطقة التي تعاني إختلافاً شديداً بين اقطابها مما ينعكس بصورة سلبية على تحقيق الأهداف العليا للعراق.
ويرتبط السلوك السياسي للدولة بدورها السياسي في التفاعلات بقصد تحقيق اهدافها الخارجية، وهذا بدوره يرتبط بجملة عوامل ومحددات، كالقيم السائدة بين افراد المجتمع وقدرات الدولة العسكرية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وغيرها، وعليه يمكن ان نؤشر هنا بإن الدور الإقليمي الأفضل للعراق هو المستقل النشيط، إذ ترتبط قرارات السياسة الخارجية بمدى قدرتها على تحقيق اهداف البلد العليا وذلك عبر تقديم برنامج مكثف لتنويع العلاقات مع الجميع، وهذا يتطلب دبلوماسية نشطة لتوفير الدعم الدولي والإقليمي من اجل مساعدة العراق في إعادة إعمار المدن المحررة من تنظيم داعش الإرهابي فضلاً عن جلب رؤوس الأموال والإستثمارات الأجنبية الى العراق ، وهذا ما نشهده حالياً من حراك سياسي خارجي نشيط يركّز على بذل كل الجهود من اجل تحقيق هذا الهدف.